نجيب ميقاتي يلجأ للقوى الخارجية لحل أزمة الشغور الرئاسي

الفصائل الشيعية الرئيسية حزب الله وحركة أمل تعرقل انتخاب جهاد أزعور الذي يحظى بدعم أكبر حزبين مسيحيين في لبنان. كما حظي بدعم الفصيل الدرزي الرئيسي الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة عائلة جنبلاط، وبعض النواب السُنّة.
الثلاثاء 2023/09/19
ميقاتي نفسه لا يحظى بتوافق اللبنانيين حوله

بيروت - توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إلى القوى الدولية، طالبا مساعدتها واستخدام نفوذها للضغط على القوى السياسية اللبنانية لاختيار رئيس للبنان بعد أشهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

وسقول المتابعون للملف أن هناك أربع دول تلعب دورا محوريا بالملفات الأساسية اللبنانية وهي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وإيران، وكل منها تستطيع إفشال أي اتفاق لبناني غير راضية عنه.

وفشل البرلمان اللبناني في يونيو الماضي في اختيار رئيس للجمهورية بعد التصويت الذي جرى عقب اكتمال النصاب الدستوري، وذلك للمرة الثانية عشرة، في ظل انقسام سياسي يزداد حدة بين حزب الله وخصومه. حيث انسحب نواب حزب الله الشيعي المدعوم من إيران وحلفائها بمن فيهم حركة أمل الشيعية من جلسة البرلمان لعرقلة مسعى الأحزاب المسيحية الرئيسية لانتخاب جهاد أزعور المسؤول في صندوق النقد الدولي.

والمنصب شاغر منذ أكتوبر/تشرين الأول، عندما انتهت ولاية ميشال عون المتحالف مع حزب الله. وهذا المنصب مخصص للطائفة المسيحية المارونية، بموجب نظام المحاصصة الطائفية في لبنان، ومثل كل مرة عند انتهاء الولاية الرئاسية يدخل الساسة اللبنانيون في جدالات وانقسامات لأشهر طويلة حتى يحظى أحد المرشحين بالتوافق بعد تدخل الأطراف الخارجية الداعمة للفرقاء السياسيين. وسبق أن عقد برلمان لبنان 46 جلسة قبل انتخاب الرئيس ميشال عون.
وقال ميقاتي وفي حديث لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أنه سيطلب من المجتمع الدولي مساعدة لبنان في مجالات عدة، كما سيطلب من القوى العالمية "استخدام نفوذها لإقناع مختلف التيارات اللبنانية على انتخاب رئيس للبلاد يحظى بقبول جميع الأفرقاء من أجل طي صفحة الفراغ الرئاسي".
ويرى متابعون أنه حتى لو كانت الأكثرية بيد طرف معين إلا أنها لن توصل رئيسا للجمهورية لا يحظى بثقة الدول المانحة، في ظل سعي لبنان لاسترضاء صندوق النقد الدولي للخروج من أزماته المتصاعدة.

ويحتاج المرشح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين -أي 86 صوتا- للفوز، وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتا؛ لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

وتعرقل الفصائل الشيعية الرئيسية انتخاب جهاد أزعور، وهو وزير مالية سابق ومدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، ويحظى بدعم أكبر حزبين مسيحيين في لبنان. كما حظي بدعم الفصيل الدرزي الرئيسي الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة عائلة جنبلاط، وبعض النواب السُنّة.

وتدعم جماعة حزب الله، التي تقول إنها تمارس حقوقها الدستورية، حليفها المسيحي الوثيق سليمان فرنجية وهو صديق للرئيس السوري بشار الأسد الذي يدعم بشدة حق حزب الله في حيازة الأسلحة. وتحدث الحزب الذي تصنفه الولايات المتحدة "منظمة إرهابية"، بلهجة عنيفة في حملته ضد أزعور، ووصفه بأنه مرشح مواجهة وتحد.

وأعلن حسن نصر الله بخطابه الأخير شروطا للمواصفات التي يريدها في الرئيس المقبل، وأهمهما "ألا يطعن بالمقاومة وألا يرتهن لواشنطن، ومن المتوقع مواصلة ثنائي حزب الله وأمل المناورة بالورقة البيضاء، لاستدراج عروض مقابل ترشيحهم فرنجية، لأن المواصفات التي أعلنها نصر الله تنطبق عليه.

ويشير هؤلاء أن إيران قد تبدي حرصا على التوافق مع القوى الإقليمية الأخرى لأن تجربة ميشال عون كانت فاشلة، وأغلب القوى تحمّل إيران وحزب الله مسؤولية اختياره، حيث ساهم الوزراء الذين دعمهم بإفساد علاقة لبنان مع دول عربية وقوى دولية، في حين أنه بأمس الحاجة لهذه الدول.

وتطرق ميقاتي في حديثه إلى حزب الله قائلا إنّه ليس لدى الشعب اللبناني مشكلة مع البعد السياسي لحزب الله لكن أجهزتها شبه العسكرية والأمنية، المرتبطة بدورها الإقليمي، أصبحت موضع استقطاب وانقسام ومصدر خوف للعديد من اللبنانيين.

كما تناول رئيس حكومة تصريف الأعمال الوضع الراهن في البلاد، وأشار إلى أنه "ليس بالمريح"، مؤكدا أن "مليوني شخص يعيشون حالة من الفقر المدقع، نصفهم لبنانيون والنصف الآخر سوريون".

وطالب المجتمع الدولي بـ"ضرورة الدعم العاجل لتسوية أزمة النازحين السوريين التي تشكل خطرا على توازن لبنان الاقتصادي والاجتماعي"، معتبرا أن "الدولة هي المسؤول الرئيسي عن الوضع إضافة إلى تفشي ثقافة الفساد والتبذير في التوظيف العمومي وعدم وجود إصلاحات شاملة".

واستفزت هذه التصريحات، اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي: