ندوة حوارية تستكشف الإرث الثقافي في كوريا والإمارات وآفاق التلاقي

كوريا والإمارات فضاءان ثقافيان يتحاوران من خلال ندوة تسلط الضوء على التراث الثقافي لكوريا وتهدف لتعزيز جسور التواصل بين الدولتين.
الأربعاء 2019/04/10
الثقافة وسيلة انفتاح وتواصل

الثقافة مجال واسع لا يتوقف عند الجانب الإبداعي على اختلاف عناصر وأنواع الإبداع، فالثقافة تدخل في كل مناحي الحياة من لغة وتواصل وأفكار وأكل ومشرب وحتى أبسط عناصر الحياة اليومية والعلاقات وغيرها، وإيمانا من دولة الإمارات بأهمية الثقافة والتراث بادرت إلى عقد علاقات منفتحة مع شعوب ودول أخرى من خلال الثقافة، علاقات تساهم في التعرف على الآخرين من جهة، وتعريفهم بالثقافة والإرث الحضاري العربي العريق.

أبوظبي – نظمت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع مكتب شؤون المجالس بديوان ولي عهد أبوظبي ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، مساء الاثنين، ندوة حوارية بعنوان “كوريا والإمارات: الإرث الثقافي وآفاق التلاقي”، وذلك في مجلس محمد خلف في منطقة الكرامة بأبوظبي.

وشهدت الندوة، التي أدارها سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر، حضور كل من هدى إبراهيم الخميس مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وبارك كانغ-هو سفير جمهورية كوريا لدى الإمارات، وفرانشيسكا منديز إسكوبار سفيرة المكسيك لدى الدولة، وعبدالله بطي القبيسي مدير إدارة الفعاليات والاتصال باللجنة.

الحوار والآخر

تأتي الندوة في إطار مبادرة “صون التراث الثقافي” بتنظيم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، الجهة المنظمة لمهرجان أبوظبي، والذي اختتم فعاليات دورته السادسة عشرة نهاية مارس الماضي، حيث تم الاحتفاء بالثقافة الكورية باختيار جمهورية كوريا ضيفة شرف المهرجان لهذا العام، وتأتي هذه الندوة في إطار الجهود المستمرة لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون منذ تأسيسها في الاحتفاء بالموروث الثقافي وصون التراث والاعتزاز بالهوية الوطنية المتسامحة والمنفتحة على العالم.

وبداية قالت هدى إبراهيم الخميس “إنّ مبادرة صون التراث الثقافي بالتعاون مع لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، تترجم رؤيتنا المشتركة في الاحتفاء بالموروث لجعله مساحة لقاء حضاري وحوار ثقافي يعزز الهوية ويعلي قيم التسامح والانفتاح على الآخر”.

الندوة تأتي في إطار جهود مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون في الاحتفاء بالموروث الثقافي وصون التراث

وأضافت “كما تسلّط ندوة ‘كوريا والإمارات: الإرث الثقافي وآفاق التلاقي‘ الضوء على التراث الثقافي الخاص بجمهورية كوريا ضيفة شرف مهرجان أبوظبي لهذا العام، إسهاماً في جهود الدبلوماسية الثقافية وتعزيز جسور التواصل بين الدولتين”.

وقال بارك كانغ-هو “إنه لأمر رائع أننا في كل من كوريا ودولة الإمارات نتحاور حول التراث الثقافي معاً، وفي هذا الخصوص، أعتقد أن مهرجان أبوظبي 2019 سيكون حجر أساس لعلاقات ثقافية متبادلة وقوية بين بلدينا، وأن هذا الحوار يعد إضافة إلى مشاركة كل من فرقة الباليه الكورية الوطنية، وفرقة الأوركسترا الكورية السيمفونية في المهرجان، وأنا ممتن لكل شخص ساهم في هذا الإنجاز بمن فيهم الجمهور”.

وأشار السفير الكوري إلى أن هناك أكثر من 200 شخص من الفنانين والمبدعين الكوريين يزورون الإمارات سنوياً منذ تأسيس المركز الثقافي الكوري في شبه الجزيرة العربية في أبوظبي، مؤكدا على أن الإمارات دورها رائد في التعاون الثقافي في مجال التراث وأن الثقافة والتراث هما أول ما يجب أن نتعلمهما في معرفتنا بالآخر.

من جانبه، قال سلطان العميمي “لقد كان مفاجئاً لي أن اهتمام كوريا بالعالم العربي والإمارات بدأ مبكراً منذ العام 1965 حيث تأسس أول معهد للغة العربية ثم المعهد الكوري للشرق الأوسط 1966 والمعهد الجامعي لدراسات الشرق الأوسط 1977 والمعهد الجامعي للخليج العربي 2011”، مضيفا “نجد هناك الكثير من العادات والثقافات المشتركة في الثيمات المشتركة في الحكايات الشعبية بين البلدين، الخرافات والأساطير والجن والظواهر المحيطة بالإنسان والقيم الإنسانية المشتركة”.

تشابه ثقافي

عازفان في عرض تراثي كوري
عازفان في عرض تراثي كوري

بينما طرح حميد الحمادي، رئيس جمعية الصداقة الإماراتية الكورية، وجهة نظره تجاه الإرث الثقافي الكوري بعيون إماراتية، وأهمية استكشاف الملامح الرئيسية للموروث الثقافي الكوري والقيم المشتركة المتشابهة ثقافياً وتراثياً، وتعريف المجتمعات العربية بجماليات الثقافة الكورية.

وأوضح لي جون هو، الملحق الثقافي الكوري مدير المركز الثقافي الكوري في أبوظبي، الجهود والمبادرات والفعاليات التي ينظمها المركز وسلط الضوء على الموروث الثقافي الكوري والقواسم المشتركة بين الثقافتين الكورية والإماراتية. واختتمت حوارات الندوة بمداخلة من الأستاذ سلطان العميمي لخص فيها فحوى هذا اللقاء حول القيم المشتركة وجمالية التراث الثقافي وأهمية صونه.

وتناول الحمادي تجربة تأسيس جمعية الصداقة الإماراتية الكورية التي تأسست في العام 2011، فمنذ العام 2009 بدأ الاهتمام بالتعرف على ثقافة وتجربة جمهورية كوريا مع اتفاقية بناء المفاعلات النووية السلمية كمشروع أسهم في تعزيز العلاقة بين الدولتين، وصولاً إلى التعاون في العديد من المشاريع بينها تعزيز الرعاية الصحية حيث هناك أكثر من 3000 مريض إماراتي يتعالج في كوريا سنوياً، كما التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والثقافة وغيرها، اليوم بدأ الجمهور الإماراتي بالتعرف أكثر على كوريا وشعبها وثقافتها.

وفي الختام تحدث عن أهم شاعرين كوريين هما يون دون جو وكيم سو ال، وألقى قصيدة للشاعر كيم سو ال،  وهي قصيدة غزلية تتناول الحب والطبيعة والفراق في تركيز على القيم الثقافية والمعاني الشعرية المشتركة بين الشعبين والثقافتين العربية والكورية.

بدوره، قال لي جون هو إن المركز افتتح تحت مظلة السفارة والحكومة في العام 2016 لدينا 32 مركزا خارج كوريا ويختص المركز في أبوظبي بالعلاقة مع الناس في مكان يمكن أن نقدم فيه ما لدينا للاجتماع والتحدث وتبادل الأفكار والآراء، كما يختص بالروابط حيث يمكن للجمهور التواصل معنا بحيث عززنا الروابط مع المراكز الإماراتية وبالعكس بين الأفراد من فنانين ومؤسسات من البلدين وهذا هو دورنا في المركز.

أكثر من 200 شخص من الفنانين والمبدعين الكوريين يزورون الإمارات سنوياً منذ تأسيس المركز الثقافي الكوري في أبوظبي

وأضاف لي جون هو “المركز يجسد التجربة والخبرة في التعرف على ثقافة بعضنا البعض، لدينا المهرجان الكوري كل سنة في أكتوبر، ولاسيما أننا نعقده بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة كمنصة للتبادل الثقافي، لدينا بعض المرافق في مركزنا للمعارض والمناسبات والحوارات ولدينا فعاليات تقديم الثقافة الكورية مع الإمارات، نراكم التجارب الكورية المشتركة بين الشعبين، أنا أحب أن يكون المجلس الثقافي الكوري كالمجلس الإماراتي مفتوحا لكل الناس وأن أجعل من المركز مجلسا مثل المجلس الإماراتي المنفتح على العالم”.

وأكد لي جون هو أن لكوريا تاريخا طويلا يصل إلى خمسة آلاف سنة غني ومتنوع بكل أشكال التراث الثقافي، لدينا خمسون قطعة أثرية مسجلة في قائمة اليونسكو، مشيرا إلى أن الآرتش، الرقص التقليدي الكوري، أداة تواصل في المجتمع، فالرقص يتم للتسلية والمتعة أو كطقس ديني أو انعكاس لوحدة المجتمع، أما مفردة “تيبامو” فتعني أمنية من أجل السلام والازدهار للأمة وهي اسم الفرقة الكورية الفنية التي شاركت في عام زايد ضمن المهرجان الثقافي الكوري في الإمارات كرسالة من كوريا إلى الإمارات لتسليط الضوء على القيم الإنسانية المشتركة.

وأضاف أن القيم المشتركة بين الثقافتين منها الدور المحوري للأم الإماراتية، الاعتناء بكبار السن، الحياة اليومية حتى في خلع الحذاء عند دخول المنزل تماما كما يفعل الإماراتيون، وأيضا مشاركة الطبق الواحد في الطعام لجميع أفراد العائلة، كما نستمتع بالجلوس على الأرض كما يفعل الإماراتيون كطقس جلوس تقليدي يعكس التواضع، كنا نستخدم الهاموك وهو لباس غير ضيق عريض ومريح كما يفعل الإماراتيون، وهو بقياس واحد للجميع يتم شده عند الوسط على قياس الشخص.

وعلى هامش فعليات الندوة، أقيم معرض مصغر في قاعات المجلس لنماذج من الأزياء التراثية الكورية، والأعمال الفنية والمشغولات والصناعات اليدوية التي تحتفي بالإرث الثقافي الكوري.

14