نفط كركوك لغم آخر في مسار العلاقات المتوترة بين حكومة كردستان والحكومة العراقية

حكومة كردستان تتهم الحكومة العراقية بالاستعداد للاستحواذ على النفط والغاز في الأراضي التي يطالب بها بشكل مشروع شعب كردستان.
الثلاثاء 2025/01/14
وقود سريع الاشتعال لمعركة قادمة

كركوك (العراق)- برز الخلاف بين السلطات الاتحادية العراقية وسلطات الحكم الذاتي في إقليم كردستان حول نفط المناطق المتنازع عليها، لاسيما نفط محافظة كركوك الأكثر غنى بمخزونات الخام، كمصدر آخر لتصعيد التوتّر في العلاقة بين الطرفين والقائم في الفترة الحالية بسبب التجاذبات حول قضايا مالية تتعلّق بحصّة الإقليم من موازنة الدولة العراقية ورواتب موظفيه التي يطالب بغدادَ بإرسال الأموال الكافية لتسديدها، فيما تقول الأخيرة إنها أرسلت المبالغ المطلوبة ولا تنوي إرسال المزيد.

ويمثّل النفط مدارا أساسيا لخلافات الطرفين حيث تسبّب توقف تصدير الكميات المنتجة في حقول إقليم كردستان عبر خطّ كركوك – ميناء جيهان التركي بخسارة سلطات الإقليم لجزء كبير من مواردها وأوقعها في صعوبات مالية واقتصادية خانقة.

وأعادت حكومة إقليم كردستان إثارة قضية نفط المناطق المتنازع عليها، والتي خصص الدستور العراقي مادة لحلّ النزاع حول تبعيتها للدولة الاتحادية أو لمنطقة الحكم الذاتي تحمل الرقم مئة وأربعين، تنفيذا لتهديدات صدرت عن حكومة الإقليم بالتصعيد ضد الحكومة الاتحادية وذلك بتوسيع نطاق مطالبتها بما تعتبره حقوقا دستورية لها لتشمل الكثير من الملفات التي تتجاوز قضية الموازنة والرواتب.

◄ فتح ملف نفط المناطق المتنازع عليها تنفيذ لتهديد حكومة الإقليم بعدم اقتصار المطالبات على قضية الرواتب

واتهمت الحكومة التي يرأسها القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مسرور بارزاني حكومة بغداد بـ”الاستعداد للاستحواذ على النفط والغاز في الأراضي التي يطالب بها بشكل مشروع شعب كردستان.”

واعتبرت في بيان أن هذا الإجراء يمثل خرقا واضحا للدستور العراقي، مذكّرة بأن المادة 140 من الدستور الاتحادي لعام 2005 “تتطلب من الحكومة الاتحادية في العراق تنظيم استفتاء في كركوك وفي المناطق الأخرى المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كردستان بحلول 31 ديسمبر 2007،” ومستدركة بالقول “إلاّ أن جميع الحكومات المتعاقبة في بغداد قد فشلت بشكل تام في تنظيم هذا الاستفتاء.”

كما ذكّر البيان بأن المادتين 110 و115 من الدستور العراقي لعام 2005 “تمنحان حكومة إقليم كردستان الحق الحصري في إدارة الحقول النفطية والغازية المستكشفة حديثا،” بينما تنص المادة 112 على أن “تدير الحكومة الاتحادية الحقول القديمة ، مثل تلك الموجودة في كركوك والمناطق المحيطة بها، بشكل مشترك مع حكومة كردستان.”

وعبّرت حكومة الإقليم عن استعدادها للدخول في ترتيبات ومفاوضات، محمّلة مسؤولية الخلاف للحكومة الاتحادية التي قال البيان إنّها “تنصلت من هذه المسؤوليات الدستورية باستمرار.”

كما اتّهمت بغداد بمحاولتها القيام بتوقيع عقود النفط والغاز من طرف واحد مع الشركات دون الرجوع إلى حكومة الإقليم معتبرة ذلك “مخالفا للبنود الواردة في الدستور كما هو مذكور في المادتين 140 و112.”

واختتمت حكومة كردستان العراق بيانها بتوجيه تحذير صارم من أنها “تمتلك الحق في الدفاع عن حقوقها الدستورية في جميع المحافل الدولية المتاحة، لتطبيق القوانين النافذة في الإقليم والمحافظة على حقوقها المشروعة بما في ذلك حقوق الأهالي (الأكراد) في كركوك.”

◄ تهديدات صدرت عن حكومة الإقليم بالتصعيد ضد الحكومة الاتحادية وذلك بتوسيع نطاق مطالبتها بما تعتبره حقوقا دستورية لها لتشمل الكثير من الملفات التي تتجاوز قضية الموازنة والرواتب

وصدر البيان المذكور غداة عقد الحكومة اجتماعا استثنائيا برئاسة مسرور بارزاني جاء على خلفية تصاعد الخلافات المالية مع بغداد، ووجه رئيس الحكومة خلاله خطابا شديدا إلى السلطات الاتحادية العراقية وصف خلاله معاملتها للإقليم بالظالمة وغير المقبولة، داعيا إلى تصحيح العلاقة بين الطرفين وفقا للدستور.

وفي تمهيد لإعادة فتح ملفات خلافية أخرى من بينها الخلاف على نفط المناطق المتنازع عليها، قال بارزاني خلال الاجتماع إنّه “لا يمكننا حصر جميع مشاكلنا في الرواتب وحدها.”

وكان تعثّر مسار إعادة تصدير النفط المنتج في إقليم كردستان العراق قد نسف آمال سلطات الإقليم في الخروج من الأزمة المالية الحادّة التي عاش على وقعها طوال السنة الماضية وامتدت تأثيراتها إلى الوضع الاجتماعي للسكان الذين عانت شرائح واسعة منهم عدم الانتظام في تسلّم رواتبها الأمر الذي انعكس بدوره على الدورة الاقتصادية والحركة التجارية للإقليم ككلّ.

ودخل الإقليم سنة جديدة لاحت صعبة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، في وقت يواجه فيه ضغوطا تسلطها عليه القوى الشيعية المتحكمة بزمام السلطة الاتحادية العراقية بهدف تحجيم تجربته في الحكم الذاتي وتضييق هامش التحرّك أمام سلطاته واستدامة ارتهانها ماليا لحكومة بغداد.

وخسر الإقليم بتوقّف صادرات النفط المنتج في حقوله عبر خطّ كركوك – ميناء جيهان التركي منذ مارس 2023 إثر صدور الحكم في دعوى قضائية أقامتها الحكومة الاتّحادية أمام المحكمة الدولية في باريس الملايين من الدولارات يوميا ما أثّر بشكل واضح على قدرة حكومته على الإيفاء بالتزاماتها تجاه السكان بما في ذلك صرف رواتب الموظفين في مواعيدها، في وقت ضغطت فيه الأحزاب والفصائل الشيعية المشاركة في تشكيل حكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني باتجاه التشدّد في تمكين الإقليم من حصته من الموازنة الاتحادية وتحويل المبالغ المخصصة لصرف الرواتب مثيرة شبهات وجود مخالفات في تصريح الإقليم بموارده وتلاعب سلطاته بقوائم الموظفين وبطريقة صرف رواتبهم.

3