نتنياهو يواجه انتخابات حاسمة بشأن مستقبله السياسي

القدس- يصوت الإسرائيليون الثلاثاء في انتخابات تنطوي على رهانات كبيرة بشأن تمديد ولاية رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على الرغم من اتهامات الفساد التي تلاحقه والمنافسة التي يواجهها من قائد الجيش السابق بيني غانتس.
ويروج نتنياهو لنفسه كضامن لأمن إسرائيل ونموها الاقتصادي بعد أن أمضى أكثر من 13 عاما في المنصب. وتظهر استطلاعات الرأي أنه قادر على الفوز مرة أخرى. وفي حال تحقق ذلك، سيكون رئيس الوزراء في طريقه للتقدم على ديفيد بن غوريون أحد الآباء المؤسسين لإسرائيل الذي بقي في المنصب حوالي 14 عاما.
وقال نتنياهو السبت في نداء اللحظة الأخيرة إلى الناخبين اليمينيين، “إنه يخطط لضم المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة في حال فوزه في الاقتراع”. وقد تؤدي هذه الخطوة المثيرة للجدل إلى القضاء على الآمال في حل الدولتين مع الفلسطينيين خاصة إذا تم ذلك على نطاق واسع.
ويكافح نتنياهو من أجل حياته السياسية بينما يواجه تهديدا مزدوجا في انتخابات هذا العام. ويتمثل هذا التهديد في احتمال اتهامه بالفساد بينما ينافسه في استطلاعات الرأي تحالف وسطي (أزرق- أبيض) يترأسه الجنرال السابق بيني غانتس الوافد على الساحة السياسية.
وأظهرت استطلاعات للرأي أن حزب نتنياهو قد يفوز بعدد مقاعد أقل من تلك التي سيحصل عليها حزب غانتس، ولكن لا يزال في وضع أفضل لتشكيل ائتلاف حاكم على أساس الدعم من الأحزاب اليمينية الأخرى المتحالفة معه.
وتظهر استطلاعات الرأي أن كلا من الليكود و”أزرق- أبيض” سيحصل على ثلاثين مقعدا في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا -أقل بكثير من الأغلبية المطلقة-، وهذا ما يتطلب تشكيل تحالفات كما هو معتاد في إسرائيل. ويرأس نتنياهو ما يعتبر فعليا الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وإذا صحت استطلاعات الرأي، فقد يكون ائتلافه القادم أكثر يمينية.
ويحذر محللون من التكهن بنتائج الانتخابات من الآن، مشيرين إلى عدد الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم واحتمال فشل الأحزاب اليمينية الأصغر في الفوز بنسبة 3.25 بالمئة وهي نسبة الحسم المطلوبة لدخول البرلمان.
وقال جدعون راهات من معهد إسرائيل للديمقراطية “يبدو أن كتلة الليكود لديها أغلبية”. لكنه أضاف “لا يزال من الممكن أن تتغير النتيجة لأن استطلاعات الرأي لا يمكن أن تحدد فعلا ما إذا كان حزب ما سيتجاوز العتبة المطلوبة”. وبدا النصر مؤكدا لنتنياهو عندما قرر في ديسمبر الدعوة إلى انتخابات مبكرة على الرغم من أنها لم تكن متوقعة، حتى نوفمبر 2019.
وكان يُنظر إلى الخطوة التي اتخذها المرشح البالغ من العمر 69 عاما والمعروف بحنكته السياسية، على أنها تكتيك لمواجهة اتهامات الفساد بولاية انتخابية جديدة. لكن هذا كله قبل أن يظهر غانتس كمنافس خطير.
ومن العوامل التي ساعدت غانتس، قراره التحالف مع اثنين من كبار القادة العسكريين السابقين وكذلك مع وزير المالية السابق يائير لابيد وحزبه “يش عتيد” (يوجد مستقبل)، الذي يشغل حاليا 11 مقعدا في البرلمان.
ومنح إعلان المدعي العام في فبراير عزمه توجيه اتهامات لنتنياهو بالرشوة والاحتيال واستغلال الثقة دفعة إضافية لخصومه، في الوقت الذي ينتظر فيه رئيس الوزراء جلسة للاستماع.
واستخدم نتنياهو الشعبوية المثيرة للانقسام طوال الحملة الانتخابية في ما وصفه النقاد بأنه شيطنة للعرب الإسرائيليين وغيرهم. واستشهد نتنياهو بقانون صدر العام الماضي حول يهودية الدولة، أعلن فيه أن إسرائيل دولة للشعب اليهودي. وقال مؤخرا إن البلاد “ليست دولة لجميع مواطنيها”.
من جهة ثانية، كان نتنياهو وسيطا في صفقة قد تنتهي بوصول عضو في حزب يميني متطرف، يرى كثيرون أنه عنصري، إلى البرلمان. وراهن نتنياهو أيضا على تجربته وقدم نفسه كرجل دولة أساسي في إسرائيل، في الوقت الذي أدان فيه تحالف غانتس واصفا إياه بأنه يساري و”ضعيف”، بالرغم من خلفيته الأمنية، والواقع أن أفكار الطرفين السياسية متشابهة.
في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، التقى رئيس الوزراء مع حليفه المقرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يشكل قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وسيادة الأخيرة على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وكذلك مساعدة بوتين في إعادة رفات جندي إسرائيلي مفقود منذ حرب لبنان عام 1982، عوامل تصب في مصلحة نتنياهو.
وأبدى الرئيس الأميركي السّبت حذرا إزاء نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وقال ترامب في المؤتمر السنوي للائتلاف اليهودي الجمهوري في لاس فيغاس “من الذي سيفوز في السباق؟ أنا لستُ أدري”. وأشار إلى أن المنافسة ستكون شديدة، قبل أن يضيف “الرجُلان صالحان”.
وقال رئيس الوزراء في مقابلة مع صحيفة “إسرائيل اليوم” الجمعة إن “المهم هو من يقود دفة الدبلوماسية”. وأضاف “أعمل ضد أكبر أعداء إسرائيل. أما هم فلا يفعلون ذلك”. ويمكن أن ينجذب الناخبون مرة أخرى إلى القيادة اليمينية لرجل يلقبه البعض بـ”الملك بيبي” بسبب شغله المنصب لفترة طويلة ولقبه منذ طفولته.
أما غانتس المظلي السابق الذي كان رئيسا لهيئة أركان الجيش في ما بين 2011 و2015، فيركز على خلفيته الأمنية ويقدم في الوقت رؤية وسطية للقضايا الاجتماعية. ويؤكد غانتس قدرته على معالجة الانقسامات التي يقول إنها تفاقمت خلال عهد نتنياهو. وقال في مقابلة أجريت معه مؤخرا “أعتقد أن الوقت المناسب له لينهي عمله بكرامة قد حان”.
وقال الخبير السياسي أبراهام ديسكين “أيا تكن النتائج، قد يكون تشكيل الائتلاف هو الأكثر تعقيدا منذ 1961”، في إشارة إلى المدة التي أمضاها بن غوريون في تشكيل الحكومة.