نجيرفان بارزاني يقود جهود توحيد مؤسسة البيشمركة

السليمانية (إقليم كردستان العراق)- يسعى نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، إلى توحيد قوات البيشمركة لتكون مؤسسة مهنية وبعيدة عن الصراعات السياسية والحزبية، وهي أولوية تزداد أهمية في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة، حاثا على إطلاق حوار جاد وبناء لتشكيل حكومة جديدة.
وقال نيجيرفان بارزاني، في كلمة له خلال حفل تخرج طلبة الدورة التأهيلية الرابعة لإعداد الضباط، في الكلية العسكرية الثالثة في قلاجولان بمحافظة السليمانية “نحن في إقليم كردستان لدينا عقيدة عميقة وراسخة بأن البيشمركة وقواتنا المسلحة الأخرى ينبغي ومن الضروري أن تكون مؤسسة وطنية ومهنية مستقلة، وأن تكون بعيدة عن أيّ نوع من أنواع الاختلاف والصراع السياسي والحزبي، وأن تكون تلك القوات تابعة للوطن، ولشعب كردستان بمختلف مكوناته“.
وتعاني قوات البيشمركة التي لعبت دورا محوريا في دحر مسلحي تنظيم داعش وإلحاق الهزيمة بالمجاميع المتطرفة، من انقسامات وضعت إقليم كردستان في مرمى الانتقادات من الحلفاء الدوليين الإستراتيجيين، بسبب عدم تمكنه من توحيد قواته الأمنية تحت سقف مظلّة نظامية واحدة وبعقيدة وطنية مؤسساتية لا حزبية.
◄ ملف توحيد قوات البيشمركة يعد من القضايا البارزة في إقليم كردستان، حيث تعمل حكومة الإقليم بدعم من شركاء دوليين على دمج الوحدات المختلفة تحت مظلة وزارة البيشمركة
وأضاف رئيس الإقليم أن “قوات البيشمركة جزء مهم ورئيسي للمنظومة الدفاعية العراقية، لذا فإن مسؤولية العراق ومن جميع الجوانب أن تدعم تمكين البيشمركة،” مردفا “نحن وبشكل دائم وجدي نعمل على تعزيز قدرة وقابلية قوات البيشمركة لكي تتمكن وبأفضل شكل من مواجهة أيّ تحد وتهديد كما كانت دائما الدرع الحصين لكردستان.“
وأعرب عن تقديره وشكره الخاص أيضا على دعم التحالف لتوحيد وتنظيم قوات البيشمركة تحت مظلة وزارة شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان لكي تكون قوات وطنية حامية لمكتسبات الإقليم بجميع مكوناته، مستدركا “صحيح أن هناك مشاكل وعراقيل أمام العملية، والخطوات بطيئة في هذا المجال إلا أنها تسير نحو الأمام بشكل جيد“.
وبحسب الدستور العراقي المقرّ عام 2005، تعد قوات البشمركة جزءا من منظومة الدفاع الوطني وهي خاصة بإقليم كردستان العراق، وإن كان تسليحها متوقفا على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وتخرج 769 ضابطا من تلك الدورة، وذلك بعد 7 أشهر من الدراسة والتدريب، بينهم نحو 50 مقاتلة والخريجون هم من حملة شهادة البكالوريوس من جميع المحافظات العراقية.
وقال شورش إسماعيل وزير البيشمركة، إن وزارته قد تمكنت من تنفيذ جزء من البرنامج الإصلاحي لقوات البيشمركة، مضيفا أن واشنطن كانت داعمة للإقليم بتنفيذ البرنامج الإصلاحي وتشكيل القوات العسكرية لكردستان.
كما دعا وزير البيشمركة الحزبين الكرديين الرئيسيين “الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني” إلى التعاون في توحيد قوات البيشمركة، مردفا بالقول إن الهدف الرئيسي أن تكتمل عملية توحيد قوات البيشمركة بحلول العام 2026.
ويعد ملف توحيد قوات البيشمركة من القضايا البارزة في إقليم كردستان، حيث تعمل حكومة الإقليم بدعم من شركاء دوليين على دمج الوحدات المختلفة تحت مظلة وزارة البيشمركة.
ويأتي هذا المشروع في ظل تحديات أمنية وإقليمية تستوجب تعزيز جاهزية القوات، فضلا عن الحاجة إلى تعزيز الانسجام بين الأحزاب السياسية الرئيسية لضمان نجاح العملية، وهو ما أشار إليه رئيس الإقليم حين قال إن “مشاكل وتعقيدات منطقة الشرق الأوسط تهدد أمن العراق واستقراره وإقليم كردستان والمنطقة كافة.”
وأضاف “نحن في إقليم كردستان نؤكد على ضرورة إبعاد العراق عن صراعات المنطقة ومشاكلها لأن العراق في حاجة إلى الهدوء والاستقرار والتنمية الدائمة، وليس إلى المزيد من التوترات والخلافات والصراعات.“
وتدعم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، توحيد البيشمركة، لكن على الرغم من الجهود المبذولة، يبدو توحيد قوات البيشمركة أمرا صعبا.
وتنشط الولايات المتحدة بكثافة على الساحة الكردية في العراق بالنظر إلى تعاظم التحديات التي تحيط بهذه المنطقة ذات الأهمية الجيوستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن.
ومن تلك الانعكاسات جعل قوات البشمركة منقسمة على ما تُسمّى بوحدتي السبيعن والثمانين الخاضعتين لإمرة الحزبين الرئيسيين في الإقليم، ما جعل لكل منهما أجهزة استخباراتية وأمنية وعسكرية وأخرى معنية بمكافحة الإرهاب خاصة بهما، كل حسب مناطق نفوذه.
وتضم تشكيلات وزارة البشمركة نحو 170 ألف مقاتل، تمّ توحيد قرابة 70 ألفا منها، فيما لا تزال البقية منضوية في وحدتي 70 و80 التابعتين للحزبين الرئيسيين وبنسب متساوية تقريبا وأن الضباط في الوحدات التابعة للوزارة يمتثلون لأوامر قادة الأحزاب التي ينتمون إليها.
ويشير مراقبون إلى أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لن تقبل باستمرار الخلافات السياسية بين الحزبين الرئيسيين في ما يتعلق ببقاء قوات البيشمركة على حالها، مؤكدين أن حرص واشنطن على إنهاء الأزمة السياسية يعود إلى إدراكها بأن استمرار الخلافات من شأنه أن يعيق عملية الإصلاح الجارية لقوات البيشمركة، في الوقت الذي يواجه فيه الإقليم مخاطر متزايدة سواء في علاقة بإمكانية حدوث أي تدهور بين الحزبين الغريمين قد يفضي إلى وقوع صدامات مسلحة، أو في ظل التهديدات والصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وبالتوازي مع الدعوة إلى توحيد البيشمركة، طالب نيجيرفان بارزاني، الذي يعتبر ربَّان الدبلوماسية الكردية، القوى والأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات إلى البدء بحوارات جدية وبنّاءة لتشكيل حكومة جديدة قوية وفاعلة على أن تكون بمستوى تطلعات المواطنين ولتواجه تحديات المرحلة الراهنة.
ويرى المراقبون أن ضمان أمن الإقليم وتحييده عن صراعات المنطقة لا يقف عند توحيد البيشمركة، ولكن، وهذا الأهم، يجب أن يسبقه توافق سياسي شامل بدءا بتسريع مهمة تشكيل الحكومة والابتعاد عن الحسابات الحزبية ووضع العراقيل الخادمة لأجندات من خارج الإقليم.