نظرية الحرب النفسية المعادية حائط صد إيراني لأي انتقاد إعلامي

السلطات الإيرانية تعتبر الأخبار والتقارير الغير منسجمة مع الروايات الحكومية حول تفشي كورونا مجرد إشاعات وتضليل مصدرها الإعلام الغربي المعادي.
الثلاثاء 2020/03/31
الروايات الرسمية على صدر الصفحات الأولى

تركز السلطات الإيرانية في المرحلة الراهنة على بث رسائل مكثفة عبر وسائل الإعلام لإقناع الشعب بأن التقارير الإخبارية الدولية عن إيران تستهدف عزيمتهم وتحاول التشويش على الرأي العام، وكل ما لا ينسجم مع الروايات الحكومية، هو مجرد إشاعات وتضليل مصدرها الإعلام الغربي المعادي.

طهران - أكد رئيس السلطة القضائية الإيرانية آية الله إبراهيم رئيسي، على “ضرورة تصدي وسائل الإعلام للحرب النفسية المعادية”، في تكريس لنظرية استهداف إيران من قبل الإعلام الغربي، في وقت تزداد فيه الانتقادات الداخلية للإجراءات الحكومية القاصرة تجاه مكافحة فايروس كورونا.

وخلال اتصال هاتفي مع رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية علي عسكري الأحد، وجه آية الله رئيسي التعليمات قائلا إن وسائل الإعلام خاصة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ينبغي أن تكون لها اليد المتفوقة في مواجهة الحرب النفسية المعادية وتوعية الرأي العام تجاه حقائق البلاد الجارية وأن لا تسمح للإشاعات والأخبار غير الحقيقية بالتشويش على الرأي العام.

وتعتبر السلطات الإيرانية أي خبر أو تقرير يتحدث عن الأوضاع الراهنة في إيران في ظل تفشي وباء كورونا، لا ينسجم مع الروايات الحكومية، مجرد إشاعات وتضليل مصدرها الإعلام الغربي المعادي.

وتحدث العديد من الصحافيين عن الصعوبات التي يواجهونها في محاولة تغطية أي شيء يتعلق بالمستشفيات والمراكز الطبية التي تضم مصابين بفايروس كورونا.

وأمام وسائل الإعلام الإيرانية مهمة واحدة في المرحلة الراهنة، التأكيد على نظرية المؤامرة واستهداف البلاد من الغرب “الكافر”، وجهود السلطات “الاستثنائية” في التعامل مع وباء كورونا. وتحدث تقرير لمعهد “دبل ثنك” البحثي، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، نشر مؤخرا، أن بعض أفراد عائلة المرشد الأعلى علي خامنئي يتدخلون مباشرة في آلية عمل مؤسسات إعلامية محلية بارزة مثل صحف همشهري، وإيران، وجام جم، وطهران تايمز الصادرة بالإنجليزية، وكذلك وكالة أنباء مهر الإخبارية، حسب ما نقلت إذاعة صوت أميركا الناطقة بالفارسية.

وألقى التقرير الضوء على أقارب خامنئي المتحكمين بالمؤسسات الإعلامية الإيرانية، حيث جاء على رأسهم مريم، وهادي، ومحمد حسين خامنئي أبناء المرشد الإيراني الذين يسيطرون جميعا على إدارة مؤسسة حيات نو الثقافية (الحياة الجديدة).

وتدير منيرة خامنئي ما يعرف بمجلس الفضاء الافتراضي النقي في إيران، بينما يتولى محمد سعيد أحديان المقرب من عائلة مرشد إيران منصب مدير مؤسسة خراسان الثقافية والفنية، ودار خراسان للنشر.

قسم في مكتب المرشد الأعلى يدير كل ما يتعلق بالنشر وصياغة أخبار وبيانات والتحكم بوسائل الإعلام

ولدى مكتب المرشد شبكة من المؤسسات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية والسياسية عبر مستشاريه الذين لديهم مؤسسات بمثابة تشكيلات موازية للحكومة الإيرانية، يُدير من خلالها خامنئي مفاصل الدولة.

كما هناك قسم في مكتب المرشد يدار من قبل هذه الشبكة، يتعلق بالنشر وصياغة أخبار والبيانات والتوجيهات والتعليمات والتحكم في وسائل الإعلام.

وتخضع هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية للمرشد بشكل مباشر، حيث يقوم بتعيين رؤسائها ويرسم مكتبه سياساتها العامة.

وكان الرئيس السابق للهيئة، محمد سرافراز، قد كشف عن وجود قائمة سرية سوداء يتم بموجبها منع الآلاف من صانعي الأفلام والممثلين والفنانين في إيران من العمل أو حتى عرض أعمالهم.

وقال الكاتب الإيراني المعارض، فرهاد سوزانشي، في مقال نشرته شبكة دويتشه فيله الألمانية في نسختها الفارسية، في وقت سابق، إن فقدان الثقة بوسائل الإعلام التي تديرها السلطة الحاكمة جعل شبكات التواصل الاجتماعي مصدر الأخبار الرئيسي بالنسبة للعديد من الإيرانيين.

وأشار سوزانشي الذي يدير منصتي روحاني ميتر (ترصد أداء وسياسات الرئيس الإيراني)، وفاكت نامه (متخصصة في تفنيد شائعات يطلقها النظام الإيراني)، وحجبتهما السلطات الإيرانية محليا، إلى الكثير من المعلومات الخاطئة التي يتم الترويج لها داخل إيران. ولفت سوزانشي، إلى أن إغفال وجود وسائل إعلام نشطة وفاعلة يزيد من معدل تدفق الأخبار المزيفة التي تزيد بدورها الشائعات بين الشعب الإيراني، فضلا عن احتمالية تسببها بخسائر سياسية باهظة بالنسبة للمسؤولين الحكوميين الذين سيصبحون قيد المراقبة في هذه الحالة.

وتحدث عن أسباب ودوافع نمو الشائعات في بلاده التي اعتبرها ناجمة في الغالب عن تعمد السلطات حظر المجال العام أمام حرية الإعلام، وقال إن “في دولة ذات سياسات قمعية تجاه المعارضين يمكن أن يصبح الأمر خطيرا من ناحية التحقق من الأخبار الزائفة، حيث إن إثبات خطأ تصريح أدلى به المرشد الإيراني قد تكون تكلفته باهظة للغاية”.

واعتبر سوزانشي أن هذا الأمر مختلف تماما داخل طهران، لذا يتعذر التثبت من مصداقية حقائق تخص وعود انتخابية وقضايا سياسية على سبيل المثال بسهولة، بسبب وجود العديد من المحاذير والخطوط الحمراء وردود الأفعال القاسية.

ويحاول النظام الإيراني، اختراق الوسائل الإعلامية الناطقة بالفارسية والتأثير في سياساتها التحريرية بما يتماشى مع مصالحه، حيث ذكرت تقارير إخبارية أنه يتم تدريب عناصر استخباراتية بطريقة احترافية في مجال الإعلام، وإرسالهم للعمل “كصحافيين” في الوسائل الإعلامية المستهدفة. وهذا ما أقر به وزير الأمن الإيراني السابق علي فلاحيان في لقاء تلفزيوني. كما يتم استخدام نفوذ الصحافيين الإصلاحيين الذين غادروا إيران بعد الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009، في وسائل الإعلام التي يعملون فيها. حيث يعمل هؤلاء على تحسين صورة النظام والترويج للتيار الإصلاحي الحاكم.

ويواجه الصحافيون والمراسلون الإيرانيون كثيرا من المصاعب داخل البلاد مقارنة بنظرائهم الأجانب، حيث تحل إيران في قائمة أدنى الدول التي تحترم حرية الصحافة في التقارير الدولية خلال الأعوام الأخيرة.

18