نشاط متزايد لتمويل الوقود الأحفوري عبر الملاذات الضريبية

لندن- أظهرت دراسة بحثية صدرت الأربعاء أن تريليونات الدولارات من تمويل البنوك لشركات الوقود الأحفوري يتم توجيهها عبر مراكز نقدية غير شفافة في عدد من البلدان، بما في ذلك هولندا.
وتسلط الدراسة البحثية التي أجرتها شبكة العدالة الضريبية، التي تشن حملات ضد الملاذات الضريبية، الضوء على غياب الانفتاح في تمويل شركات الطاقة.
ومنذ توقيع اتفاق باريس حول المناخ في 2015 للحد من احترار المناخ من خلال تحديد هدف 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية، حصلت شركات النفط والغاز والفحم على المليارات من الدولارات على شكل قروض وإصدارات أسهم وسندات.
وحللت الدراسة 6.9 تريليون دولار من التمويل المشترك من 60 بنكا عالميا لشركات الطاقة، مثل عمال مناجم الفحم أو شركات الشحن بين عامي 2016 و2023، بما في ذلك القروض وخطوط الائتمان والسندات.
وقالت فرانزيسكا ماجر، أحد مؤلفي التقرير، “إننا ندق ناقوس الخطر بشأن البنوك وشركات مصادر الوقود غير المتجددة التي تغسل أموالها لإخفاء مقدار الأموال التي تستثمرها حقا في الوقود الأحفوري”.
وقدمت هولندا إصلاحات لمحاولة التخلص من صورتها كقناة لتدفقات الأموال إلى الدول ذات معدلات الضرائب المنخفضة للغاية. وأكد ممثل لوزارة المالية أنها فعلت ذلك.
وبذلت البنوك المركزية الكثير لمكافحة التهرب الضريبي، واستهداف تدفقات الأموال عبر البلاد ومواجهة الهياكل العنيفة، مما أدّى إلى انخفاض النقد المتجه إلى الولايات ذات الضرائب المنخفضة.
ويمثل التمويل المشترك الذي أبرزته الدراسة البحثية جزءا صغيرا من إجمالي الائتمان المصرفي لصناعة مصادر الوقود غير المتجددة. ومع ذلك، أشار مؤلفو الدراسة البحثية أنه يوضح كيف يتم إخفاء المدى الكامل لتمويل الوقود الأحفوري.
وتعرضت المؤسسات المقرضة الكبرى لضغوط متزايدة من الممولين والمدافعين عن البيئة لزيادة التخفيضات في تمويل مصادر الوقود غير المتجددة.
وقالت خدمة تتبع تغير المناخ في أوروبا الأسبوع الماضي إن “العالم شهد أشد صيف في نصف الكرة الشمالي حرارة منذ بدأت السجلات”.
وأضافت “سوف يصبح الطقس المتطرف أكثر تطرفًا إذا لم تخفض الدول الانبعاثات المسببة لارتفاع درجة حرارة الكوكب”.
وثمة إجماع على نطاق واسع بأن انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري من حرق مصادر الوقود غير المتجددة هي السبب الرئيس لتغير المناخ.
وفي مايو الماضي، كشف تقرير بعنوان “المراهنة على فوضى المناخ” أن البنوك العالمية الكبرى تمعن في تمويل استثمارات قطاع الوقود الأحفوري، الأمر الذي يقوض جهود إزالة الكربون في الزيادات السريعة في الظواهر الجوية المتطرفة وتأثيراتها.
ويؤكد معدو التقرير أن الأموال المخصصة لقطاع النفط والغاز تعمل على تأخير التحول إلى انخفاض الكربون، ولذا يبدو الأمر كما لو أن المؤسسات المالية تعتمد على الفوضى المناخية.
وأقرضت البنوك الكبرى، على رأسها شركات أميركية ويابانية، أكثر من 700 مليار دولار العام الماضي لقطاع الوقود الأحفوري، في منحى يتجه نحو التراجع لاسيما بين البنوك الفرنسية، وفق ما أفاد تقرير لتحالف منظمات غير حكومية.
وقالت لوسي بينسون مؤسسة ومديرة منظمة ريكلايم فاينانس، التي شاركت في إعداد التقرير إنه “يجب على البنوك التوقف بشكل عاجل عن تمويل التوسع في قطاع النفط والغاز ومنح أفضلية لتمويل الطاقة المستدامة لإنتاج الكهرباء”.
بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان يعد أكبر مموّل للوقود الأحفوري بحيث استثمر 41 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 5.4 في المئة على أساس سنوي
ويُعدّ بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان أكبر مموّل للوقود الأحفوري بحيث استثمر 41 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 5.4 في المئة على أساس سنوي.
ووفق بيانات جمعتها ثماني منظمات غير حكومية شاركت في إعداد التقرير أن جي.بي مورغان ومؤسسة ميتسوبيشي فاينانشل غروب المصرفية وبنك ميزوهو اليابانيين من بين أبرز الممولين للوقود الأحفوري.
وأسوأ ممول للتوسع في الوقود الأحفوري منذ اتفاقية باريس هو سيتي بنك، حيث قدم حوالي 220 مليار دولار منذ عام 2016. وتعكس الأرقام كذلك انسحابا تدريجيا للبنوك الفرنسية من الاستثمارات في الوقود الأحفوري منذ العام 2020. وتؤكد ريكلايم فاينانس أن أحد التطورات الملحوظة المسجلة في 2023 هو تراجع التمويل الذي تقدمه البنوك الفرنسية لهذه الشركات.
وبلغت حصة البنوك الفرنسية الكبرى الستة بي.أن.بي باريبا وكريدي أغريكول وسوسييتيه جنرال وبي.بي.سي أوه وكريدي موتوييل والبنك البريدي، حوالي 40 مليار دولار العام الماضي، بتراجع بلغ 10 مليارات دولار عن 2022.
ويقول ديفيد تونغ مدير حملة الصناعة العالمية في شركة أويل شانج أنترناشيونال إن العلم يظهر أن أكثر من نصف الوقود الأحفوري في الحقول والمناجم الحالية يجب أن يبقى تحت الأرض للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
وخلص تحليل لمنظمة رياليتي تشيك إلى أن أيا من شركات الطاقة الكبرى التي تم تتبّع نشاطها لا تخطط للقيام بأي شيء حتى ولو كان قريبا مما هو مطلوب للحفاظ على ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.