"نص ساعة على الفحم" مسرحية عن الواقعين الأردني والعالمي

عمان - غابت العروض المسرحية الرمضانية عن خشبة مسارح عمان خلال السنوات الماضية، بفعل انتشار فايروس كورونا، وغابت معها الممثلة المسرحية أمل الدباس، ليعود الاثنان هذا العام، حيث تقدم الدباس معالجة مسرحية كوميدية للحال الإنساني في الأردن وخارجها.
وأطلقت الفنانة الأردنية خلال شهر أبريل الجاري وتزامنا مع شهر رمضان، عروض مسرحيتها الكوميدية الساخرة “نص ساعة على الفحم”، لتناقش فيها بأسلوب ساخر، يقترب من نمط “ستاند آب كوميدي” مشكلات وهموم الأردنيين بالإضافة إلى الأوضاع والأحداث العالمية.
ويشترك مع الدباس في العرض الفنان الكوميدي تامر بشتو، في توليفة مشتركة يعاينان بها قضايا مجتمعية، وهموم المواطن الأردني، وقضايا الساعة الدولية.
ويتناول العرض الذي كتب نصه الكاتبان وفاء بكر ومحمد صبيح، سلوكيات مجتمعية وهموم المواطن ومعيشته بأسلوب كوميدي، كما تناول الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تقمص فيه الفنان بشتو شخصيات وزعامات عالمية.
"نص ساعة على الفحم" تتناول سلوكيات مجتمعية وهموم المواطن بأسلوب كوميدي، كما تتناول الأزمة الأوكرانية
وتميّز الأردن بالمسرح الرمضاني أو العروض المسرحية في شهر رمضان منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وتقدم هذه العروض أعمالا مسرحية ساخرة وكوميدية، تعتمد على الفكاهة والنقد.
ومن سمة العروض الرمضانية أن يبدأ العمل المسرحي بأغنيات ساخرة يتم اختيارها بدقة لتناسب الهدف من المسرحية وموضوعها، وفي “نص ساعة على الفحم” يستحضر الممثلان الأغنية الخالدة للفنانة اسمهان “ليالي الأنس في فيينّا” ليتم استبدال “فيينا” بـ”الأردن”.
ثم تغني أمل دباس أغنية وردة الجزائرية “مال واشتكى” الشعب “من الطّفَر” (الفقر) كناية عن حال الأردنيين هذه الأيام.
وكانت المقدمة الغنائية استهلالا مسرحيا للدخول في صلب الموضوع والحديث عن معاناة الأردنيين ومشكلاتهم خلال السنوات الماضية والحالية، ومن أبرزها مشكلة غلاء الأسعار وتراجع مستوى المعيشة وقلّة المال وسط حالة من اليأس جعلت بعض الناس يستعجلون عودة “الأعور الدجّال” أو حتى سقوط “نيزك” على الأرض ينهي عذابات الناس مرة واحدة.
ويحضر جسر عبدون بدلالته الرمزية في المسرحية كمكان شاهد على نهايات بعض الأفراد ممن قرروا الرحيل برمي أنفسهم عبر الجسر، والعمل هنا لا ينتقد أحدا أو يدينه وإنما يتكلم بلسان الضحايا، ضحايا الفقر والمرض والتعب النفسي والجسدي.
وتتوغل المسرحية تدريجيا في هموم الأردنيين بطابع هزلي، حيث تمازج بين التعبير عن أوجاع الناس باستحضار النكات الشعبية وخاصة تلك التي صاغها الشعب عن مسألة التوقيت الصيفي والشعوب، والتوقيت الحكومي وردود فعل الأردنيين عليه. وكذلك تهديدات السلطات لمحتكري المواد الغذائية ومن يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه.

وبسخرية مريرة، تنتقد مسرحية “نص ساعة على الفحم” بطء عملية الإصلاح التي تشهدها البلاد، كما تتناول تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وانعكاسها على قوت الشعب الأردني لاسيما من خلال ارتفاع أسعار الزيت والحبوب وغيرها من السلع الضرورية.
ويشتهر الممثل تامر بشتو بتقمص الشخصيات المحلية والعربية والعالمية، ولم يخرج عن ذلك في مشاركته المسرحية مع دباس حيث جسّد شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يهدد باستخدام السلاح النووي والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون وكأنه يشرب النفط.
وعرجت المسرحية على جائحة كورونا، حيث جسدت الفنانة دباس كورونا التي أرغمها الشعب الأردني على الرحيل والهجرة بعد أن عجزت عن التعاطي معه وأصابها الملل من عاداته الاجتماعية السيئة، ورغم تطورها إلى متحورات، تقرر كورونا الرحيل وتترك للأردنيين عادة “التقبيل” التي يمارسها الأردنيون “ع الطالع والنازل”.
وبسخرية لاذعة، تستحضر المسرحية تصريحات المسؤولين خلال الجائحة حين اجتاحت موجة الخوف من الموت المحتم العالم بأكمله، في حين التزم السياسيون بإطلاق تصريحات تحولت إلى نكات ومادة ثرية للتندر والإضحاك. وتدين الأفراد الذين استفادوا من الجائحة بتزوير التصاريح اللازمة للسفر وتصاريح الحصول على التطعيمات.
واعتبر عدد ممن حضروا العرض الأول لمسرحية “نص ساعة على الفحم” أن مظاهر الحياة الطبيعية قد عادت في الأردن عبر احتفائهم بالمسرح الكوميدي.
وتعد أمل الدباس من أهم الفنانات الأردنيات البارزات في الأعمال البدوية، ومن أشهر المسلسلات التي قدمتها بهذا اللون “وعد الغريب”، “حنايا الغيث”، و”ثأر غليص”، كما قدمت أعمالا فنية خالدة منها برنامج “المناهل التعليمي”، “الغريب”، “ذباح غليص”، و”تل السنديان”. ومن المقرر أن تعرض مسرحيتها الجديدة “نص ساعة على الفحم” طوال شهر رمضان ثلاث مرات أسبوعيا.