نقاد وأدباء سعوديون: رقمنة أدب الطفل لها سلبياتها ومخاطرها

الكثيرون يرون أن من أصعب أنواع الكتابات، تلك التي تكون موجهة بالدرجة الأولى للطفل.
الثلاثاء 2022/01/18
الطفل الرهان الأول للأدب

الرياض – عقدت هيئة الأدب والنشر والترجمة لقاء مفتوحا بحضور الرئيس التنفيذي للهيئة محمد حسن علوان تحت عنوان “أدب الطفل”، شارك فيه مجموعة من الكتاب والمتخصصين في هذا النوع من الأدب.

وأكد علوان أن هذا اللقاء يعد جزءا من اللقاءات الافتراضية المفتوحة التي تنظمها الهيئة؛ من أجل تعزيز التواصل مع جميع المهتمين بمجالات الأدب والنشر والترجمة، لرفع مستوى ما يقدم من خلال مشاركة الآراء والمقترحات والتجارب الخاصة.

وشهد اللقاء الذي أدارته الدكتورة ريما الهنيني مناقشة واسعة من قبل المشاركين الذين تناولوا محاور متعددة شملت رقمنة أدب الطفل وتأثيره على جذب الطفل للقراءة، وأبرز الصعوبات التي تواجه كتاب الطفل، وتطور الفهم القرائي عند الطفل وتصنيف كتب الأطفال، وأشكال نشر الكتاب ومواكبته لوسائل التلقي عند الطفل، وأخيرا تطرق اللقاء إلى الحديث عن الكتابة إلى اليافعين والمصاعب التي تواجه هذا النوع الأدبي.

وأدب الطفل هو نشاط مواز للعملية التعليمية، حيث يدعمها ويحفز الطفل على الدراسة وبناء شخصيته. إن ممارسة الكتابة في هذا النوع من الأدب تحتاج تأملا طويلا واختيارا مناسبا للنص في كل أنواعه، لكن الكاتب المتخصص عندنا قليل ولكنه موجود.

والكثيرون يرون أن من أصعب أنواع الكتابات، تلك التي تكون موجهة بالدرجة الأولى للطفل ولذا ناقش اللقاء أساسيات الكتابة للأطفال والناشئة، حيث ركز على المعايير الخاصة للكتابة الموجهة لهذه الفئة وتضمينها بحزمة من القضايا المهمة والتقنيات الحديثة المتبعة في مجالات الكتابة الإبداعية.

واتفق أغلب المشاركين على أن رقمنة أدب الطفل رغم الإيجابيات الكثيرة لها، إلا أن أكبر سلبياتها تتمثل بكثرة المشتتات فيها، والتي قد تتسبب في أن يفقد الطفل التركيز على الموضوع أو القصة التي يتناولها، وتحوله إلى لعبة ما أو مقطع فيديو متواجد في الجهاز، بعكس ما يوفره الكتاب المطبوع من تجربة هادئة للاستفادة من المحتوى المكتوب.

وأكدوا أن تقديم المحتوى الرقمي يجب أن يتلاءم مع متطلبات العصر التي يبحث عنها الطفل، من خلال تضمينه قصصا مرئية جاذبة، تدخل في الأحداث بشكل سريع، بعكس القصص القديمة التي تقوم على السرد البطيء، والذي دائما ما يقدم الحلول على لسان كبار السن والحكماء، في الوقت الذي يفترض فيه تجسيد النجاح على شخوص الأطفال، لتشجيعهم على التفكير والنظر للتجارب حولهم بمنظورهم الخاص البعيد عن الوصاية.

☚ هيئة الأدب والنشر والترجمة تناولت في لقاء مفتوح تحديات أدب الأطفال واليافعين في سبيل النهوض به

ومن ناحية أخرى كان هناك إجماع على أن كتب الأطفال تمنح أساسا صلبا للقيم السامية التي تبنى عليها الحياة، وتزيد الوعي بفهم كل حالات الإنسان ومن ثم الانفتاح على رؤية أوسع للكون والإنسانية، وتتكيف حسب الزمان والمكان وتمنح إحساسا بالحياة الإنسانية المشتركة، وتعرف الطفل الصغير بالإنسان الحقيقي، وتوجد في ذهنه عوالم متكاملة للخيال والأفكار.

وتعتبر الكتب الخاصة بالأطفال جسورا لنقل الحياة بكل جوانبها المختلفة للأطفال، فمن خلال المؤلفات والقصص الموجهة لهم يستطيع الأطفال فهم الحياة وفهم أنفسهم ومجتمعاتهم، كما تغرس في نفوسهم حب الحكمة والتوق إلى المناقب الإنسانية، إضافة إلى اكتساب الأطفال من خلالها أفكارهم حول الحرية والعدالة والشجاعة والكرامة والحب والجمال والمجد وغيرها من القيم العليا التي يجدونها في أبطال القصص والكلاسيكيات.

وأشار المشاركون إلى أن أكبر مشكلة تواجه كتاب أدب الطفل تتمثل في عدم توفر دور النشر التي تساعدهم في نشر محتواهم بعيدا عن المنظور التجاري الصرف الذي تسبب في ركون الكثير من أصحاب التجارب وانزوائهم على أنفسهم.

وتخللت اللقاء مناقشة “أدب اليافعين” وما يتطلبه من مراعاة لمرحلتهم الخاصة التي تمتد من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة وقد تتجاوزها، تماما مثل فهم ما يحتاجه أدب الطفل، مؤكدين ضرورة أن يلم العاملون في المجال بالاحتياجات والاهتمامات لهذين الجيلين حسب مفاهيم العصر الحالي، مطالبين بإشراكهم في عملية تحكيم المسابقات الخاصة بأدب الطفل واليافعين، وعدم اقتصار اللجان على الكبار والأدباء الذين قد يمارسون الوصاية على ما هو مكتوب أكثر من العيش في تجربة القصة وما تحمله من متعة ومعلومة.

وطالبوا بأن يتم توفير دورات متخصصة للعاملين في مجالات الكتابة والرسم للأطفال واليافعين، لضمان استمرار جودة ما يقدم، وأيضا للبحث عن أصحاب المواهب الذين يتطلعون لفرص تتيح لهم تطوير مهاراتهم وقدراتهم وتفتح لهم آفاق النجاح في هذا المجال المهم، لبناء أجيال متقدة الذكاء ومنفتحة على الثقافة والأدب.

وجدير بالذكر أن الهيئة تستعد لتنظيم اللقاء الرابع من سلسلة لقاءاتها المفتوحة مع مجتمع الأدب والنشر والترجمة بالمملكة الأحد الثلاثين من يناير، والذي سيأتي بعنوان “التطوع في الترجمة”، والذي يمكن للراغبين في حضوره التسجيل عن طريق الرابط الإلكتروني.

14