نفط كردستان العراق يواجه تحدي التسويق

أربيل - تواجه تجارة النفط في كردستان العراق تحدي التسويق هذه المرة بعدما أنهى عملاق تجارة السلع ترافيغورا غروب علاقته مع حكومة الإقليم، ما يعد عثرة جديدة لقدرتها على بيع الخام بشكل مستقل.
وكشفت مصادر مطلعة أن فض الشراكة جاء في أعقاب فشل ترافيغورا في إعادة التفاوض بشأن شروط التعاقد مع حكومة الإقليم، بعد انخفاض أسعار النفط الكردي.
وذكر أحد المصادر لوكالة بلومبرغ، رافضا الكشف عن هويته، أن ترافيغورا علقت آمالا على التفاوض مع رئيس الوزراء مسرور بارزاني في منتدى دافوس مؤخرا، بعدما رفضت حكومة الإقليم إعادة التفاوض.
وقال إن “الزعيم الكردي ألغى الاجتماع المتفق عليه في اللحظات الأخيرة دون مبرر”، ما يقطع الطريق أمام أي سيناريو للعودة إلى إبرام اتفاق.
وقبل سبع سنوات، انضمت ترافيغورا إلى شركات تجارة السلع، التي أقرضت حكومة كردستان المليارات من الدولارات مقابل مبيعات النفط مستقبلا لمساعدتها على تمويل مساعيها للاستقلال، في ظل ما تعانيه من أزمة مالية.
ويعتبر النفط شريان الحياة لاقتصاد كردستان العراق، حيث يساهم بأكثر من نصف إيرادات الحكومة، كما تساهم صادرات النفط عبر تركيا في تعزيز استقلال الإقليم عن بغداد.
وبالنسبة لشركات تجارة السلع، تعد الصفقات مع كردستان، التي تعاني من ضائقة مالية، فرصة مربحة لتأمين تدفقات نفطية متجددة.
وتزايدت العام الماضي صعوبات بيع النفط الكردي في ظل تصعيد بغداد، التي تنازع منطقة الحكم الذاتي الحق في بيع نفطها بشكل مستقل، التهديدات القانونية للمشترين بالتزامن مع تأثر كردستان ببيع النفط الروسي بأسعار مخفضة.
وعلق متحدث باسم ترافيغورا في بيان قال فيه “عقب تعاون ناجح امتد لسنوات، تعلن حكومة إقليم كردستان وترافيغورا الانفصال بشكل ودي، ما يترتب عليه إلغاء التزاماتهما التعاقدية مستقبلا”.
وقال مصدر “عقب التعامل غير اللائق مع الشركة في دافوس، استعدت ترافيغورا لإرسال إشعار تطالب فيه حكومة كردستان بالمسارعة إلى سداد الأموال المستحقة عليها فورا”.
وحتى الأسبوع الماضي، بلغت المبالغ المستحقة للشركة نحو 273 مليون دولار تمثل مدفوعات مسبقة مقابل تدفقات نفط مستقبلية.
وتحتج بغداد منذ فترة طويلة على مبيعات نفط كردستان، وصعدت حملتها العام الماضي ضد الإقليم، عقب الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العراقية في فبراير الماضي، الذي يقضي بحق وزارة النفط الفيدرالية بالإشراف على إنتاج النفط الكردي.

وفي أغسطس الماضي، أرسلت شركة تسويق النفط العراقية سومو الحكومية رسالة إلى شركات تجارة السلع تحذرها من التصعيد القانوني ضدها، في حالة شراء النفط الكردي دون الحصول على موافقة من بغداد.
وتساهم صادرات النفط الكردستاني البالغة حوالي 400 ألف برميل يوميا بنسبة ضئيلة من صادرات بغداد، التي تزيد عن ثلاثة ملايين برميل يوميا.
وتظهر بيانات تتبع الناقلات التي رصدتها بلومبيرغ تأثير تهديدات بغداد، إذ انخفضت صادرات النفط الكردي لموانئ في إسبانيا واليونان وإيطاليا بشكل حاد منذ منتصف العام الماضي، مقابل زيادة تدفقها إلى إسرائيل وكرواتيا والصين، خلال النصف الثاني.
وبنهاية يونيو الماضي، بلغ إجمالي مديونيات حكومة كردستان لمشتري النفط 3.5 مليار دولار، وفقا لأحدث حساباتها النفطية المدققة.
ولا تزال 620 مليون دولار عالقة من إيرادات النفط بحسابات مصرفية في لبنان، نتيجة الأزمة المالية التي تشهدها البلاد.
وظهرت مؤخرا أهمية الحسابات المصرفية اللبنانية لثروة كردستان النفطية إلى العلن، بسبب المعركة القانونية الدائرة بين الشركة التي يسيطر عليها التاجر المخضرم مرتضى لاخاني ومجموعة البحر المتوسط اللبنانية.
ويسعى الإقليم لإعادة التفاوض بشأن الأسعار التي تدفعها للمنتجين بالمنطقة، إذ أعلنت شركة شاماران في أكتوبر الماضي عن موافقة وحدتها الكردية على تغيير معيار تسعير النفط الخاص بها “كي.بي.تي”، الذي يتحدد وفق مزيج سعر خام برنت وخام كردستان.

وأعلن منتج آخر أن تغيير فارق الأسعار بلغ 10 دولارات للبرميل في سبتمبر الماضي.
ورغم ذلك، لم يوافق كافة منتجي النفط في كردستان على التغيير، حيث قال العضو المنتدب لشركة “دي.أن.أو – أي.أس.أي” في نوفمبر الماضي إنه “لم يشارك وقتها في مناقشات مكثفة” مع حكومة كردستان بشأن تغيير طريقة التسعير.
كما قال المدير المالي لشركة جينيل إنيرجي للمستثمرين في وقت سابق هذا الشهر إن شركته “لن تقبل أي تغيير في آلية التسعير”.
وأظهرت وثائق حكومية العام الماضي أن إنتاج النفط في إقليم كردستان العراق قد ينخفض إلى النصف تقريبا بحلول 2027، إذا لم تكن هناك استكشافات جديدة أو استثمارات كبيرة في القطاع.
وقال دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء في الطاقة إن التراجع الحاد في عائدات النفط، وهو شريان حياة لحكومة الإقليم، قد يفاقم المشاكل الاقتصادية لمنطقة تعاني بالفعل من متاعب مالية، في ظل عدم استقرار الأوضاع في العراق.
ووفقا للمعلومات الرسمية، يمكن أن يرتفع إنتاج الإقليم إلى 580 ألف برميل يوميا في غضون خمس سنوات، إذا جاءت الاستثمارات على الوجه الأمثل، مما يعني توفر 530 ألف برميل يوميا للتصدير.