نقاش في ليبيا على تغيير منصب الرئيس بالمجلس الرئاسي قبل تحديد موعد الانتخابات

يهتمّ الفاعلون في المشهد السياسي الليبي بمناقشة استبدال منصب الرئيس بالمجلس الرئاسي، في وقت تطرح فيه عدّة قضايا عاجلة في البلاد، أبرزها تحديد موعد الانتخابات وانحدار قيمة الدينار الليبي الذي أثر على الجانبين الاجتماعي والمالي.
طرابلس - تنشغل الأطراف السياسية في ليبيا هذه الأيام بمناقشة تغيير منصب الرئيس بالمجلس الرئاسي، وذلك قبل الاتفاق على تحديد موعد الانتخابات التي طال انتظارها في البلاد. ويقول متابعون للشأن الليبي، إن ملف الانتخابات في البلاد ما زال أساسا معلقا، كما أنه من غير المنطقي أن يتم في هذا التوقيت مناقشة تفصيل استبدال المنصب بآخر قبل الاتفاق على موعد محدد لإجراء الانتخابات.
وأكد المجلس الرئاسي في ليبيا، الأحد، انطلاق فعاليات لقاء الحوار الوطني، لمناقشة المبادرة السياسية التي تقدم بها عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، وتنص على انتخاب مجلس رئاسي في ليبيا بدلا من انتخاب شخص الرئيس فقط، كما سيتم تنافس المرشحين ضمن قوائم رئاسية، مع تحديد واضح للصلاحيات المشتركة بين أعضاء المجلس، والصلاحيات الممنوحة للرئيس.
وأفاد المجلس الرئاسي في بيان له، أن اللقاء الحواري انطلق بمشاركة عدد من رؤساء الأحزاب والتكتلات والتيارات السياسية في البلاد؛ كما استعرضت الأطراف المجتمعة آفاق تنفيذ المبادرة “ضمن مسار شامل لاستعادة ملكية المشروعية الوطنية، ومعالجة مظاهر الانسداد السياسي الذي يعيشه المشهد الليبي.”
وتنصّ المبادرة على “إدراج انتخاب المجلس الرئاسي ضمن القاعدة الدستورية التي تنظم الانتخابات، حيث يتنافس المرشحون ضمن قوائم رئاسية، مع تحديد واضح للصلاحيات المشتركة بين أعضاء المجلس، والصلاحيات الممنوحة للرئيس.”
كما تنص على أن يجرى تقسيم البلاد إلى 13 محافظة وفق الدوائر الانتخابية، أو حسب ما يجرى الاتفاق عليه لاحقًا، على أن يجري توزيع الموازنة بالتساوي بين هذه المحافظات “التي ستجرى إدارتها وفق نظام لا مركزي يمنحها صلاحيات كاملة.” ويعتبر عبدالله اللافي أنه “بهذه الآلية، تتحقق الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، مما يعزز قدرة مؤسسة الرئاسة على استعادة سيادة الدولة الليبية.”
◙ عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي يعتبر أنه بهذه الآلية تتحقق الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية
ويشدد اللافي في مبادرته على ضرورة تقليص هيكلية الحكومة المركزية، وتحديد صلاحياتها وتمويلها بشكل محدود، وذلك لـ”ضمان التحرر من قبضة المركزية وأعبائها، والسماح للمحافظات بإدارة شؤونها بكفاءة واستقلالية أكبر.” وتقترح المبادرة تقليص هيكلية الحكومة المركزية، مع تحديد صلاحياتها وتمويلها بشكل محدود، وذلك لضمان التحرر من قبضة المركزية وأعبائها، والسماح للمحافظات بإدارة شؤونها بكفاءة واستقلالية أكبر.
وبخصوص الحكم المحلي، فقد اقترحت المبادرة أن “يتم تقسيم البلاد إلى ثلاث عشرة محافظة، وفق الدوائر الانتخابية أو حسب ما يتم الاتفاق عليه لاحقًا، على أن يتم توزيع الميزانية بالتساوي بين هذه المحافظات، التي ستتم إدارتها وفق نظام لا مركزي يمنحها صلاحيات كاملة.”
وترى المبادرة أنه “يتم تقليص هيكلية الحكومة المركزية، مع تحديد صلاحياتها وتمويلها بشكل محدود، وذلك لضمان التحرر من قبضة المركزية وأعبائها، والسماح للمحافظات بإدارة شؤونها بكفاءة واستقلالية أكبر.”
وتتساءل الأوساط الشعبية والسياسية في البلاد، حول الهدف من طرح نقاش تغيير منصب الرئيس بالمجلس الرئاسي في هذا الوقت الذي تشهد فيه ليبيا نقاشات أكثر أهمية من هذا النقاش، مثل تخفيض قيمة الدينار وانعكاسها على الوضع المعيشي لليبيين. وأدت الأزمة المالية في ليبيا إلى تعميق حالة الانقسام السياسي، كما فتح قرار مصرف ليبيا المركزي خفض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، الباب أمام السجال الحاد وتبادل الاتهامات بين الفرقاء الأساسيين والحكومتين المتنافستين على حكم البلاد.
ويسعى كل طرف إلى تحميل الطرف المقابل مسؤولية الوضع المتردي الذي أصبحت عليه المالية العامة في البلد الثري الغارق في مستنقع أزمته المتفاقمة منذ 14 عاما. وقال المجلس الرئاسي في بيان الاثنين، إن الإنفاق المزدوج خلق وضعا ماليا واقتصاديا غير مسبوق تصعب إدارته بالأدوات المتاحة، مشاطرا المصرف المركزي في تشخيصه حالة الإنفاق.
وبحسب مراقبين، فإن مبادرة اللافي والدعوة إلى جلسات الحوار، تشيران إلى وجود محاولة جديدة لتشكيل تصور جديد للتشاور بين الفرقاء الليبيين بمعزل عن جهود البعثة الأممية التي كانت وراء أغلب ملتقيات الحوار الليبي السابقة، وتشرف حاليا على حوار من داخل لجنة العشرين الاستشارية.
◙ مبادرة اللافي والدعوة إلى جلسات الحوار تشيران إلى وجود تصور جديد للتشاور بين الفرقاء الليبيين بمعزل عن جهود البعثة الأممية
وجاءت مبادرة اللافي في ظل استمرار الجدل الحاد حول مبادرة أطلقها عضو المجلس الرئاسي عن إقليم فزان موسى الكوني وطرح من خلالها العودة إلى نظام الأقاليم التاريخية الثلاثة التي كانت معتمدة مع تأسيس دولة الاستقلال في العام 1951 قبل التخلي عنها في العام 1963، بعد تعديلات دستورية يقول الكثيرون إنها تمت تحت ضغط القوى الخارجية والشركات متعددة الجنسيات على إثر اكتشاف النفط في ليبيا.
والسبت، دعا ملتقى الأحزاب السياسية المنعقد في طرابلس، اللجنة الاستشارية المشكلة من بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا إلى تحديد مدة المرحلة المؤقتة للاتفاق السياسي بوضوح دون فسح المجال لأي تمديد، مشددة على ضرورة تعديل الإعلان الدستوري.
وأضاف بيان صادر عن الملتقى الذي عقد بحضور 88 حزبًا ضمن 8 تكتلات حزبية أن اللجنة عليها إعداد مسودة اتفاق سياسي شامل “يعالج جذور الأزمة، ويضع خارطة طريق بما يكفل التنفيذ ويضمن استدامة الاستقرار مع تفادي الثغرات التي شابت الاتفاقات السابقة، وكذلك مراعاة الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية في أقرب وقت ممكن دون اعتماد إحداهما على الأخرى.”
وشدد المجتمعون على ضرورة أن تكثف اللجنة الاستشارية اجتماعاتها وتسريع إنجاز المهام الموكلة إليها في أسرع وقت ممكن “تماشيا مع خطورة المرحلة وتفاديا لزيادة تعقيد المشهد السياسي الراهن وتدهوره.”
ووفق قرار مجلس الأمن رقم 2755، أوكلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في شهر فبراير الماضي للجنة الاستشارية مهمة النظر في الإطار الانتخابي الحالي، وتقديم خيارات لمعالجة القضايا الخلافية الجوهرية التي تحول دون إجراء الانتخابات الوطنية ضمن مهلة زمنية محدودة. ولا تعد اللجنة الاستشارية هيئةً لصنع القرار، أو منتدى للحوار السياسي.
وتدير ليبيا حكومتان، مقر الأولى في العاصمة طرابلس ويرأسها عبدالحميد الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، بينما تتمركز الحكومة الثانية برئاسة أسامة حماد في الشرق، ويساندها البرلمان وقائد الجيش الوطني الليبي الجنرال خليفة حفتر.