نتنياهو يصعّد مع "العدوّ القطري" للوصول إلى نقطة اللاعودة

الدعم المالي والسياسي القطري والتسليح الإيراني نسفا 20 سنة وأكثر من سياسات نتنياهو القائمة على الاستخفاف بالفلسطينيين.
الاثنين 2024/01/29
البحث عن مخرج

لندن – تعكس عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التصعيد مع “العدو القطري” توجها للوصول بالعلاقة مع الدوحة إلى نقطة اللاعودة، بحيث يبقي على الموقف نفسه حتى بعد قدوم حكومة أخرى.

ويتعامل نتنياهو مع مصر بطريقة تختلف عن تعامله مع قطر، باعتبار أن مشاكل إسرائيل ومصر محدودة والقاهرة تساير المواقف لا أكثر، في حين أن الدوحة لديها مشروعها للمنطقة الذي تدعمه وتموله ويعد الإخوان المسلمون ورقة مهمة في هذا المشروع.

ويدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي أن قطر ستسعى إلى استخدام أوراقها، سواء تمثلت هذه الأوراق في منابرها الإعلامية أو في علاقتها الجيدة مع الأميركيين، لتفويت فرصة التصعيد على الإسرائيليين، لذلك يريد نتنياهو تمييز القطريين كأعداء مهمته كشفهم.

ويقول مراقبون إن الدعم المالي والسياسي القطري والتسليح الإيراني نسفا 20 سنة وأكثر من سياسات نتنياهو القائمة على الاستخفاف بالفلسطينيين، بالإضافة إلى ترسخ فكرة التعاون والتنسيق بين قطر وإيران بخصوص تسليح حماس.

فؤاد أنور: نتنياهو يسعى لترسيخ انطباعات سلبية عن قطر على المدى البعيد
فؤاد أنور: نتنياهو يسعى لترسيخ انطباعات سلبية عن قطر على المدى البعيد

وكان نتنياهو قد أكد السبت أنه لن يتراجع عن تصريحات مُسربة منسوبة إليه، انتقد فيها قطر.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي “لن أتراجع عن أي كلمة قلتها بخصوص قطر، وهي أنها تستضيف قادة حماس وتمولهم، وتستطيع الضغط على حماس، كما أنهم (القطريين) يضعون أنفسهم كوسطاء، لذا دعهم يثبتوا أنفسهم، وخلال ذلك عليهم إدخال الدواء للرهائن المحتجزين”.

وأوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن تصعيد نتنياهو تجاه الدوحة بهذه الطريقة الغرض منه ترسيخ انطباعات سلبية عن قطر على المدى البعيد، بحكم وجود عدد كبير من القادة السياسيين للحركة يقيمون على أراضيها منذ فترة.

وأشار لـ”العرب” إلى أن “الاستفادة من ذلك تكمن في محاولة التأثير على العلاقة بينهما مستقبلا، وتوصيل رسالة إلى الجمهور الإسرائيلي تفيد بأن قطر أسهمت بدور غير مباشر في عملية طوفان الأقصى القاسية، لتخفيف حدة المسؤولية الملقاة على عاتقه، بعد اتهامه بأنه ساعد في عملية دعم حماس”.

ولفت فؤاد أنور إلى أن “نتنياهو يحاول صرف انتباه الرأي العام الدولي والمحلي عن قضايا فرعية، لأنه يريد مواصلة القتال في غزة حتى يعثر على صورة نصر مناسبة يقدمها إلى مواطنيه وقد تنقذه من المحاسبة السياسية والقانونية المنتظرة، ووجد في قطر بوابة جيدة بسبب علاقتها الوطيدة بحماس، ويعلم أن خطابه ضدها سيلقى قبولا نسبيا داخل إسرائيل”.

 وكانت منظمات ونشطاء إسرائيليون قد بدأوا الحملة على قطر في الولايات المتحدة مباشرة بعد هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة.

لكن تصعيد نتنياهو شجع نشطاء محليين على التحرك داخل إسرائيل. والأحد نشر الخبير الإسرائيلي في شؤون العالم العربي إيدي كوهين على صفحته في منصة إكس رابط تقرير شارك فيه معلقا “حواري مع جيروزاليم بوست حول العدو القطري اللدود”.

وقال كوهين في التقرير “إن الدور الرئيسي لقطر هو مساعدة حماس وإعطاؤها المال. إنهم (القطريين) يهتمون فقط بالبنية التحتية لحماس”. وأضاف “قطر ليس لديها أصدقاء حقيقيون. إنهم يشترون فقط الناس والفاسدين”. وتابع “يجب ألا نسمح للقطريين بأن يكونوا وسيطاً. ومن الأفضل أن تكون مصر أو تركيا وسيطاً بدل القطريين. حماس هي قطر”.

حح

وحذر كوهين من أن “قطر دولة إرهابية”، وشدد على أن دعمها يشمل الحركات الإرهابية، مثل طالبان وبن لادن زعيم القاعدة وحماس وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وكان  وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد اتهم الخميس قطر بأنها “مسؤولة” عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر الماضي، وذلك بعد مرور يوم على تسريبات نتنياهو.

وكتب الوزير الذي يترأس حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف عبر منصة إكس أن “قطر دولة تدعم الإرهاب وتموله”، مضيفا أن الإمارة “عرابة حماس ومسؤولة إلى حد بعيد عن المجازر التي ارتكبتها حماس بحق مواطنين إسرائيليين”. وتابع “ثمة أمر واضح: قطر لن تشارك بأي شكل من الأشكال في ما سيجري في غزة بعد الحرب”.

وكانت وزارة الخارجية القطرية قد استنكرت الأربعاء الماضي بشدة التصريحات المنسوبة إلى نتنياهو، بشأن الوساطة القطرية بين إسرائيل وحماس.

نتنياهو يحاول صرف انتباه الرأي العام الدولي والمحلي عن قضايا فرعية، لمواصلة القتال في غزة حتى يعثر على صورة نصر مناسبة تنقذه من المحاسبة السياسية

ونشر ماجد محمد الأنصاري، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، تغريدة جديدة له عبر حسابه الرسمي على منصة إكس، ذكر فيها أن التصريحات المنسوبة إلى نتنياهو غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء، ولكنها ليست مفاجئة.

وأضاف “إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوض جهود الوساطة، لأسباب سياسية ضيقة بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح، بمن في ذلك الرهائن الإسرائيليون”.

وذكر أنه “بدلا من الانشغال بعلاقة قطر الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، نأمل أن ينشغل نتنياهو بالعمل على تذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن”.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب “إن نتنياهو كان مُصرا على توصيل التسريب الخاص بانتقاداته لقطر إلى وسائل الإعلام، وحملت تصريحات جديدة له هذا المعنى، فلم يعتذر أو ينكر أو يتجاهل ما تم تسريبه، لكن عززه بتكراره علنا وأضفى عليه ملامح سياسية ساخنة تشير إلى أنه يريد توصيل رسائل معينة”.

وأضاف لـ”العرب” أن “رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية سعى لتعطيل دور قطر، وافتعال مشكلة معها لتقوم بممارسة ضغوط كبيرة على حركة حماس تتوافق مع رؤيته، أو يجبرها على التخلي عن الوساطة التي تقوم بها، كي تستمر الحرب في غزة أطول فترة ممكنة، ويواصل تصعيده العسكري، لأن وقفها لا يصب في مصلحته”.

وذكر أيمن الرقب أن “نتنياهو يعلم التداعيات الوخيمة من وراء الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية التي تمارس عليه الآن، مع تشجيع جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة طويلة تمهد لوقف الحرب، ولذلك رأى أن توجيه اتهامات لقطر أو مصر يمكن أن يؤدي إلى تشتيت جهوده”.

1