نتنياهو يدعم فصل جنود سلاح الجو الإسرائيلي المطالبين بإنهاء حرب غزة

القدس - اتسعت دائرة الانقسام الداخلي في إسرائيل، الخميس، مع إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن دعمه الكامل لقرار الجيش بفصل جنود احتياط في سلاح الجو وقعوا على رسالة تطالب بإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف، وإعطاء الأولوية لإعادة الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، حتى على حساب استمرار العمليات العسكرية.
وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان مكتوب "يدعم رئيس الوزراء نتنياهو وزير الدفاع (يسرائيل كاتس) ورئيس الأركان (إيال زامير) في قرارهما بفصل الموقعين على الرسالة"، مضيفا أن "العصيان هو عصيان حتى عندما يقال ضمنا وباستخدام لغة غير واضحة".
واعتبر مكتب نتنياهو أن "التصريحات التي من شأنها إضعاف الجيش الإسرائيلي وتقوية أعدائنا في زمن الحرب هي تصريحات لا تغتفر"، واصفًا المجموعة الموقعة على الرسالة بأنها "متطرفة تحاول مرة أخرى كسر المجتمع الإسرائيلي من الداخل"، ومحذرا من أن "حماس فسرت دعوات الرفض على أنها ضعف" قبل هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وأكد المكتب أن "هذه المجموعة الهامشية الصاخبة تم حشدها لتحقيق هدف واحد - الإطاحة بالحكومة، فهي لا تمثل الجنود ولا الجمهور، الجيش الإسرائيلي يقاتل، ونحن جميعا ندعمه".
ومن جانبه، هاجم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بشدة الموقعين على الرسالة، معلنا في بيان مكتوب "أرفض بشدة رسالة جنود الاحتياط في سلاح الجو ومحاولة تقويض شرعية الحرب العادلة التي يقودها الجيش الإسرائيلي في غزة من أجل إعادة الرهائن وهزيمة منظمة حماس".
وأضاف "أنا أثق في حكم رئيس الأركان وقائد القوات الجوية، وأنا على يقين أنهما سيتعاملان مع هذه الظاهرة غير المقبولة بالطريقة الأكثر ملاءمة".
وكان نحو 1000 من العسكريين المتقاعدين والاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي قد نشروا، اليوم الخميس، رسالة علنية تدعو إلى إعطاء الأولوية القصوى لإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، حتى على حساب وقف فوري للحرب.
وأشاروا في رسالتهم إلى أنه "في الوقت الحالي، تخدم الحرب بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية (لنتيناهو)، وليس المصالح الأمنية".
وعقب نشر الرسالة التي تصدرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فيها هيئة البث الرسمية، قرر الجيش الإسرائيلي فصل جنود الاحتياط العاملين في سلاح الجو الذين وقعوا عليها.
وقالت صحيفة "هآرتس" إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، وقائد سلاح الجو الإسرائيلي تومر بار، اتخذا قرارا بتسريح جنود الاحتياط العاملين في الخدمة الفعلية من الجيش.
وأفاد الجيش بأن "معظم الموقعين ليسوا في الخدمة الفعلية، لكنه لم يكشف عن عددهم بدقة"، فيما ذكرت "القناة 14" أن من بين نحو 1000 موقع هناك 90 من جنود الاحتياط النشطين.
وأكد الموقعون على الرسالة، ومن بينهم قادة كبار متقاعدون، أن "استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى قتل المختطفين وجنود الجيش والمدنيين الأبرياء، فضلا عن استنزاف قوات الاحتياط".
ودعوا "جميع مواطني إسرائيل إلى المطالبة، في كل مكان وبكل الطرق، بإيقاف القتال وإعادة جميع المختطفين الآن"، مشيرين إلى أن "التوصل إلى اتفاق وحده كفيل بإعادة الرهائن سالمين، بينما يؤدي الضغط العسكري بالأساس إلى قتلهم وتعريض حياة جنودنا للخطر".
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة والتي أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير واسع النطاق، بالإضافة إلى أزمة إنسانية خانقة وحصار مستمر للقطاع للعام الثامن عشر.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الرسالة أثارت قلقا واسعا لدى كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين قبل نشرها، نظرا لطبيعتها "السياسية".
وأفادت الصحيفة بأن قائد سلاح الجو التقى بعدد من كبار ضباط الاحتياط، بمن فيهم قادة سابقون، في محاولة لإقناعهم بعدم نشر الرسالة، لكن جهوده لم تثمر.
وأشارت تقارير أولية للجيش إلى أن 10 من الموقعين هم جنود احتياط عاملين، معظمهم متطوعون، بينما البقية متقاعدون أو سابقون.
وأوضحت "يديعوت أحرونوت" أن "العشرات من أفراد الخدمة العاملين سحبوا توقيعاتهم في اليومين الماضيين، بعد محادثات مع قادة الأفرع"، لكن سلاح الجو لا يستبعد انضمام المزيد من العاملين إلى الرسالة.
ومن بين الموقعين البارزين: القائد الأسبق لأركان الجيش دان حلوتس، والقائد الأسبق لسلاح الجو نمرود شيفر، ورئيس سلطة الطيران المدني الأسبق نيري يركوني، بالإضافة إلى عدد من اللواءات والعمداء المتقاعدين.
ويكشف هذا التطور عن تصاعد الخلافات الداخلية في إسرائيل بشأن إدارة الحرب على غزة وأولويات الحكومة، فيما يشير دعم نتنياهو لفصل جنود الاحتياط إلى رفض القيادة الإسرائيلية لأي انتقاد علني للعمليات العسكرية، خاصة من داخل المؤسسة العسكرية.
وتعتبر مطالبة جنود الاحتياط، بمن فيهم قادة سابقون، بوقف القتال لإعادة الرهائن مؤشرا قويا على تزايد الضغط الداخلي لتغيير الاستراتيجية الإسرائيلية.
ومن المرجح أن يزيد هذا الانقسام من الضغط على نتنياهو وحكومته، وقد يؤثر على مسار الحرب والجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن، بالإضافة إلى تداعياته المحتملة على صورة الجيش الإسرائيلي ووحدته.
واستأنفت إسرائيل الشهر الماضي قصفها للقطاع بعد هدنة استمرت شهرين كما نشرت المزيد من القوات البرية داخل القطاع. وتقول وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس إن الضربات العسكرية الإسرائيلية قتلت 1500 على الأقل منذ 18 مارس آذار عندما استأنفت إسرائيل هجماتها.
ومنذ أواخر شهر مارس، تأمر إسرائيل سكان غزة بإخلاء مناطق في أطراف القطاع لإنشاء ما تصفها بالمنطقة الأمنية، ويخشى السكان من أن يكون الهدف هو إخلاء مساحات واسعة من الأراضي بشكل دائم.
واستأنف الجناحان المسلحان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بعد ذلك إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل.
وتبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بشأن الجمود الذي أصاب محادثات وقف إطلاق النار. وكثفت مصر وقطر بدعم من الولايات المتحدة جهود الوساطة لاستعادة التهدئة لكن لم تسفر تلك الجهود حتى الآن عن تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
واندلعت الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023 بعدما هاجمت حماس بلدات في جنوب إسرائيل، وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن مقاتلي حماس قتلوا خلال الهجوم 1200 شخص واحتجزوا نحو 250 رهينة.
وتقول السلطات الفلسطينية إن الحملة العسكرية الإسرائيلية منذئذ أدت إلى مقتل أكثر من 50800 فلسطيني.