نذر فقاعة عقارية مع اتساع مقاطعة سداد الرهون في الصين

تواجه الصين عثرة هي الأقسى منذ سنوات مع اتساع حملة مقاطعة سداد الرهون العقارية وتفشي أعراض الركود في أعمال البناء، وهو ما ينذر بانفجار فقاعة في القطاع قد تتسرب إلى خارج البلاد وتعيد سيناريو الأزمة المالية العالمية قبل 13 عاما.
بكين - يهدد عدم إحراز تقدم في المزيد من مواقع البناء في الصين بتكثيف مقاطعة المشترين سداد الرهون العقارية احتجاجا على تعثر تشييد منازلهم بعد شهرين من توقف العديد منهم عن مواصلة الوفاء بالتزاماتهم المالية.
وأصبح احتجاج الرهن العقاري عملا نادرا من العصيان العام في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتم دفعه عبر الشبكات الاجتماعية في أواخر يونيو الماضي وأجبر المنظمين على التدافع لتأجيل سداد القروض لمدة تصل إلى ستة أشهر والتعهد بالإسراع في البناء.
لكن مع عدم وجود أي مؤشر على بدء أعمال التشييد في العديد من المشاريع وغياب التوجيه الواضح من السلطات المحلية، أكد المزيد من المشترين لرويترز أنهم يخططون للانضمام إلى آخرين توقفوا عن الدفع.
وبينما لا يوجد رقم رسمي دقيق حول عدد المقاطعين، أوضح وانغ ويندينغ في مدينة تشنغتشو بوسط البلاد أنه سُمح له بتأجيل مدفوعات الرهن العقاري على شقته لمدة نصف عام في أواخر يوليو.

قروض بقيمة 43 مليار دولار في خطر إذا تمت مقاطعة كافة المشاريع غير المكتملة
ومع ذلك سيتعين عليه دفع الأقساط المستحقة دفعة واحدة عندما يحين الأجل بغض النظر عن حالة البناء التي لم تبدأ بعد. وقال “ماذا سنفعل إذا استمر عدم استئناف البناء بعد ستة أشهر؟ سنوقف جميع المدفوعات مباشرة”.
وهدد مشترو المنازل في مئة مدينة على الأقل بتعليق سداد أقساط القروض منذ أواخر يونيو الماضي حيث توقف المطورون عن بناء المشاريع بسبب ضيق التمويل والقيود الصارمة لمواجهة موجات تفشي وباء كورونا.
ويأتي احتمال توسع رقعة مقاطعة الرهن العقاري بينما تستعد الصين لعقد مؤتمر الحزب الشيوعي في الشهر المقبل، مع التركيز على الجهود المبذولة لإنعاش الاقتصاد إثر التدهور الذي ابتليت به أزمة العقارات.
وعلى النقيض من بيانات النشاط القوية لمختلف المجالات الأخرى، انكمش القطاع أكثر في أغسطس الماضي مع استمرار الخسائر في أسعار واستثمارات ومبيعات المنازل.
وتراجعت الاستثمارات العقارية الشهر الماضي بنسبة 13.8 في المئة، وهي أسرع وتيرة منذ ديسمبر 2021، وفقا لحسابات رويترز بناء على بيانات رسمية.
كما انخفضت أسعار المساكن الجديدة بنسبة 1.3 في المئة على أساس سنوي الشهر الماضي، وهي الوتيرة الأسرع منذ أغسطس 2015، بعد انخفاضها 0.9 في المئة في الشهر السابق.
ورغم أن الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي منعت الرسائل ومحت مقاطع الفيديو الخاصة بالاحتجاجات، مما أدى إلى إبعادها عن دائرة الضوء العامة، توسعت المقاطعة.
وأظهرت قائمة مراقبة على نطاق واسع على موقع غيت هاب مفتوح المصدر بعنوان “وي نيد هوم” (نحتاج إلى منزل) عدد المشاريع في جميع أنحاء الصين التي انضم مشتروها إلى المقاطعة عند 342 في منتصف هذا الشهر ارتفاعا من 319 في أواخر يوليو الماضي.
وقال تشي يو، أحد مشتري المنازل في مدينة نانتشانغ جنوب شرق البلاد، إن “الحكومة تركز على الاستقرار الاجتماعي ولم تفكر في حل مشكلة المشاريع غير المكتملة”.

وأضاف يو الذي لم يقدم خدمة الرهن العقاري بقيمة مليون يوان (142 ألف دولار) منذ يوليو “لا يوجد شيء يمكننا القيام به إذا لم تساعدنا الحكومة”.
وذكرت مصادر مطلعة أن سلطات مدينة تشنغتشو، مركز الاحتجاج، تعهدت بالبدء في بناء جميع مشاريع الإسكان المتعثرة بحلول السادس من أكتوبر المقبل.
وأكدت المصادر، لم تكشف رويترز هويتها، أن المدينة ستستخدم القروض الخاصة وستحث المطورين على إعادة الأموال وشركات العقارات المختلسة على تقديم طلب الإفلاس.
وزادت مقاطعة الرهن العقاري المخاوف من الركود المطول في سوق العقارات في الصين، والتي انتقلت من أزمة إلى أخرى منذ منتصف عام 2020 بعد تدخل المنظمين لتقليل الرافعة المالية.
وكشفت الحكومة المركزية عن تدابير تشمل خفض تكاليف الاقتراض ومساعدة الحكومات المحلية على إنشاء صناديق إنقاذ لدعم سوق العقارات.
وعلى الرغم من أن هذا أمر مؤكد لبعض مشتري المنازل، إلا أن آخرين يقولون إنهم أجبروا على التزام الصمت وسط حملة قمع ضد المعارضة.
حملة المشترين زادت القلق حيال ركود مطول في السوق التي عانت من أزمات متتالية منذ منتصف 2020
وفي تشنغتشو قالت آشلي البالغة من العمر 30 عاما، والتي لم تذكر سوى اسمها الأول، إنه بينما استؤنف البناء في شقتها في الربع الثاني من 2022، يعمل عدد قليل فقط من الأشخاص في الموقع “لإرضاء أصحاب المنازل”.
وأكدت أنه تم تحذيرها هي وأصحاب المنازل الآخرين من السفر إلى بكين للاحتجاج بعد أن ألغت حكومة تشنغتشو مرارا اجتماعات مع المشترين.
وقالت “تلقيت اتصالا من رجال الشرطة هذا الأسبوع، وطلبوا مني عدم الالتفاف حولهم للاحتجاج لدى السلطات العليا”.
وأضافت “قالوا إن أي شيء يجب أن أتحدث بشأنه إلى الحكومة المحلية أولا، وإذا لم يتمكنوا من حل المشكلة فيمكنهم إرسال الرسالة إلينا”.
وأظهرت أشلي لرويترز سجل هاتف اتصلت به الشرطة 15 مرة في يوم واحد في وقت سابق من هذا الشهر. ورفضت وزارة الأمن العام في تشنغتشو التعليق.
وقالت شركة ناتيكسيس غلوبال آست مانجمنت في تقرير الشهر الماضي إن قروضا تبلغ قيمتها 2.3 تريليون يوان (43 مليار دولار) معرضة للخطر إذا انتهى الأمر بمقاطعة جميع المشاريع غير المكتملة.
وذكرت مصادر أن بكين أنشأت صندوق إنقاذ تصل قيمته إلى 44 مليار دولار و29 مليار دولار في شكل قروض خاصة لمشاريع غير مكتملة لاستعادة الثقة.
مدينة تشنغتشو ستستخدم القروض الخاصة وستحث المطورين على إعادة الأموال وشركات العقارات المختلسة على تقديم طلب الإفلاس
ومع ذلك أشارت مصادر في قطاع التطوير العقاري ومصرفيون إلى أن الأمر قد يستغرق وقتا حتى تحدث هذه الصناديق فرقا. وقال مسؤول تنفيذي كبير في شركة تطوير مقرها شنغهاي “لن يكون هناك مال للجميع”.
وقال أحد مشتري المنازل في مشروع تعهدت به مجموعة إيفرغراند في هيفي، وهي مدينة تقع في وسط مقاطعة آنهوي، “كان من المقرر أن أستلم شقتي في عام 2020، لكن البناء توقف خلال السنوات الأربع الماضية”.
وأضاف هذا الشخص، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “المشترين في هذا المشروع بدأوا الاحتجاج خلال العام الماضي وانضموا إلى المقاطعة الأوسع في يونيو الماضي”.
وتقول إيفرغراند إن رئيسها التنفيذي هوى كا يان تعهد في اجتماع داخلي الأسبوع الماضي بإعادة جميع أعمال البناء إلى طبيعتها في نهاية سبتمبر الجاري.
وبحسب بيانات رويترز فإنه من أصل 706 مشاريع للشركة التي تعد أكبر كيان تطوير عقاري في البلاد، لم يستأنف 38 مشروعا البناء حتى الآن، بينما تمت إعادة تشغيل 62 مشروعا الآن فقط.
وقال صاحب المنزل “لن نسدد الرهون العقارية مرة أخرى إذا لم نشهد أي نتائج ملموسة”، مضيفا أن “البناء الجزئي استؤنف في أواخر أغسطس مع حوالي 20 عاملا فقط” و”سنواصل الاحتجاج وسنذهب إلى بكين”.