نقص الكهرباء يترك الصناعة الإيرانية في حالة فوضى

الخسائر اليومية للاقتصاد جراء الوضع القائم تقدر بنحو 250 مليون دولار.
الاثنين 2025/01/20
لا كهرباء لديكم. ماذا عن شبكة الاتصالات؟

يراقب المحللون وقطاع الصناعة التأثيرات الكبيرة التي تسببها أزمة انقطاع الكهرباء في إيران على نشاط المعامل المختلفة، والتي تعاني أصلا من قسوة العقوبات الأميركية منذ أعوام، وسط غياب حلول حكومية لإنقاذ قطاع يعد مساهما رئيسيا في الاقتصاد.

طهران - ايش رجل الأعمال الإيراني أمين ساميبور انقطاع التيار الكهربائي خلال حياته المهنية التي استمرت ثلاثة عقود، ومع ذلك لا يستطيع أن يتذكر وقتا أسوأ مما يمر به الوضع اليوم والذي شل حركة مصنع أدوات المطبخ الخاص به.

ويؤكد ساميبور أنه أمر مرعب أن تنقطع الكهرباء أثناء ساعات العمل، “مما يترك موظفيك عاطلين عن العمل.” وقال لوكالة بلومبيرغ “الوضع الحالي في حالته الأكثر كارثية، ولن يزداد إلا سوءا في المستقبل القريب.”

ومنذ نوفمبر الماضي، حُرم المنتجون من الكهرباء لمدة تصل إلى يومين أسبوعيا مع تعثر الشبكة القديمة تحت وطأة العقوبات الدولية ونقص الاستثمار الأجنبي.

وتستعد الحكومة لطريق أصعب في المستقبل، مع تعهد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بممارسة أقصى قدر من الضغط وإعداد حزمة عقوبات جديدة تستهدف صناعة النفط.

وتعد سلسلة انقطاع التيار الكهربائي هي الأسوأ في إيران منذ عقود وقد ضربت قطاعات كبيرة من الاقتصاد، مما أدى إلى عرقلة الصناعات الرئيسية ودفع دولة غنية بموارد الطاقة إلى أزمة أكبر.

وتعاني الشركات الصناعية بالفعل من مزيج من العقوبات، والتضخم بنسبة 30 في المئة، والعملة الفاشلة.

ولا يبدو عبدالكريم معصومي، الذي يدير شركة سورين للكيماويات الموردة، متفائلا بشأن المستقبل في ظل هذا المسار. وقال “لقد فكرت جديا في تقليص حجم أعمالي، بل وحتى إغلاق أعمالي عدة مرات.”

دانيال رحمت: أزمة الطاقة جزء من انهيار اقتصادي أوسع يشبه الدومينو
دانيال رحمت: أزمة الطاقة جزء من انهيار اقتصادي أوسع يشبه الدومينو

وما هو على المحك بالنسبة للبلد العضو في أوبك ليس فقط بقاء منتجي الطاقة والصلب والسيارات، بل وأيضا النظام الديني القابع في الحكم منذ ثورة 1979.

وواجه رجال الدين الحاكمون في السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة من عدم الشعبية، ويتفاقم هذا الضعف بسبب نفوذهم الإقليمي المتناقص بسرعة وسط حروب إسرائيل في غزة ولبنان، وتغيير النظام في سوريا.

وحتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، لا يزال الصراع المباشر مع إسرائيل احتمالا قائما. وإذا تعرضت إيران لضربة عسكرية على أجزاء حيوية من شبكتها أو منشآتها النووية أو غيرها من البنية الأساسية الرئيسية، فإن العقوبات ستعيق تعافيها.

وتقدر غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة في إيران أن انقطاع التيار الكهربائي يكلف الاقتصاد نحو 250 مليون دولار يوميا.

وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تديرها الدولة أن 40 في المئة من طاقة صناعة الصلب غير مستخدمة، وإمدادات الغاز إلى ما لا يقل عن 10 مصانع للبتروكيماويات متوقفة، وانخفضت تدفقات الغاز إلى قطاع الإسمنت بنسبة 80 في المئة. وقال ساميبور “الوضع هو الأسوأ الذي رأيته في السنوات الخمس والعشرين الماضية.”

وانخفض مؤشر مديري المشتريات لمدة 9 أشهر متتالية، وفقا للأرقام التي نشرتها غرفة التجارة الإيرانية. وربطت هذه الانخفاضات بانقطاع الكهرباء.

وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ينخفض النمو النسبي في الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف من الآن إلى عام 2027، وفقا للبنك الدولي. ومن المتوقع أيضا أن ينخفض نمو الصادرات.

ويقول دانيال رحمت، وهو محلل مستقل في قطاع الطاقة مقيم في طهران، إن أزمة الطاقة في إيران هي جزء من انهيار اقتصادي أوسع نطاقا يشبه الدومينو، حيث تؤدي الإخفاقات في قطاع واحد إلى إحداث تأثيرات متتالية في قطاعات أخرى.

وتضاعف استهلاك الكهرباء أكثر من الضعف منذ عام 2005، ويزعم البعض أن إعانات الغاز الضخمة تشجع العادات المسرفة مثل تشغيل مكيفات الهواء والنوافذ مفتوحة.

وفي الوقت نفسه، لم تواكب القدرة الجديدة على توليد الكهرباء هذا النمو لأن المستثمرين الأجانب المحتملين يريدون تجنب الوقوع في فخ القيود الأميركية.

وحذر وزير الطاقة عباس علي آبادي هذا الشهر من أن العجز في الكهرباء من المرجح أن يرتفع إلى 25 ألف ميغاواط بحلول منتصف العام الحالي من 20 ألف ميغاواط في الصيف الماضي.

مؤشرات سلبية عن قطاع الصناعة

  • 80 في المئة نسبة انخفاض تدفق الغاز إلى مصانع الإسمنت
  • 40 في المئة من طاقة صناعة الصلب غير مستخدمة
  • 10 مصانع للبتروكيماويات متوقفة لعدم حصولها على الغاز

وقال علي آبادي للمشرعين في الخامس من يناير إن “الحقيقة هي أن هناك اختلالات في الطاقة، وتنويع الإنتاج هو بالتأكيد من خططنا، لكنه يتطلب الوقت.”

وأشار إلى أن الحكومة لديها 14 مشروعا قصير الأجل مخططا للصيف، بما في ذلك العمل على وحدات الوقود النفطي، وتخفيف القيود على الشبكة وزيادة قدرة الطاقة المتجددة. ولم يذكر الوزير سعرا.

وتمتلك إيران ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم لكنها تكافح لاستغلالها. وقال رضا باديدار، نائب رئيس اتحاد صناعة النفط، إن البلاد تواجه عجزا في هذا المورد لا يقل عن 200 مليون متر مكعب يوميا. وهذا يعادل تقريبا متوسط الاستهلاك اليومي في ألمانيا.

وأضاف باديدار “لقد كانت الاستجابة للعقوبات الدولية غير المسبوقة غير كافية وباتت الطاقة، التي كانت ذات يوم محركا للنمو الاقتصادي، حاجزا.”

واستغرقت مرحلة رئيسية من حقل جنوب بارس الضخم 18 عاما حتى اكتملت بسبب المشاحنات المالية وجولات متعددة من العقوبات القوية على نحو متزايد.

وبذلت شركة توتال إنيرجيز الفرنسية محاولتين للمساعدة في تطوير الموقع قبل الانسحاب، تاركة شركة محلية لإكمال المهمة من خلال أخذ منصة مستعملة من منطقة أخرى من الحقل.

ومصادر الطاقة المتجددة غير موجودة تقريبا. فوفقا لما أوردته وكالة أنباء شانا الحكومية الأسبوع الماضي، فإن أكثر من 92 في المئة من إمدادات الطاقة في إيران تأتي من النفط والغاز، مقارنة بنحو 60 في المئة على مستوى العالم.

وتعمل محطة نووية بقوة ألف ميغاواط في بوشهر الساحلية، ومن المتوقع أن تنتج محطة أخرى قيد الإنشاء في مقاطعة خوزستان 300 ميغاواط يوميا.

وكان الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2015 مع الولايات المتحدة يهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى درجة صنع الأسلحة. وفي المقابل، تم تخفيف العقوبات.

لكن ترامب انسحب من ذلك في عام 2018، قائلا إنه “لم يكن شاملا بما فيه الكفاية”، وأعاد فرض العقوبات على الطاقة والشحن والخدمات المصرفية.

ومنذ ذلك الحين، ضعف الريال الإيراني بشكل كبير مقابل الدولار، وخسر حوالي 90 في المئة من قيمته في السوق المفتوحة غير المنظمة.

10