نزاع قره باغ: إيران تتهيأ لموجة اضطرابات داخلية

طهران- نشر الحرس الثوري الإيراني، الأحد، وحدات من قواته البرية عند الحدود الشمالية مع أذربيجان وأرمينيا على خلفية النزاع الدائر منذ أسابيع في إقليم ناغورني قره باغ، فيما يتوجس النظام الإيراني من موجة اضطرابات داخلية بسبب سياسته تجاه المواطنين الإيرانيين من أصل أذربيجاني.
ويرى متابعون للشأن الإيراني أن الدفع بتعزيزات أمنية إلى المناطق الحدودية يأتي من قبيل التحسب لقمع أي موجة احتجاجات محتملة هناك، خاصة وأن طهران تدعم أرمينيا في نزاعها مع باكو ما ولّد مشاعر السخط لدى الإيرانيين من أصول أذرية.
ومنذ اندلاع الجولة الأخيرة من القتال في الإقليم المتنازع عليه أواخر سبتمبر الماضي، تكرر سقوط قذائف في الأراضي الإيرانية، أدت في بعض الأحيان الى إصابة أشخاص بجروح. وحذرت الجمهورية الإسلامية جارتيها الشماليتين أكثر من مرة، من أنها لن تتساهل مع تكرار سقوط هذه القذائف.
وقال قائد القوات البرية للحرس الثوري العميد محمد باكبور إن “وحدات من القوات البرية أرسلت وتمركزت في المنطقة الحدودية نظرا للنزاع الراهن بين أذربيجان وأرمينيا”.
وشدد باكبور على أن مهمة هذه القوات ستكون “حماية المصالح الوطنية والحفاظ على السلام والأمن”، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية تحترم وحدة أراضي جيرانها لكن “أي تغيير في الجغرافيا السياسية للحدود هو خط أحمر لإيران”.
وأفاد الموقع الإلكتروني للحرس الثوري “سباه نيوز”، أن باكبور زار مدينة خدا آفرين الواقعة في محافظة أذربيجان الشرقية في شمال غرب الجمهورية الإسلامية، والتي كانت عرضة للعدد الأكبر من القذائف التي سقطت في الجانب الإيراني.
وعلى الرغم من أن إيران نادراً ما تُذكر على طاولة المفاوضات في قضية قره باغ، إلا أنه من الممكن القول إن طهران تمتلك موقعًا بالغ الأهمية في هذه القضية، ولاسيما أنها تتبع سياسة داعمة لأرمينيا، ما دفع بأتراك إيران للاحتجاج على السياسات الخارجية لبلادهم والنزول إلى الشوارع الأسبوع الماضي، احتجاجًا على استمرار فتح إيران بوابتها الحدودية مع أرمينيا.
وإيران، التي تمر بفترة صعبة للغاية اقتصاديًا، مستعدة من الداخل للدخول في موجة احتجاجات شعبية واسعة النطاق تتوجس السلطات من أن تنطلق من أبناء الأقلية الأذرية.
وخلال الأشهر الماضية، اكتسبت الاحتجاجات التي بدأت في الغالب كرد فعل على غلاء المعيشة في جميع أنحاء البلاد، أبعادًا سياسية، وتحولت لكابوس يقض مضجع القيادة السياسية، ولهذا السبب، تعمل القيادة السياسية على منع ظهور أي حراك شعبي في البلاد، وقمع أي حراك بأشد القسوة خشية توسعه.
ويرى محللون أن قدرة الإيرانيين من أصول أذرية على تنظيم مظاهرات احتجاجية في العديد من المدن، وخاصة تبريز وطهران، بعد تصاعد التوتر في قره باغ، هي علامة على مدى ارتفاع إمكانية اندلاع مظاهرات شعبية في البلاد. وبالنظر إلى احتجاجات تبريز، يمكننا أن نفهم بسهولة مدى عدم ارتياح المواطنين من سياسات بلادهم الخارجية.
وقبل بدء الاحتجاجات، حذرت قوات الأمن العشرات من النشطاء من المشاركة في التظاهرة، واعتقل عدة أشخاص قبل المظاهرات كإجراء احترازي، إلا أن تلك الإجراءات وغيرها، لم تستطع وضع حد لتفاقم الغضب، على خلفية الدعم الإيراني لأرمينيا في قره باغ، بل عززته خاصة مع ورود أنباء عن اعتقال أكثر من 100 شخص في المظاهرات الاحتجاجية.
وعلى الرغم من كل الضغوط، لم تتمكن طهران من منع الاحتجاجات الشعبية على سياساتها الخارجية، حيث شهدت إيران احتجاجات شعبية رافضة لسياساتها في سوريا على سبيل المثال.