نصائح ما قبل الزواج

عدم التوصل إلى تحقيق الزواج الصحي يمكن الاستعاضة عنه بالصداقة.
الأحد 2025/01/12
الحب لمرة واحدة لم يعد كافيا ولا يعول عليه

من أبلغ ما ورد على لسان الكاتبة والصحافية الأميركية ميغنون ماكلولين (1913 - 1983) أن "الزواج الناجح يتطلب الوقوع في الحب مرات عديدة، ودائما مع نفس الشخص"، وهو ما يعني أن الحب لمرة واحدة لم يعد كافيا ولا يعول عليه، لأنه قد ينتهي في أي وقت، لاسيما في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية التي نعيشها ويعيشها العالم من حولنا.

كلمات ماكلولين تتكامل مع ما أوصت به أمامة بنت الحارث بن عوف الشيبانية ابنتها أم إياس وهي تزفها إلى عريسها: "أي بنية إنك قد خلفت العش الذي فيه درجتِ، والوكر الذي منه خرجت، إلى منزل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمَة يكن عبدا. واحفظي عني خصالا عشرا: أما الأولى والثانية فحسن الصحابة له بالقناعة، وجميل المعاشرة بالسمع والطاعة. والثالثة والرابعة التفقد لمواقع عينه، والتعهد لمواضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يجد أنفه خبيث ريح. والخامسة والسادسة الحفظ لماله، والإرعاء لحشمه وعياله. واعلمي أن أصل الاحتفاظ بالمال التقدير، وأصل الإرعاء حسن التدبير. والسابعة والثامنة التعهد لوقت طعامه، والهدوء والسكون عند منامه، فحرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة. والتاسعة والعاشرة لا تفشين له سرا، ولا تعصين له أمرا، فاإك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره."

إذا صحت الرواية فإن عمر هذه الوصية يتجاوز 1600 عام، وهي تنسب لأمامة بنت الحارث الشيباني عندما تزف ابنتها أم إياس بنت عوف إلى عمرو بن حجر بن آكل المرار أمير كندة المولود في 420 م والمتوفى في 473 م.

وهذه الوصية لم تأت من خارج سياقات الحالة التي ظهرت فيها، حيث أن عمرو دعا امرأة من رعيته يقال لها عصام، ذات عقل ولسان، وأدب وبيان، وقال لها: "اذهبي حتى تعلمي لي علم ابنة عوف.” فمضت حتى انتهت إلى أمها، فأعلمتها بما قدمت من أجله. فأرسلت أمامة إلى ابنتها، وقالت: أي بنية  هذه خالتك، أتتك لتنظر إليك، فلا تستري عنها شيئا إن أرادت النظر من وجه أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك. فدخلت إليها، فنظرت إلى ما لم تر قط مثله، فخرجت مِن عندها وهي تقول: "ترك الخِداع مَنْ كَشَفَ القناع"، فأرسلتها مثلا.

البساطة هي التي تمنحك فرصة لأن تكون عميقا، ولأن تفهم العالم بشكل أوضح وأشمل. حاليا نحن أمام واقع معقّد يبدو أن لا نصيحة ماكلولين ولا وصية أمامة تنفع لتغييره، حيث إننا نكاد نكون جميعا متورطين في زمن السرعة والاستهلاك وكثرة الحاجات وسيطرة الأرقام والحسابات والانشغال بالرصد والمقارنات، زد على ذلك قلة الصبر والتحمل وفقدان القناعة والرضا وارتفاع الصوت وانفلات الأعصاب بسبب ضغط العمل أو تفاقم الدين أو اعتلال الصحة أو ضبابية المستقبل.

ولذلك، فإن عدم التوصل إلى تحقيق الزواج الصحي يمكن الاستعاضة عنه بالصداقة، يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه إن “نقص الحب ليس سبب الزواج غير السعيد، بل نقص الصداقة،” وقد نصح كل مقبل على الزواج: "اسأل نفسك عندما تفكر بالزواج: هل تعتقد أنك ستكون قادرا على التواصل مع هذا الشخص عندما تتقدم في العمر؟ أي شيء آخر في الزواج عابر." أعتقد أنه اختصر المسألة.

18