"نحن نحب القراءة".. مبادرة أردنية لزرع شغف المطالعة بين الأطفال

مبادرة فكرية تنمي اللغة والأفكار والمفاهيم عند الأطفال وتصل إلى كل مناطق المملكة.
الثلاثاء 2023/04/25
عدد قليل فقط من الأطفال الأردنيين يحبون المطالعة

عمان - يجلس أكثر من 20 طفلا في إحدى مدارس عمّان الخاصة منصتين بشغف بينما تفتح متطوعة أردنية كتابًا سائلة “من منكم متحمس لسماع قصة؟”، وذلك ضمن مبادرة لزرع حب القراءة بين الأطفال.

وأسست مبادرة “نحن نحب القراءة” التي انتشرت في 65 بلدا الأردنية رنا الدجاني أستاذة علم الأحياء والتكنولوجيا الحيوية في الجامعة الهاشمية في الأردن.

وأمضت الدجاني خمسة أعوام في الولايات المتحدة، وبعد عودتها إلى الأردن عام 2006، أسّست مبادرة “نحن نحب القراءة” بعدما رأت أن عددا قليلا فقط من الأطفال الأردنيين يقرأون من أجل المتعة.

وتقول الدجاني لوكالة فرانس برس “في البداية لاحظت أن الأطفال لا يقرأون غير دروسهم فأجريت أبحاثا ووجدت أن أفضل طريقة هي أن يقوم شخص كبير بقراءة القصص لهم وبصوت عال”.

حوالي نصف مليون طفل استفادوا من هذا البرنامج في المملكة، بمن فيهم عشرات الآلاف من الأطفال اللاجئين

وبدأت الدجاني بجلسة أسبوعية واحدة تقرأ فيها بصوت عالٍ لأطفال الحي في مسجد مجاور لمنزلها في طبربور شرق عمّان، بعدما حصلت على موافقة إمام المسجد.

وتستذكر الدجاني أن “25 طفلا فقط حضروا في اليوم الأول”، لكنها نجحت شيئا فشيئا في جذب مزيد من الأطفال.

ومن أجل توسيع مبادرتها لتصل إلى كل مناطق المملكة، بدأت تدريب نساء أخريات حتى أسست بعد ثلاث سنوات جمعية “التغيير” لتكون مظلة قانونية لـ”نحن نحب القراءة”.

ووصلت مبادرتها إلى كل محافظات الأردن، وتم تدريب أكثر من أربعة آلاف متطوع تتراوح أعمارهم بين 18 و100 سنة.

وتقول الدجاني “ينشئ برنامجنا قيادات وهو قوي مبني على أبحاث علمية، فمن خلال القراءة تتغير أنماط التفكير ويتطور دماغ الطفل وصحته النفسية”.

وتشير إلى أن “أربعة أشهر، مرة واحدة في الأسبوع، كافية لتعزيز عادات وسلوكيات الطفل نحو القراءة”. وبحسب الدجاني استفاد حوالي نصف مليون طفل من هذا البرنامج في المملكة، بمن فيهم عشرات الآلاف من الأطفال اللاجئين.

قصة نجاح لتربية الناشئة على حب المطالعة
قصة نجاح لتربية الناشئة على حب المطالعة

ويطلق على المتطوع اسم “سفير” ومهمته قراءة قصص للأطفال بصوت عالٍ في أي زمان ومكان يختارونه، سواء كان ذلك في مسجد أو كنيسة أو مدرسة أو حضانة أطفال.

وتؤكد الدجاني أن أهم شيء هو عدم قراءة القصص من خلال الأجهزة والألواح الإلكترونية “التي نريد أن نبعدهم عنها لأنها ستكون معركة خاسرة، نريد كتبا ورقية حقيقية”.

وألّفت جمعية “نحن نحب القراءة” حتى الآن 33 قصة مصورة مخصصة للأطفال تضم مواضيع حول البيئة والتغير المناخي والتعاطف واللاجئين والتنمر والجندرة والتواصل الاجتماعي والعلوم. وتقول الدجاني “لدينا موقع رسمي للمبادرة وأطلقنا بالتعاون مع وزارة الثقافة العام الماضي منصة حتى يتعلم الناس أين يقرأون للأطفال، وماذا يقرأون لهم”.

وأضافت “نحن بصدد إطلاق منصة إلكترونية في سبتمبر كي يتواصل سفراؤنا من القراء من حول العالم ويتبادلوا خبراتهم”، مشيرة إلى تدريب أكثر من ثمانية آلاف متطوع للقراءة حول العالم.

وتقول هدى أبوالخير إحدى المتطوعات في برنامج القراءة منذ أربع سنوات لوكالة فرانس برس “أنا أحب فكرة البرنامج فهي تنمي اللغة والأفكار والمفاهيم عند الأطفال”.

المابدرة وصلت إلى كل محافظات الأردن، وتم تدريب أكثر من أربعة آلاف متطوع تتراوح أعمارهم بين 18 و100 سنة

وتضيف “لهذا أنا اقرأ للأطفال في الروضة وخلال الرحلات المدرسية، ولأبناء حارتنا وفي الحدائق العامة وتجمعات العائلة، ومتى سنحت الفرصة”. ويجلس أكثر من 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات حول أبوالخير في إحدى مدارس عمّان الخاصة منصتين بشغف بينما تقرأ لهم قصة.

وتروي أبوالخير “أنا دينا وهذا أخي هاني، نحن طفلان توأمان، أنا وصلت قبله بدقائق إلى الحياة ولكننا متشابهان وكلانا يحب العصافير والطنان الصغير”.

وتصاحب سرد القصة أصوات زقزقة عصافير عبر جهاز تسجيل وضع على طاولة وسط دهشة الأطفال.

تبتسم أبوالخير وتؤكد أن “التعليم في الصغر كالنقش في الحجر”.

وحاز برنامج “نحن نحبّ القراءة” جائزة اليونسكو الملك سيجونغ لمحو الأمية وجائزة نانسن للاجئ.

ووفقا للأرقام الرسمية، انخفضت نسبة الأمية بشكل كبير في الأردن من 88 في المئة عام 1952 إلى 19.5 في المئة عام 1990، وقد وصلت نهاية العام 2020 إلى 5.1 في المئة.

15