نصوص نثرية تستفز القارئ بإيقاعها ولغتها للبحث خلف الكلام

الكاتبة تحرص على شفافية اللغة وانسيابيتها، مع ترك المجال مفتوحا للتأويل، لاسيما أن النصوص جميعها لا تحدد مخاطبا بعينه.
الثلاثاء 2023/04/25
الكتاب أشبه بحديقة عملاقة

رام الله - تقدم الكاتبة الفلسطينية إيناس خورشيد فاهوم في مجموعتها “ضمة من زعتر بري في جملة مفيدة” نصوصا أدبية بمسحة صوفية نورانية، منطلقة من فلسفة عميقة وهي ترسم خطوط عالمها ومعالمه وحدوده بدقة المعماري (وهو مجال عملها واختصاصها) ورؤية صانع الجمال.

تتلون الأفكار وتتسارع وتتنوع وتتداخل في هذا الكتاب، الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن، مشيرة إلى إبداع متشابك كغابة استوائية. وهي أفكار ذات بعد أخلاقي واع يحمل أحلاما “وسع السماء زرقة وعمقا، وسمق الغابات الاستوائية المتعشقة غورا في الفضاء”.

كل نص في المجموعة التي تقع في 282 صفحة يمثل لوحة ملونة معبرة، وقصة سردية نابضة، حاملا أفكارا متجددة تحاكي حيوات عدة بتفاصيلها الدقيقة.

كل نص في المجموعة يمثل لوحة ملونة معبرة وقصة سردية نابضة تشدك إليها الموسيقى الداخلية والفكرة الخاطفة

نقرأ في أحد النصوص: “على عتبة النص/ هناك دائما أنت/  كل الضمائر تعود عليك./ أحيانا كثيرة/ تكون/ أنت الصوت../ وأحيانا أخرى/ العطر../ هذا الصباح/ أنتَ شمس حزيران/ تشرق في قلبي”.

هذا الذكاء في السيطرة السلسة على المتلقي في نقل ثيمات النص صورا متحركة إلى ذهنه هو ما يميز نثر الكاتبة وكتاباتها. وهو نثر تشدك إليه الموسيقى الداخلية والفكرة الخاطفة فضفاضة اللغة وحداثية الملمس.

وقد اعتنقت النصوص روح الابتكار على مستويات عدة، منها: الحالة النثرية، والمفردة الجديدة غير المستهلكة، وحالة الإدهاش، والمفارقة في النهاية بعيدا عن الرتابة.

تحرص الكاتبة على شفافية اللغة وانسيابيتها، مع ترك المجال مفتوحا للتأويل، لاسيما أن النصوص جميعها لا تحدد مخاطبا بعينه، وتنزع في جانب منها إلى الغموض الذي يستفز القارئ للبحث في دواخل الكاتبة وفهم الإسقاطات التي تحتملها الجمل.

 كما أن الوحدة الموضوعية للنصوص التي تَجاوز عددها مئة نص تضيف إلى التأويل إمكانات جديدة، فيغدو الكتاب أشبه بحديقة عملاقة، ذات ثراء وحيوية وغاية تسير إليها الكلمات.

يذكر أن إيناس خورشيد فاهوم نشأت في قرية ترشيحا بالجليل الأعلى، وتقيم في مدينة الناصرة بالجليل الغربي. تعمل في مجال الهندسة المعمارية وتخطيط المدن.

13