نعومي كاواسي مخرجة يابانية تطرح أسئلة الوجود الكبرى

المخرجة اليابانية سعت إلى المزج بين الأفلام الوثائقية والرواية عبر أعمالها التي تستوحي حكاياتها من الواقع.
الأربعاء 2023/11/29
مخرجة تبحث وتتساءل عن موقعها من العالم

مراكش (المغرب)- تجعل المخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية نعومي كاواسي من الكاميرا أداة لرصد وضع الإنسان عبر العالم وطرح الأسئلة الوجودية الكبرى التي تؤرق باله.

كاواسي التي حلت ضيفة على فقرة “حوار مع..” التي تستضيف عشر شخصيات سينمائية عالمية للحوار معها في إطار الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، باحت للجمهور بالقول “لم أكن مهيأة لأصير مخرجة سينمائية في بداية حياتي، إلا أن الأسئلة الوجودية التي كنت أطرحها وأبحث عن أجوبتها هي ما جعلني أصير كذلك”.

بوكس

بين لحظة صعودها بلباس أبيض ناصع وخطوات هادئة إلى منصة القاعة الملكية بقصر المؤتمرات بالقاعة الحمراء، ولحظة نزولها منها بتحية الانحناء اليابانية المهذبة، قالت كاواسي ذات الـ53 عاما، الكثير عن حياتها وعن رؤيتها للسينما، لكن أكثر ما شددت عليه هو أن “صناعة الأفلام ليست مجرد لهو، وإنما وسيلة لطرح الأسئلة المقلقة والوجودية على الناس بأجمعهم. ليطرحوها أسئلة على أنفسهم أيضا”.

الحائزة على الجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي سنة 2007، باحت لجمهور المدينة الحمراء بأنها كانت في أفلامها الوثائقية الأولى تبحث عن الأب الذي غاب، وتكثر التأمل في المرآة متسائلة عن موقعها في هذا العالم. مضيفة أن الوثائقي شكل بالنسبة إليها أيضا وسيلة لتصوير واقع قريتها الصغيرة والحديث إلى شيوخها سعيا إلى منحهم حياة جديدة بعد رحيلهم.

تطفح أعمال كاواسي بقضايا هشاشة الإنسان وأهمية الوفاء للعائلة، إلى درجة أنها أنجزت فيلما يوثق بعضا من حياة جدتها التي رعتها منذ نعومة أظافرها. تقول كاواسي إنها لم تجد أي حرج في تصوير أجزاء حميمة من جسد جدتها، فقد “كان دينا علي أن أستديم وجودها وأتقاسم ذكراها مع جمهوري، وأحتفظ بأثر عنها وعن حياتي معها”.

لا تؤمن المخرجة اليابانية بالحدود بين الأفلام الوثائقية والرواية، بل إنها سعت إلى المزج بين الاثنين من خلال المزاوجة بين البعدين الواقعي والخيالي، وجعلت من الكاميرا “عينا ثالثة” تصاحبها في ما تصوره، وهو ما سمح لها بأن تخلق أسلوبها الخاص.

في معرض ردها عن سؤال حول موقفها من توظيف ممثلين محترفين مقابل آخرين لا تجربة سابقة لهم، قالت كاواسي إن رهاني مع المحترفين منهم هو أن “أخلصهم من التصنع ما أمكن، وأن يؤدوا أدوارهم بإبداع وبتلقائية”.

تفوق كاواسي في مهنتها، وطغيان الجانب الإنساني على أعمالها، لاسيما ما يتعلق بقضايا النساء، أفضى إلى تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) سنة 2021، لتصبح أول يابانية تتولى هذا الموقع.

تقول كاواسي إن أول مشروع خاضته في هذا الإطار تمثل في مشروع يدعم صانعات الأفلام الأفريقيات الشابات، حيث عملت على تأطير صانعات أفلام شابات من السنغال وكينيا ونيجيريا وبوركينا فاسو ودول أخرى. وتضيف “لقد استقبلناهن في بلدنا ونظمنا ورشات لفائدتهن، وأملنا أن يتمكنّ من تقديم أعمالهن إلى العالم”.

تخلص المخرجة اليابانية إلى التأكيد على دور السينما والفن عموما في خدمة الناس. وتقول إن “صناعة الفيلم ليست مسألة ترفيه، وإنما هي منبع للطاقة وباعثة على الحياة وراصدة لقضايا الواقع. علينا أن نعكس الواقع. والكذب ليس خيارا أبدا”.

بوكس

وعن تجربتها في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قالت كاواسي إنه شكل لها فرصة للالتقاء بنجوم كبار من عالم الفن السابع والتبادل معهم، معتبرة أنه “إذا كانت أساليب اشتغالنا تختلف، فإن ما نشترك فيه هو أننا نفعل ما نحبه”.

وشكل لقاء المخرجة مع جمهور مراكش مناسبة لاستحضار تجربتها المتمثلة في إنشائها سنة 2010 المهرجان السينمائي الدولي بنارا، مسقط رأسها، حيث كرست جهودها لتكوين الأجيال الصاعدة.

يشار إلى أن نعومي كاواسي من مواليد مدينة نارا باليابان، وتواصل من هناك إنتاج أعمالها التي تستوحي حكاياتها من الواقع. ونالت كاواسي العديد من الجوائز في أكبر المهرجانات الدولية، أبرزها الكاميرا الذهبية عن فيلمها الأول “سوزاكو” (1997)، والجائزة الكبرى عن فيلم “غابة الحداد” (2007) في مهرجان كان السينمائي.

ومن بين أفلامها “لا يزال الماء” (2014)، و”نحو الضوء” (2017)، و”رحلة إلى يوشينو” (2018) و”الأمهات الحقيقيات” (2020). وهي مخرجة الفيلم الرسمي لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية طوكيو 2020، ومنتجة ومستشارة لمعرض إكسبو 2025 أوساكا – كانساي.

وإلى جانب كاواسي، تستضيف فقرة “حوار مع..” عشرة من أكبر أسماء السينما العالمية، حلت بمراكش لتشارك الجمهور العديد من الحكايات المشوقة والنقاشات المفتوحة حول رؤيتها للسينما وممارساتها المهنية، وتبادل خبراتها بكل حرية معهم.

ويتعلق الأمر بكل من الممثل والمخرج الأسترالي سيمون بيكر، والمخرج المغربي الموهوب فوزي بنسعيدي، والمخرج الفرنسي برتراند بونيلو، والممثل الأميركي ويليم دافو، والمخرج والمنتج الهندي المتألق أنوراغ كاشياب، والممثل الدنماركي مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأميركي – الدنماركي فيجو مورتنسن، والممثلة الأسكتلندية تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي أندري زفياجينتسيف، إلى جانب الممثل والمخرج وكاتب السيناريو الأميركي مات ديلون.

14