نتنياهو يستفز المغاربة للمرة الرابعة عبر خريطة مبتورة من الصحراء

خبراء يؤكدون أن تكرار الخطأ فعل مقصود وأن المغرب في قضية الصحراء بالذات لا يقبل بشكل مطلق مثل هذا السلوك المتردد والمتقلب.
الخميس 2024/09/05
ابتزاز إسرائيلي مكشوف

الرباط - أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الرابعة غضبا في المغرب، إثر استخدامه خريطة تُظهر المملكة بدون إقليم الصحراء المتنازع عليه والذي اعترفت تل أبيب بسيادة الرباط عليه.

ويقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا في الإقليم تحت سيادته، بينما تدعو جبهة بوليساريو إلى استفتاء لتقرير‎ المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

والأربعاء، عقد نتنياهو مؤتمرا صحفيا لوسائل الإعلام الدولية، في محاولة لتبرير تمسكه باستمرار احتلال الجيش الإسرائيلي محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر.

وعرض نتنياهو في المؤتمر فيديو يُظهر خريطة للعالم العربي تضم المغرب بدون إقليم الصحراء، في الواقعة الرابعة من نوعها منذ ديسمبر 2020.

وقال إدريس قسيم، أستاذ العلاقات الدولية بالكلية متعددة التخصصات بتازة، إنه "من الواضح أن إدراج مصطلح "الصحراء الغربية" في الخريطة التي استغلها نتنياهو في ندوته الصحافية الأخيرة، أمر مقصود لا يحتمل "الخطأ التقني" كما ادعت إسرائيل في ماي المنصرم عندما قدمت اعتذارا رسميا على بتر خريطة المغرب بشكل واضح".

وأضاف قسيم، في تصريح لموقع "هسبريس"، أن "نتنياهو يوجه من خلال هذا التلميح وهذه الإشارة رسالة مبطنة إلى المغرب مفادها أن الاعتراف بمغربية الصحراء يخضع بالدرجة الأولى لتقديرات ورؤية (الإسرائيلي) الذي يمكن أن يبتر الخريطة متى شاء ويصف الصحراء بالغربية متى شاء ويعتذر متى شاء، وهو توجه ينطوي على نزعة ابتزاز واستفزاز ولا مسؤولية"، مشددا على أن "الثابت أن المغرب في قضية الصحراء بالذات لا يقبل بشكل مطلق مثل هذا السلوك المتردد والمتقلب".

وأشار إلى أن "ما يثبت فرضية القصد كذلك أن نتنياهو أظهر المغرب وفي جنوبه مصطلح الصحراء الغربية، كجزء من العالم العربي والإسلامي الكبير والممتد الذي توجد في قلبه دولة إسرائيل الصغيرة، موظفا خطاب المظلومية المعهود، بمعنى أن رؤيته للمغرب وفق هذه العضوية وهذا الانتماء لا تحتمل تمايزات في المصالح أو في العلاقات، ولكنها تستحق أن تخضع لمنطق الابتزاز الإسرائيلي".

ومن جهته، أكد جواد القسمي، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن "ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي للمرة الرابعة في مؤتمر صحافي وخلفه خريطة تظهر المملكة بدون إقليم الصحراء، يشكل استفزازا مباشرا للمغرب وشعبه، ويعكس رسائل سياسية مباشرة إلى المغرب، خاصة في ظل التطورات العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط، إذ يصعب التصديق أن الأمر مرة أخرى لا يعدو أن يكون خطأ غير مقصود".

وأوضح في تصريح لموقع "هيسبريس" أن "واقعة رئيس الوزراء الإسرائيلي تظهر كيف يمكن أن تؤثر الرموز السياسية والخرائط في العلاقات السياسية، من خلال تمرير بعض المواقف في قضايا معينة، لأن التصرفات التي قد تبدو بسيطة يمكن أن تحمل معاني عميقة وتؤثر على الديناميات الإقليمية والدولية.

وأضاف "قد يكشف هذا الأمر عن بعض الصعوبات والتعقيدات في العلاقات الإسرائيلية المغربية في المرحلة الراهنة، خاصة وأن الجانب الإسرائيلي ظن أن الموقف المغربي، خصوصا بعد تطبيع العلاقات، قد يكون منحازا بشكل كبير للطرح الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لم يقم به المغرب، خصوصا في علاقته بالقضية الفلسطينية، إذ واصل المغرب دفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني، ودعمه للقضية الفلسطينية ورفض أي خطوة من شأنها الإجهاز عن حقوق هذا الشعب".

ولفت إلى أن "هذا الحدث قد تكون له تداعيات دبلوماسية، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات بين البلدين، وردود فعل قوية من قبل الشعب المغربي الذي يعتبر الصحراء المغربية جزءا لا يتجزأ من أرضه، كما تعطي الواقعة ورقة لخصوم الوحدة الترابية لاستفزاز مشاعر الشعب المغربي".

وجددت الواقعة الأخيرة، سخط وتذمر المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبروا عن غضبهم ورفضهم لما فعله نتنياهو واعتبروا أن الأمر يبدو مبيتا في سياق الموقف المغربي الرسمي الذي يدين الحرب الإسرائيلية على غزة.

وقال الحقوقي المغربي محمد المريخي، عبر فيسبوك "نتنياهو يكرر نفس الخطأ وينشر خريطة المغرب مبتورة من صحرائه تحت مسمى "الصحراء الغربية".

وأضاف المرابط أن "المغاربة يعبرون عن إدانتهم لاستعماله لتسمية الصحراء الغربية على أراضي الصحراء المغربية".

وبطريقة ساخرة، انتقد الإعلامي المغربي عبدالصمد بنعباد، عبر فيسبوك، ما تضمنه الفيديو الذي استعان به نتنياهو.

وقال بنعباد "ثم ستخرج الصحافة الإسرائيلية المقيمة في المغرب (يقصد صحافيين يبررون الخطوة)، لتوضح أنه وقع خطأ - للمرة الرابعة- في خريطة المغرب".

أما المواطن المغربي هشام الحيان فقال، عبر فيسبوك، إن "معيار العلاقات الثنائية لدى الدولة هي الاعتراف بالوحدة الترابية للبلاد".

وتابع "نرى نتنياهو في خرجة متلفزة ويظهر خرائط بعض الدول منها المغرب التي تم بتر خريطتها السياسية، بل وأكثر من هذا تم وضع الاسم الوهم".

وواصفا ما حدث بأنه "تطاول سافر على سيادة المغرب"، قال محمد بوصير، عبر منصة "إكس" "للمرة الرابعة نتنياهو يبتر خريطة المغرب".

فيما قال تامر المغربي، عبر إكس "في المؤتمر ظهرت خريطة للدول العربية، ولكن تم عرض الصحراء المغربية بشكل منفصل عن المغرب".

وأردف "إسرائيل ليس لها حليف عربي حقيقي ولا تلتزم بالعهود أو تبادل المصالح".

ومتفقة مع المغربي، قالت زهراء ألما، عبر "إكس"، إن "نتنياهو لا يحترم حلفاءه". ورأت أن هذا يظهر من خلال "عدم احترام المغرب وإظهار خريطة بترت فيها الصحراء".

وفي مايو الماضي، اعتذر مكتب نتنياهو عن استخدام خريطة مماثلة، وقال إن "إسرائيل بقيادة نتنياهو اعترفت رسميا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في 2023".

وأرجع الخطأ إلى أن الخريطة التي استعملها نتنياهو "خريطة قديمة قُدمت إلى رئيس الوزراء لحظات قبل بدء مقابلته مع قناة فرنسية".

وشدد مكتب نتنياهو على أن "سياسة إسرائيل غير قابلة للتأويل ولم تتغير، وإسرائيل تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".

وسبق أن ظهرت خريطة المغرب بدون إقليم الصحراء في أكتوبر الماضي، حين استقبل نتنياهو في مكتبه نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني، كما وقع الأمر نفسه في ديسمبر 2020.

وفي يوليو 2023، أعلنت الرباط أن إسرائيل اعترفت بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، حسب رسالة تلقاها العاهل المغربي الملك محمد السادس من نتنياهو.

واستأنف المغرب وإسرائيل، في ديسمبر 2020، علاقتهما الدبلوماسية بوساطة أميركية.

وبدعم أميركي، أسفرت حرب إسرائيل على غزة عن أكثر من 135 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال، وسط دمار واسع ومجاعة قاتلة.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

كما تتحدى تل أبيب طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.