نزار بركة: المغرب جزء من الحل الأوروبي في الأمن والطاقة

الرباط - أكد نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، ووزير التجهيز والماء في المغرب، أن بلاده أصبحت جزءا من الحل الأوروبي لأمن الطاقة، وشريكا إستراتيجيا رئيسيا لأوروبا في ظل التحديات العالمية الراهنة، حيث تقدم حلولا ملموسة لدولها من أربعة مجالات حيوية كالأمن والطاقة والتنافسية والسلام.
وأضاف بركة، ضمن أشغال المؤتمر السنوي للحزب الشعبي الأوروبي المنعقد بمدينة فالنسيا الإسبانية يومي التاسع والعشرين والثلاثين من أبريل الماضي، أن المغرب يظل شريكا في مكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة، وأصبح دعم علاقة قوية بين الطرفين ضرورة إستراتيجية.
وقال المسؤول الحكومي المغربي أمام أعضاء الحزب الأوروبي الأكبر تمثيلا في المفوضية الأوروبية الحالية، إن المغرب جار وشريك يتقاسم معكم نفس القيم، في هذا العصر الذي يتسم بعدم اليقين على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن التنسيق غير المسبوق بين المغرب وإسبانيا أسهم في تقليص كبير لحركة العبور غير النظامي عبر الحدود البرية.
وعلى مستوى أمن الطاقة، أوضح بركة أن المملكة تتجه بخطى ثابتة لتصبح رائدا عالميا في مجال الهيدروجين الأخضر، بفضل مواردها الطبيعية الهائلة وخط أنبوب الغاز الرابط مع أوروبا ومينائها الأخضر، مشيرا في كلمته إلى أهمية مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس، والذي سيساهم في تعزيز أمن الطاقة بأوروبا وتزويد 12 دولة أفريقية بالطاقة الضرورية لتحقيق تنميتها الاقتصادية.
من جهتها، ركزت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على مواجهة التهديدات العالمية من أزمة الطاقة إلى الهجرة، مؤكدة أنها “تحد مشترك يتطلب حلا أوروبيا، وأن عمليات عبور الحدود غير الشرعية قد انخفضت بنسبة 30 في المئة منذ بداية هذا العام”، موضحة أن “هذه النسبة تظهر أن تعاوننا مع جيراننا الجنوبيين منهم المغرب، يؤتي ثماره وسنواصل هذا العمل.”
ويعد تحدي الهجرة من الملفات الحساسة التي تتطلب تعاونا أكبر بين الطرفين، ذلك أن المغرب الذي يعد نقطة عبور للمهاجرين إلى أوروبا، يسعى إلى إيجاد حلول شاملة ومتوازنة لهذا الملف، حيث قالت آن ميتلر، المديرة العامة السابقة للمركز الأوروبي للإستراتيجية السياسية، وهو مركز أبحاث داخلي للمفوضية الأوروبية، إن من مصلحة الاتحاد الأوروبي تعزيز تعاونه مع المغرب في مجال الطاقة النظيفة، فهو شريك إستراتيجي، لا يمتلك إمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة فحسب، بل يتمتع أيضا برؤية متقدمة حول كهربة اقتصاده وإقامة شراكة إستراتيجية مع أوروبا ويتموقع جيدا على الخارطة العالمية للتحول في مجال الطاقة.
واعتبر هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، في تصريح لـ”العرب”، أن “دفاع الوزير على شراكة بلده مع الاتحاد الأوروبي في مجالي الطاقة المتجددة والهجرة، يعد لبنة تأسيسية للتعاون الإيجابي على أعلى مستوى، ما يشكل فرصة لتمتين العلاقات في شقيها الدبلوماسي والسياسي بعيدا عن المواقف الظرفية والحسابات السياسية، على اعتبار أن المملكة بلد أساسي في الجوار الجنوبي وشريك إستراتيجي له موقعه ودوره في عدد من الملفات الحساسة أمنيا وسياسيا واقتصاديا، كما أن الأمن الإقليمي ملف أساسي في التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي.”
وربط نزار بركة بين أمن الطاقة والسيادة المغربية عندما أكد على أهمية دعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل جاد وواقعي لإنهاء نزاع طال أكثر من خمسة عقود، مؤكدا أن هذه المبادرة تحظى بتأييد واسع من طرف الولايات المتحدة و22 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي إلى جانب العديد من الدول عبر العالم، مبرزا أن الأمر لا يتعلق فقط بإنهاء نزاع قديم، بل ببناء مستقبل مشترك لضفتي البحر المتوسط.
المغرب الذي يعد نقطة عبور للمهاجرين إلى أوروبا، يسعى إلى إيجاد حلول شاملة ومتوازنة لملف الهجرة الغير نظامية
ومع الاستقرار الذي يحظى به المغرب والفرص المتوفرة، تتطلع الشركات الأوروبية إلى الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية بالمغرب، بما يمكنها من إنتاج الكهرباء لمشاريع الربط الكهربائي المرتقب أن تجمع المملكة مع العديد من الدول الأوروبية، إذ كشف نزار بركة أمام الأوروبيين أن 52 في المئة من إنتاج الكهرباء بالمغرب ستأتي السنة المقبلة من مصادر متجددة، مضيفا أن تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال يجسد روح التكامل والشراكة بين أفريقيا وأوروبا.
وفي هذا الصدد، دعا السير ليام فوكس، النائب البريطاني على هامش دورة 2025 للمنتدى، المنعقد بمركز المعارض كينسنغتون أولمبيا بغرب العاصمة البريطانية، المستثمرين البريطانيين إلى اغتنام فرص الاستثمار التي يتيحها المغرب، خاصة في أقاليمه الجنوبية التي تتيح فرصا استثمارية واعدة في مجموعة واسعة من القطاعات، لاسيما الخدمات والطاقات المتجددة.
وأبرز المسؤول البريطاني الدور الريادي للمغرب كبوابة نحو أفريقيا الغربية والقارة الأفريقية عموما، وأنه لا يوفر فقط فرصا استثمارية، بل يفتح أيضا الباب نحو القارة برمتها، كما يوفر فرص أعمال ضخمة بفضل ما يتمتع به من مؤهلات عديدة، من ضمنها موقعه الجغرافي الإستراتيجي، مضيفا أن هذه المؤهلات، إلى جانب مقومات أخرى مثل السواحل الأطلسية الحيوية والمشاريع الكبرى في مجالات الطاقات النظيفة والفلاحة، تجعل من المغرب “وجهة حقيقية للاستثمارات العالمية.”
وعلى مستوى تعزيز التنافسية وبناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع المغرب، شدد نزار بركة على أن المملكة باتت وجهة مفضلة للاستثمارات الأوروبية بفضل توفرها على مصانع بطاريات السيارات، وتجمعات صناعية للطيران، ومنصات لوجستية وخدماتية عالمية المستوى، وموارد بشرية مؤهلة، مدعومة بطاقة متجددة وافرة، مما يجعل هذه الاستثمارات أكثر تنافسية واستدامة.