نتنياهو يهاجم الإعلام أثناء مثوله أمام القضاء بتهم فساد

تل أبيب - أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأقواله أمام محكمة في تل أبيب اليوم الثلاثاء لأول مرة في محاكمته المستمرة منذ فترة طويلة في قضايا فساد، وقال إنه مستهدف من الإعلام بسبب سياساته الأمنية المتشددة.
ونتنياهو (75 عاما)، الذي تولى السلطة بشكل متواصل تقريبا منذ عام 2009، هو الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تاريخ إسرائيل وأول رئيس وزراء لا يزال في منصبه يخضع لمحاكمة جنائية بتهمة الفساد والاحتيال وسوء الأمانة، في سابقة تاريخية في إسرائيل.
ويأتي إدلاء نتنياهو بأقواله في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حربا على غزة وتواجه تهديدات جديدة محتملة جراء الاضطرابات في المنطقة، بما في ذلك في سوريا المجاورة.
وقالت المحكمة إن نتنياهو المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة يجب أن يدلي بأقواله ثلاث مرات في الأسبوع، مما سيجبره على التنقل بين قاعة المحكمة وغرفة إدارة الحرب في وزارة الدفاع على بعد دقائق من مقر المحكمة.
وهاجم نتنياهو زعيم حزب ليكود اليميني وسائل الإعلام الإسرائيلية بسبب ما وصفه بموقفها اليساري، واتهم الصحفيين باستهدافه لسنوات لأن سياساته لا تتفق مع الدفع نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقال نتنياهو للقضاة الثلاثة المعنيين بالقضية "انتظرت ثماني سنوات حتى هذه اللحظة كي أقول الحقيقة... لكن أنا أيضا رئيس وزراء... أقود البلاد في حرب على سبع جبهات. وأعتقد أنني قادر على التوفيق بين المهمتين".
ويتهم ممثلو الادعاء نتنياهو بمنح مزايا تنظيمية قيمتها 1.8 مليار شيقل (حوالي 500 مليون دولار) لشركة بيزك تيليكوم إسرائيل مقابل تغطية إيجابية عنه وعن زوجته سارة على موقع إخباري يديره رئيس الشركة السابق.
ونتنياهو متهم أيضا بالتفاوض على صفقة مع مالك صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية للحصول على تغطية إيجابية مقابل إصدار تشريع يبطئ من نمو صحيفة منافسة.
ونفي نتنياهو الاتهامات الموجهة إليه ودفع ببراءته. ووقف داخل منصة الشهود ولم يجلس طوال فترة إدلائه بأقواله في الصباح.
وقال "لو كنت أريد تغطية جيدة، كل ما كان علي فعله هو الإشارة إلى حل الدولتين... لو كنت قد تحركت خطوتين إلى اليسار لحظيت بالإشادة".
وصور نفسه في إجابات طويلة على أنه مدافع قوي عن أمن إسرائيل، وأنه يقاوم ضغوطا من قوى دولية ووسائل إعلام محلية معادية.
وكان نتنياهو مبتسما عندما دخل محكمة تل أبيب الجزئية في حوالي الساعة العاشرة صباحا (08:00 بتوقيت جرينتش). وتم نقل المحاكمة من القدس لأسباب أمنية غير معلنة، وعُقدت في قاعة محكمة تحت الأرض.
وقبل أن يدلي نتنياهو بأقواله، قدم محاميه أميت حداد للقضاة ما يعتبره الدفاع عيوبا أساسية في التحقيق. وقال حداد إن المدعين العامين "لم يكونوا يحققون في جريمة، بل كانوا يستهدفون شخصا".
وتجمع بضع عشرات من المحتجين في الخارج بعضهم من المؤيدين له والبعض الآخر يطالبه ببذل المزيد من الجهد للتفاوض على إطلاق سراح نحو 100 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.
وتشن إسرائيل حربا على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وخلال هذه الفترة سُمح لنتنياهو بتأجيل بدء مثوله أمام المحكمة. لكن قضاة قرروا يوم الخميس الماضي أنه يتعين على رئيس الوزراء البدء في الإدلاء بأقواله.
ووجهت اتهامات إلى نتنياهو في عام 2019 في ثلاث قضايا تتعلق بهدايا من أصدقاء من فئة المليونيرات وبالسعي لمنح مزايا تنظيمية لأباطرة الإعلام مقابل تغطية تفضيلية. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.
وفي الفترة التي سبقت موعد محاكمته، عاد نتنياهو إلى خطاب ما قبل الحرب المألوف ضد سلطات إنفاذ القانون، ووصف التحقيقات ضده بأنها حملة شعواء. وينفي الاتهامات ويؤكد أنه غير مذنب.
وقبل الحرب، أدت المشاكل القانونية التي واجهها نتنياهو إلى انقسام شديد بين الإسرائيليين وأربكت السياسة الإسرائيلية خلال خمس جولات من الانتخابات. كما أدت محاولة حكومته العام الماضي للحد من صلاحيات القضاء إلى زيادة انقسام الإسرائيليين.
وأدى الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، والحرب التي تلتها في قطاع غزة، إلى إبعاد محاكمة نتنياهو عن الاهتمام العام في إسرائيل، حيث اتحد الإسرائيليون في ظل حالة من الحزن والصدمة. ولكن مع استمرار الحرب، انهارت الوحدة السياسية.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، وبعد هدوء القتال على إحدى الجبهات بعد أن توصلت إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار مع جماعة حزب الله اللبنانية، اندلع صراع بين أعضاء حكومة نتنياهو، بما في ذلك وزيرا العدل والشرطة، والسلطة القضائية.
وتفاقمت مشاكله القانونية المحلية الشهر الماضي عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقه ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى جانب قيادي في حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الحرب في غزة.