نساء أفغانيات يفاوضن طالبان دفاعا عن حقوقهن المسلوبة

فوزية كوفي: “سينبغي علينا تدبر الأمر مع ناس لا يؤمنون بوجود النساء”.
الخميس 2020/09/17
حقوق مسلوبة

كابول – تشارك أربع نساء إلى جانب 38 رجلا، في مفاوضات اتفاق السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بعد أربعة عقود من الحرب في البلاد، ضمن محادثات السلام الجارية في قطر.

وتبدو تحديات الحوار الأفغاني كثيرة، بدءا من إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار ووصولا إلى تحديد طبيعة النظام والقدرة على تشارك الحكم.

وسيكون من الصعب تناول قضية حقوق النساء مع متمردين لا يزالون غامضين في تعاطيهم مع المسألة، اذ لم يكن للأفغانيات أية حقوق خلال فترة حكمهم الذي أسقطه عام 2001 تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.

وتقول فوزية كوفي (44 عاماً) المدافعة البارزة عن حقوق النساء وإحدى الأعضاء الـ21 في وفد كابول، “سينبغي علينا تدبر الأمر مع ناس لا يؤمنون بوجود النساء”، اذ يواجه الوفد 21 من عناصر طالبان، جميعهم رجال.

ورغم أن النائبة السابقة فخورة بأنها جزء من هذه المحادثات إلا أنها تشكّك فيها، اذ سجن متمردو طالبان زوجها أثناء حكمهم الذي دام خمسة أعوام، وهي مهددة بالرجم لأنها وضعت طلاء أظافر.

وفي منتصف أغسطس، نجت كوفي من محاولة اغتيال كانت الثانية ضدها، عندما فتح مسلحون النار عليها قرب كابول، إلا أن حركة طالبان نفت  مسؤوليتها عن الاعتداء.

وبحسب كوفي، سيُنظر إلى النساء المفاوِضات بنظرة أكثر تشدداً من زملائهن الرجال. وتوضّح أن “الناس ينظرون إلى ما نرتدي، سواء كان حجم حجابنا صحيحًا أم لا” مشيرةً إلى أنهم “لا يحكمون علينا بناء على حججنا”.

وتتجاوز هذه الحجج بشكل كبير إطار حقوق النساء التي تتحسّن في المدن الكبرى في ظلّ الوجود الغربي، حتى لو أنه في القرى لا يزال يتمّ التعامل مع النساء على أنهنّ مواطنات من الدرجة الثانية.

الحفاظ على الجمهورية

مشاركة ضعيفة للنساء في المفاوضات
مشاركة ضعيفة للنساء في المفاوضات

منذ سقوط حكمهم، استعاد متمردو طالبان السيطرة على أجزاء شاسعة من البلاد في ظل استحالة الانتصار عليهم عسكرياً، إلى أن وقعوا في فبراير الماضي، اتفاقاً مع واشنطن ينصّ على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بحلول منتصف العام 2021 مقابل تنازلات عدة من بينها مفاوضات سلام مع كابول تأخرت منذ بضعة أشهر بسبب خلافات حول تبادل سجناء.

وسيتعيّن على الأفغانيين إذاً حماية الحقوق المستعادة أو المكتسبة منذ العام 2001.

وتقول كوفي إن متمردي “طالبان يجب أن يقبلوا بمواجهة أفغانستان جديدة، عليهم أن يكونوا قادرين على التعايش فيها”.

ومن المفاوضات النساء، حبيبة سرابي (62)، التي تتذكر الأوقات العصيبة التي عاشتها في عهد المتمردين.

وتركت سرابي، الطبيبة والأيقونة السياسية، انطباعاً في الأذهان عندما أصبحت أول امرأة حاكمة وزيرة لشؤون المرأة أو حتى وزيرة الثقافة والتعليم، قبل أن تفرّ إلى باكستان المجاورة.

ترى حبيبة سرابي أن الأولوية أثناء المحادثات ستكون الحفاظ على الجمهورية أي على هذا “النظام الذي أنتمي إليه كمواطنة”، وهو وضع كانت "ستُحرم منه في ظل الإمارة التي كانت تريد طالبان إقامتها".

ويبدو التوصل إلى مثل هذه النتيجة محفوفا بالمخاطر. وتقرّ بأن “البعض يقولون إن عملية السلام هي أصعب من الحرب حتى”.

قيم مشتركة

لا اعتراف بحقوق المرأة
لا اعتراف بحقوق المرأة

ترى المفاوضة في الفريق الأفغاني فاطمة جيلاني (66 عاماً) أنه يجب البدء بوقف إطلاق نار. وواجهت رئيسة الهلال الأحمر الأفغاني لأكثر من 12 عاماً متمردي طالبان، الذين كانوا هم أيضاً يتلقون الإسعافات من المنظمة غير الحكومية.

وتقول فاطمة جيلاني “تعلّمت أن أكون حيادية وأن أضع آرائي السياسية جانباً”.

وترى رئيسة الهلل الأحمر الأفغاني أن هذه التجربة ستكون مفيدة لها لأنه يجب بدء المفاوضات من دون أفكار مسبقة مضيفةً أن “الأهمّ هو إيجاد قيم مشتركة”. وبالنسبة لجيلاني “هذا هو الإسلام بالطبع”.

شغلت جيلاني منصب المتحدثة باسم المجاهدين خلال حقبة مقاومة السوفيات في الثمانينات وعادت ودرست القانون الإسلامي من أجل الدفاع بطريقة أفضل عن نساء بلادها.

تريد العضو في الفريق القانوني للوفد المحافظة على المبادئ الحالية في أفغانستان في “هيكلية إسلامية”.

وتضيف “أريد أن يتشارك الرجال (في فريقي) شروطي كامرأة”. وترى أن هذه هي الحال “حتى بالنسبة للأكثر تديّناً”.

من الممكن صياغة دستور جديد في البلاد عندما يعمّ السلام في أفغانستان على أن يحمي النساء والأقليات. وتأمل جيلاني أن “ترى أفغانستان دولة يشعر فيها كل مواطن أنه في بلده  دولة حيث نشعر بالأمان”. وتضيف “إذا لم ننجح الآن فذلك لن يحصل أبداً”.

والمفاوضة الرابعة هي شريفة زورماتي وهي سياسية كانت في الماضي صحافية.

وكانت  المفاوضات بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية قد انطلقت السبت، في العاصمة القطرية الدوحة رغم تواصل اطلاق النار.

وأقرّ المفاوضون منذ الجلسة الافتتاحية بأن المحادثات ستكون طويلة ومعقدة. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في كلمته “سنواجه بلا شك العديد من التحديات في المحادثات خلال الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة. تذكروا أنكم تعملون ليس فقط من أجل هذا الجيل من الأفغان بل ومن أجل الأجيال القادمة أيضا”، داعيا طرفي النزاع “لاستغلال هذه الفرصة” لتحقيق السلام.