نذير أزمة في ليبيا مع إغلاق كافة حقولها النفطية

طرابلس - أعلن منتسبو حرس المنشآت في ليبيا، اليوم الأحد، إغلاق الحقول والموانئ النفطية في كامل البلاد احتجاجا على تجاهل المسؤولين لمطالبهم وعدم استجابتها للاتفاقيات الموقعة بينهما، وهو ما ينذر بدخول البلاد في أزمة اقتصادية في ظل استمرار الصراع السياسي بين الفرقاء الأساسيين وفشل المجتمع الدولي في ممارسة ضغوطه للتوصل إلى تحديد موعد لتنظيم الانتخابات.
وقال منتسبو حرس المنشآت، في بيان صحافي اليوم أوردته قناة "ليبيا الأحرار" عبر صفحتها على فيسبوك "أمهلنا المسؤولين مدة 10 أيام للاستجابة إلى مطالبنا دون جدوى".
وطالبوا رئيس حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة باعتماد الجهاز إداريا وماليا تحت المؤسسة الوطنية للنفط، وضمنيا تحت وزارة الدفاع، داعين إلى اعتماد جدول مرتبات الجهاز إسوة بموظفي مؤسسة النفط مشتملا على الزيادة 67 بالمئة مع صرف العلاوات والفروقات حسب القانون
وحرس المنشآت النفطية جهاز تابع لوزارة الدفاع يتولى مسؤولية تأمين منشآت النفط والغاز في ليبيا، ووقع في الكثير من المراحل ضمن الانقسامات التي تعانيها المؤسسات الليبية، جراء الصراعات السياسية في البلاد.
وكان منتسبو الجهاز قد أعلنوا في بيان الثلاثاء الماضي غلق مصفاة الزاوية ومجمعي مليتة ومصراتة النفطيين، وهددوا بالتصعيد إذا لم يتم الرد على مطالبهم في غضون خمسة أيام، مشيرين إلى أن الإقفال سيطاول الحقول والمجمعات والمنشآت والمخازن والإدارات في قطاع النفط على مستوى ليبيا، وأنهم سيستمرون في اعتصامهم دون تحديد وقت لاستئناف التشغيل.
أكد البيان أن المنتسبين إلى الجهاز لا يتبعون أي فصيل سياسي، وأضاف "طالبنا بحقوقنا المشروعة في أكثر من مناسبة، وناشدنا المسؤولين عدة مرات، ودخلنا في اعتصام سلمي دون تخريب لممتلكات الدولة.. حافظنا على قوت المواطنين متمثلاً في المجمعات وحقول النفط والغاز، وكنا نأمل في منحنا مستحقاتنا وحقوقنا وزيادات المرتبات أسوة بالجهات الأخرى، لكن فوجئنا بالاستبعاد والتهميش مع كل المحاولات والمراسلات التي عملت بها إدارة الجهاز سابقاً وفي والوقت الحالي".
وانتقد البيان وعود المسؤولين لهم بتسوية أوضاعهم، مشيرين إلى أن آخرها تعليمات رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة بالنظر في أوضاع الجهاز ومنح منتسبيه حقوقهم "إلا أنه لم يكن هناك تقيد بتلك التعليمات".
وحمل المنتسبون "المسؤولين كامل المسؤولية"، أكدوا اضطرارهم على خطوة إقفال المنشآت الثلاث بسبب "متاعب الحياة ونحن في ظروف عملية ونفسية سيئة أدت بنا مجبورين وليس راغبين إلى اتخاذ قرار الإقفال الذي لم نلجأ إليه إلا بعد سد الطرق أمامنا".
ومن شأن توقيف الإنتاج في الحقول النفطية، أن يتسبب في انهيار صناعة الطاقة في ليبيا، وهو المورد الرئيسي للبلاد، وأن يؤدي إلى نتائج مدمرة للاقتصاد، ما سيزيد من مأساة الشعب الذي يعاني من نقص للسيولة وتأخر الرواتب وتدهور الأوضاع المعيشية.
وإغلاق المواقع والحقول النفطية، أمر متكرر في ليبيا، خاصة في منطقة الجنوب الغنية بالنفط والفقيرة في الخدمات، بسبب الاحتجاجات التي تطالب بتحسين ظروف العيش، أو بسبب الصراع السياسي على الثروة النفطية وعائداتها المالية.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد عن 95 في المئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية. ويشار إلى أن الإنتاج اليومي في عموم ليبيا يناهز 1.2 مليون برميل في اليوم.
وشهد قطاع النفط في ليبيا، منذ انهيار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، إغلاقات عدة كان أبرزها إغلاق العام الماضي الذي بدأ في أبريل واستمر أكثر من شهر كامل عندما قام أشخاص من الجنوب بإيقاف إنتاج وتصدير النفط بهدف الضغط على حكومة الدبيبة لتسليم السلطة لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المعين آنذاك من البرلمان في فبراير 2022.
وتكبدت ليبيا حينها خسائر قدرت بـ60 مليون دولار يوميا جراء تواصل الإغلاقات، أي ما يقارب ضياع نحو 600 ألف برميل من الإنتاج النفطي يوميا (بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط الليبي محمد عون)، في وقت عرفت أسعار النفط انتعاشا غير مسبوق، ولم يخف خبراء النفط بالبلد تخوفهم من الدخول في أزمة طاقة بخاصة أن الدول الأوروبية تعتمد على الإمدادات النفطية الليبية التي كان البلد يطمح إلى رفعها إلى أكثر من 1.20 مليون برميل يوميا (الإنتاج اليومي للنفط قبل إغلاق حقلي الشرارة والفيل).