"نخيل عراقي" مؤسسة شبابية طموحة تستعيد الهوية الثقافية للعراق

مشروع حالم في رحلة شاقة يحاول استعادة حضور الثقافة في مفاصل الحياة العراقية.
الخميس 2022/12/29
مجاهد أبوالهيل: هدفنا إعادة الثقافة كنمط حياة وخطاب

بغداد - لاسم النخيل دلالة عميقة في العراق بالاستناد إلى وجوده التاريخي، إذ كانت هذه الشجرة رفيقة العراقيين، ما حوّلها إلى أيقونة ثقافية بكل ما ارتبط بها من ماض عريق ودلالات ورمزيات عن العزة والصمود وغيرها من الرؤى التي خلدها الشعراء والأدباء وحتى الفنانين.

وربما استلهام اسم النخيل اليوم في العراق يمثل محاولة للفكاك من الخراب، خراب المؤسسات والرؤى والأفكار، وهذا ما انتهجته مؤسسة “نخيل عراقي” كمشروعٍ حالم وفكرة معقولة تحاول في رحلة شاقة استعادة حضور الثقافة في مفاصل الحياة العراقية، الثقافة بمعناها الأوسع من الشعر والفكر والفنون.

بإمكانيات متواضعة وكادر من الشباب استطاعت المؤسسة تقديم خدمات هامة للثقافة العراقية والعربية
بإمكانيات متواضعة وكادر من الشباب استطاعت المؤسسة تقديم خدمات هامة للثقافة العراقية والعربية

كانت بداية المؤسسة سنة 2009 وقد تجسدت بمطبوعات لشعراء بارزين مثل  حسب الشيخ جعفر وصلاح نيازي وأجود مجبل وعارف الساعدي ومجاهد أبوالهيل وآخرين.

و بعد توقفٍ لأسباب عديدة استطاعت “نخيل” العودة مرة أخرى عام 2018، لكنها لم تعلن عن ولادتها الجديدة حتى  يوم الثالث من أغسطس من سنة 2019 بحفل كبير كشفت فيه عن أهدافها وسط حضور نخبة من المبدعين العراقيين والعرب.

وعن الاسم ودلالته يصرح مؤسس هذا المنبر الثقافي الشاعر مجاهد أبوالهيل قائلا “تربطني شخصيا علاقة حميمة بالنخلة، كما تربطنا نحن العراقيين صلة قربى بها، فهي عمتنا جميعا، كنت أرى تحت كل نخلة مبدعا أو شاعرا أو ثائرا أو فلاحا، حفظت هذا الاسم بكل دلالاته وراح يرافقني كلما ازدادت أحلامي وتعددت”.

أن يكون الشاعر مسؤولا عن مؤسسة فذلك يبعث على الأمل والطمأنينة لدى الكثيرين، لأن الشعر يفترض أن يترسخ داخل الشاعر عبر عاطفة مغايرة وإحساس عال، وذلك ما يتحلى به الشاعر أبوالهيل لمن يعرفه عن كثبٍ، وبالرغم من تعاطفه وتسامحه فإنه حازم بما يخدم الثقافة العراقية والأهم من كل ذلك أنه يتعايش مع الإبداع عابرا لكل الفوارق الطائفية والقومية فما يعنيه أولا وآخرا هو الروح العراقية الخلاقة وإبداعها أين ما حل وأين ما ارتحل.

وإذ نسأله من أين جاءت فكرة المؤسسة، يقول الشاعر “جاءت فكرة تأسيس منظمة نخيل عراقي الثقافية بعد شعورنا بتمزق الهوية الثقافية وانقطاعها عن النبع، وبعد أن تم استبدالها بهويات فرعية غير قادرة على إشاعة الحياة، هناك أهداف كثيرة ومهمة لنخيل عراقي لكن هدفها الأهم هو الاشتغال على إعادة الثقافة كهوية ونمط حياة وخطاب”.

وكرمت نخيل عراقي نخبة من رواد الثقافة والفن والإبداع بنسخة من تمثال الجواهري في حفل انطلاقتها الثانية، إضافة إلى أنها أطلقت مدونتها الإلكترونية بمجلات ثقافية على مواقع التواصل الاجتماعي لتستحوذ على اهتمام النخب العراقية والعربية.

كذلك أقامت نخيل عراقي العديد من الأماسي الشعرية والندوات الثقافية لنخبة من الفاعلين في المشهد العراقي والعربي، وبإمكانيات متواضعة وكادر من الشباب استطاعت المؤسسة أن تحجز مقعدها كأبرز المؤسسات المستقلة في عراق بات كل ما فيه مسيسا بشكل يدعو إلى الريبة.

مؤسسة نخيل عراقي أقامت العديد من الأماسي الشعرية والندوات الثقافية لنخبة من الفاعلين في المشهد العراقي والعربي استطاعت من خلالها أن تحجز مقعدها كأبرز المؤسسات المستقلة في عراق بات كل ما فيه مسيسا

وبالعودة إلى ما قدمته من عرفان لمبدعي الثقافة العراقية فإنها كرمت الروائي والصحافي حسن العاني والشاعر شوقي بزيع والناقد عبدالرضا علي وكذلك النجمة العربية سلاف فواخرجي والمخرج وائل رمضان إضافة إلى المفكر العراقي غالب الشابندر والروائي العراقي علي بدر وعدد كبير وممتد من المبدعين، حد أنها بدت كبيت لهم عراقيين أو عرب.

وآخر التظاهرات التي أقامتها المؤسسة مؤخرا احتفاؤها بالسياب، إذ يعتبر الشاعر العراقي بدر شاكر السياب أحد أهم رواد الشعر العربي، وضمن ذلك السياق تبدو استعادته تأكيدا للشعرية المتجددة لا تصنيما للرمز، وبالتزامن مع ذكرى رحيله أطلقت نخيل عراقي أسبوع السياب ابتداء من التاسع عشر من ديسمبر وحتى الرابع والعشرين منه.

وجاءت المبادرة كتعريف بالدور البارز للسياب في الثقافة العراقية وتضمنت المبادرة نشر نتاج السياب الشعري بجميع منصات نخيل عراقي لمدة أسبوع كامل، وأيضا إعداد فيلم وثائقي قصير عن حياته، إضافة إلى نشر القصائد التي ترجمها السياب لشعراء عالميين وكذلك نشر رسائل له تنشر لأول مرة حصلت نخيل عراقي عليها.

ونسأل الشاعر مجاهد أبوالهيل عما يخبئه من مفاجآت مع حلول العام القادم ليقول “سنطلق موسم نخيل الثالث والعشرين وفيه الكثير من المفاجآت المهمة كجائزة نخيل للإبداع التي ستكون الجائزة الأهم لخمسة حقول إبداعية”.

14