نزار شقرون: الفنانون القطريون سعوا لترسيخ هوية تشكيلية محلية

معرض الدوحة الدولي للكتاب يحتضن جلسة نقاشية حول كتاب "قضايا الهوية في تجارب تشكيلية قطرية".
الخميس 2025/05/15
التحدي الأكبر اليوم هو أننا نعيش في "قرية رقمية"

الدوحة - ضمن الفعاليات الثقافية بمعرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين المقامة حاليا في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات، عقدت مؤخرا جلسة نقاشية في جناح وزارة الثقافة بالمعرض حول كتاب “قضايا الهوية في تجارب تشكيلية قطرية” للكاتب الدكتور نزار شقرون المستشار الثقافي بوزارة الثقافة.

شارك في الحلقة النقاشية الأكاديمي الموريتاني الدكتور مختار الغوث الأستاذ بجامعة طيبة في المملكة العربية السعودية، وأدارتها الإعلامية إيمان الكعبي مدير المركز القطري للإعلام.

وقدم المفكر والناقد الدكتور مختار الغوث قراءة تحليلية في مضمون الكتاب، مؤكدا أن الحديث عن الهوية لا ينفصل عن الثقافة، إذ إن كل شيء يتعلق بنمط حياة الأمة وفكرها، من دين وأخلاق وموسيقى وعمارة وملابس وفنون، يُعد جزءا من ثقافتها، وبالتالي من هويتها.

ولفت إلى أن الهوية الثقافية يمكن أن تصمد أو تتهدد بحسب مدى تماسك الموروث الثقافي وصموده أمام الوافد، مشددا على أهمية الدفاع عن الهوية الثقافية في أزمنة الغزو أو الاستلاب.

وأشار الغوث إلى تجارب شعوب استعمرت، ولكنها استعادت هويتها بقوة، مثل فيتنام وكوريا، حيث رفضت الأجيال الاستمرار في استخدام لغة المستعمر، واعتبرت ذلك جزءا من مقاومة الهيمنة الثقافية. ووجه نقدا ضمنيا للتساهل الذي يبديه بعض المثقفين في مواجهة التغريب، داعيا إلى تعزيز الصلابة الثقافية من الداخل قبل الانفتاح على الآخر.

التجربة التشكيلية القطرية انطلقت أواخر الستينات واستفادت من غياب الضغوط الاستشراقية التي واجهها الفنانون العرب

من جهته، تحدث الدكتور نزار شقرون، مؤلف الكتاب، عن خلفية بحثه والهدف من مقاربته لتجربة خمسة من رواد الفن التشكيلي في قطر، وهم: حسن الملا، سلمان المالك، وفيقة سلطان، محمد علي عبدالله، ويوسف أحمد، موضحا أن دراسته تنطلق من رؤية للهوية بوصفها مفهوما ديناميكيا، لا يتمتع بثبات مطلق، وإنما يتشكل باستمرار عبر التفاعل مع السياقات الاجتماعية والتاريخية والثقافية.

وقال إن التحدي الأكبر اليوم هو أننا نعيش في “قرية رقمية”، مما يصعب على الناشئة حصر ما يستهلكونه من ثقافات وافدة، مؤكدا أن الرهان اليوم لم يعد فقط على المحافظة على الهوية، بل على بناء توازن نقدي يسمح بتثبيت عناصر الهوية مع الانفتاح الواعي.

وفي تحليله للمشهد التشكيلي القطري، بين شقرون أن هذه التجربة القطرية انطلقت فعليا في أواخر الستينات، لكنها استفادت من غياب الضغوط الاستشراقية التي واجهها الفنانون العرب في بداياتهم، خاصة في المغرب العربي، حيث واجهت اللوحة التشكيلية هيمنة التصور الكولونيالي الغربي.

وأضاف أن الفن التشكيلي العربي، وخاصة التصوير، لم يكن جزءا أصيلا في الموروث الفني العربي، باستثناء أشياء مثل المنمنمات، التي كانت تتعامل مع الصورة بوصفها هامشا على المتن، منوها بأن الفنان القطري واجه تحديا مزدوجا: من جهة التعامل مع فن وافد في أدواته ومفاهيمه، ومن جهة أخرى السعي لترسيخ هوية تشكيلية محلية تعبر عن الخصوصية الثقافية القطرية.

يشار إلى أن الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، تقام تحت شعار “من النقش إلى الكتابة” وتشارك فيه 522 دار نشر من 32 دولة، وتحل دولة فلسطين، ضيف شرف هذه الدورة التي تتواصل حتى السبت المقبل.

13