"نسر السين" مسلسل يؤسس لمفاهيم جديدة في صناعة الترفيه

القاهرة - بعيدا عن السباق الدرامي الرمضاني والعشرات من المسلسلات التي تتنافس على الشاشات العربية، تقدم مجموعة من الشباب المصريين مسلسلا قصيرا على موقع يوتيوب بعنوان “نسر السين” ويدور محتواه في عالم موسيقى الراب المصري.

المسلسل من إخراج كريم الدين الألفي وكريم مرتضى، ومن إنتاج شركة “شيما ستوديو”، وشركة “نوكتوراما فيلم”، وهو من بطولة محمد عمدة، محمد مداح، أحمد بدران، أحمد فاضل وأحمد هاني.

ويقدم “نسر السين” نمطا جديدا من الأعمال الدرامية ذات الحلقات القصيرة والقليلة، فالجزء الأول منه لم يتعد الخمس حلقات، تتراوح مدة الحلقة من 8 إلى 13 دقيقة، وكانت الحلقات تبث بفارق عدة أيام، وهو أسلوب جديد لم تعتد الدراما المصرية وحتى العربية العمل عليه وتعرف عليه المشاهد العربي خلال السنوات الماضية عبر المسلسلات التركية والأجنبية التي عادة تبث حلقة كل أسبوع.

ينتمي المسلسل إلى الدراما الوثائقية التي يُعاد فيها تصوير مشاهد وأحداث حقيقية بطريقة درامية، كما يعتمد الكوميديا الساخرة والمحاكاة لأعمال فنية وأشخاص وأحداث معينة.

المُسلسل يقدم نمطا جديدا من الأعمال الدرامية ذات الحلقات القصيرة والقليلة، فالجزء الأول منه لم يتعدّ الخمس حلقات

ولا يحلق “نسر السين” بعيدا عن “الراب سين” المصري بل يغوص في تفاصيل هذا العالم الذي يصدر أفراده للجميع أنهم أقوياء، لا يهزمون، ويحاربون أعداء بشريين وغير بشريين، ففي عالم الراب لا يوجد شخص ضعيف، وليس هناك من يهتم لمشكلات العامة.

يحكي المسلسل قصة شاب مصري يدعى “عمدة” يبحث عن فرصة للشهرة في عالم الراب، فيسمي نفسه “نسر السين” لقدرته على اقتناص خصومه في المنافسات التي تحدث بصفة دورية، ويطمح عمدة لتحقيق شهرة تضاهي شهرة الجيل الجديد من مغنيي الراب في مصر ومنهم مروان موسى وبابلو وويجز.

ونوه منتجو المسلسل منذ بدايته بأن “العمل ليس الهدف منه سوى الضحك والتسلية، وليس له علاقة بعالم الواقع”، مع تصنيف عمري فوق سن 18 عاما، وتبدأ الأحداث في الخامس من سبتمبر 2021، حيث يتلقى مكتب كريم للمناسبات مكالمة من السيد أحمد هوبز مدير أعمال الرابر (مغني الراب) عمدة لتسجيل حفلة “فريستايل باتل القمة” والتي يعرفها المسلسل أنها مناظرة بين اثنين من مطربي الراب، هما عمدة ونظيره فاضل، ويكون فيها الحكم للجمهور.

يخسر عمدة معركته، فيرفض الاعتراف بهزيمته، ويتهم خصمه بالتلاعب به وشراء أصوات الجمهور، ويصر على مواصلة هدفه في تجديد فن الراب في مصر، حالما بتقديم أغنية عن الحلم العربي شبيهة بأوبيريت الحلم العربي التي قدمت في العام 1998، ومن هناك تتواصل الأحداث لتكشف للمشاهد تفاصيل وكواليس من عالم الراب.

وعلى سبيل المثال تتطرق الحلقة الأولى لما يعرف بين فناني الراب بـ”البيف”، وهي مبارزة غنائية يحاول فيها كل فنان إثبات تفوقه على منافسه، وتدور هذه المبارزة حول عدة مواضيع ونقاط أساسية أهمها تعظيم النفس والسخرية من المنافس حتى وإن تطلب الأمر هجاءه بذكر الفضائح والمشكلات والعيوب الشخصية.

وتشبه هذه المبارزة المعارضات الشعرية التي كانت تقع بين شعراء الجاهلية، حيث يفتخر أحدهم بفنه ونسبه وحياته مقللا من شأن المنافس ومستفزا قدراته الكلامية واللغوية مشحونا بتشجيع الحاضرين ودعمهم.

وكسر “نسر السين” حدود وضوابط الكوميديا المعروفة في الإنتاج العربي وأدخل مؤلف العمل الشتم والسباب بطريقة ساخرة، ضمن الحوار بين الشخصيات، وهي طريقة منتشرة في تفاصيل الحياة اليومية، جعلت الممثلين في المسلسل يبدون أقرب إلى الأشخاص الطبيعيين وهي تشبه لغة الجيل الحالي الذي يتشبث بحقه في التحرر من قيود وضوابط الأجيال السابقة.

وحصد المسلسل الآلاف من المشاهدات على موقع يوتيوب وتظهر التعليقات المصاحبة لمقاطع الفيديو أن الجمهور وجد فيه ضالته، فالأجيال الجديدة التي نشأت في عصر السرعة وتبحث عن المحتوى القريب من عالمها، وجدت ضالتها في القصة الشبابية التي تقدم لها ما تريد في حلقات مكثفة وسريعة تقطع مع المط ونمط الثلاثين حلقة الرائج.

واستطاع المسلسل أن يؤسس لمفاهيم جديدة في صناعة المحتوى الترفيهي، وفقا لقواعد المشاهدة الجديدة، والمحتوى الذي يخاطب فئة محددة، وضمن المسلسل المتابعة بميزانية محدودة جدا وممثلين يتعرف عليهم الجمهور للمرة الأولى، لكنه نجح أيضا في جذب انتباه المنتجين والممثلين إلى قالب جديد من المسلسلات تقوم على الحلقات القصيرة، الإيقاع السريع، والموضوع القريب من الجمهور المستهدف.