نصف قرن من قصص النساء في ليبيا

القاهرة - شارك وزير الثقافة الليبي جمعة الفاخري برفقة الباحثين والأكاديميين حسن الأشلم وغادة البشتي في ندوة استضافتها قاعة “كاتب وكتاب” بمعرض القاهرة الدولي للكتاب مؤخرا، ضمن البرنامج الثقافي الليبي بالمعرض، وكانت الندوة مخصصة لمناقشة كتاب “القصة النسائية القصيرة في ليبيا”، للباحث والناقد الليبي فوزي الحداد.
في بداية الندوة قال الفاخري، وهو شاعر وقاص، إن “الكتاب يرصد الحركة القصصية الليبية منذ صدور أول مجموعة قصصية معروفة في سنة 1957 ثم أصدرت بعدها القاصة الليبية زعيمة الباروني سنة 1958 أولى المجموعات القصصية النسائية. وقد عرف الأدب الليبي فن القصة القصيرة قبل ذلك بعقود”. وذكر الفاخري أن الأدب الليبي عرف القصة القصيرة منذ عشرينات القرن الماضي، وذكر أن رائد القصاصين في ذلك الوقت هو يوسف الدلنسي.
وحول القصة النسائية الليبية قال إنها تطورت على يد نادرة عويني التي انتخبت لها الكثير من القصص وتمت ترجمتها ودراستها، وذكر عددا من القاصات الليبيات المعروفات منذ الخمسينات وحتى ثمانينات القرن العشرين، منهن فوزية النحاس وسريقة القيادي وفوزية شلابي، ثم ظهرت القاصات الشابات اللواتي درسن الأدب وتخصصن فيه.
وعن واقع القصة النسائية الليبية حاليا قال وزير الثقافة الليبي إنها تعنى بالواقع والتجربة الليبية التي تخص الإنسان والمتلقي الليبي. أما عن أشهر القصصاين الليبيين الرجال فذكر منهم الروائي إبراهيم الكوني، ثم الدكتور خليفة الفاخري وسالم العبار وخليفة حسين مصطفى ومحمد المسلاتي وسعيد خيرالله صالح.
وعن تقسيم الأدب ما بين نسائي وذكوري قالت غادة البشتي إن التقسيم للأدب وفقا لجنس الأديب سمح باتساع الهوة بين الاثنين، حيث أن مصطلح الأدب النسائي سينقضي مع انتهاء الظروف الاجتماعية،غير أن بعض النقاد يرون أن هذه التفرقة تنصف المرأة.
وأوضحت البشتي أن كتاب فوزي الحداد قام بدراسة القصة النسائية في ليبيا خلال نصف قرن، مشيرة إلى أول قصة نسائية نشرت عام 1958 لزعيمة الباروني، لكنها لم تلق الاهتمام الذي يليق بها في ذلك الوقت.
وأوضحت في مداخلتها أن الكتاب الذي يناقشونه هو في الأصل دراسة أكاديمية لنيل درجة الماجستير قدمها فوزي الحداد عام 1997، ويعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب النقدية التي تناولت الكتابة النسائية في ذلك الوقت، لافتة إلى أن الذاتية كانت السمة الغالبة على كتابة النساء، اللواتي كتبن غالبا تحت أسماء مستعارة، وبعضهن كتبن دون أن ينشرن خوفًا من اتهامهن بأنهن يكتبن عن حياتهن الخاصة.
أما الناقد الليبي حسن الأشلم، الأكاديمي بجامعة مصراته، فقال “إن كتاب ‘القصة النسائية القصيرة في ليبيا‘ طرح قضية ‘الماضوية‘، أي التأرجح بين الماضي والحاضر، بينما لم يطرح أسئلة استشرافية متعلقة بأسئلة الذات”. وبحسب ما جاء في مداخلة الأشلم طرح الكتاب أيضًا قضية “الأدب النسائي المجهول” حيث قطع المجتمع الليبي مسافة طويلة وانتقل من مجتمع يحرم تعليم المرأة، إلى مجتمع يحتفي بها وبالتالي فدراسة الأدب المنشور في الفترة التي تناولها البحث مهمة للغاية.
وأضاف الأشلم أن كتاب “القصة النسائية القصيرة في ليبيا” يحمل سؤال الهوية في الأدب الليبي، وذلك لأن لدينا فقرا وإجحافا تجاه هذا الأدب، إننا نعاني النسيان والمحو، والمكتبة الليبية فقيرة من الدراسات التي تتناول تاريخ ونشأة جميع أنواع الأدب الليبي سواء أكان قصة قصيرة أو رواية.
وأكد الأشلم على أن فوزي الحداد في كتابه يعتبر رائدا في هذا البحث إذ لم يسبقه أحد في تناول هذه القضية، فقد عمل على بحثه سنوات بسبب فقر المراجع التاريخية، حيث لم تقم دراسات حول بدايات الأدب الليبي وهي كتابات خطرة لأن التعرض للتاريخ يجعله في مواجهة الانتقادات، ولكن نجح الحداد في صناعة مرجع مهم يمكن الرجوع إليه.
أما مؤلف الكتاب فوزي الحداد فكان آخر المتحدثين في الندوة وقال إنه قدم للقراء هذا الكتاب بعد أن تعرض للظلم ولم يستطع نشره وبقي في أدراج وزارة الثقافة الليبية لأكثر من ست سنوات، وقد اختار أن يدرس القصة النسائية القصيرة في ليبيا لأنه وجد المجموعات القصصية النسائية أكثر ثراءً، لكنه لم يجد مرجعا يساعده فاتجه إلى تأصيل هذه القضية، مؤكدا أن قضية الكتابة النسائية في الوطن العربي قضية واحدة وأنه أشار إلى ذلك في كتابه.