نتنياهو يخطط لاستثمار مقتل السنوار في الانتخابات الأميركية

حدوث أي انفراجة قد تساعد هاريس، بينما يفضل نتنياهو التعامل مع ترامب الذي يتسق معه أكثر في آرائه تجاه بإيران.
الأحد 2024/10/20
التوترات على أشدها

القدس– يسعى القادة الإسرائيليين من وراء مقتل يحيى السنوار إلى اقتناص مكاسب إستراتيجية تتجاوز الانتصارات العسكرية لإعادة تشكيل الساحة الإقليمية لصالح إسرائيل وحماية حدودها من أيّ هجمات في المستقبل.

وقالت ثمانية مصادر لرويترز إنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، تسارع إسرائيل إلى إلحاق أقصى ضرر بحركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان وانتهاز اللحظة لإنشاء مناطق عازلة بحكم الأمر الواقع في محاولة لرسم واقع لا رجعة عنه قبل تولي رئيس أميركي جديد السلطة في يناير 2025.

وقال دبلوماسيون غربيون ومسؤولون لبنانيون وإسرائيليون ومصادر إقليمية أخرى إن إسرائيل تريد بتكثيف عملياتها العسكرية على حزب الله وحماس ألا يعيد أعداؤها، وراعيتهم الرئيسية إيران، تنظيم صفوفهم ليهددوا الإسرائيليين مرة أخرى.

ومن المتوقع أن يستغل الرئيس الأميركي جو بايدن مقتل السنوار للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة. لكن الزعيم الإسرائيلي قد يفضل الانتظار حتى نهاية ولاية بايدن ويجرّب حظه مع الرئيس المقبل، سواء كان المرشحة الديمقراطية كامالا هارس نائبة الرئيس، أو منافسها الجمهوري دونالد ترامب الذي تربطه علاقات وثيقة بنتنياهو.

 

مسؤولون إسرائيليون يرون أن الحل العسكري هو السبيل الوحيد لتطبيق القرار 1701 وضمان العودة الآمنة لنحو 60 ألفا من السكان الذين نزحوا من شمال إسرائيل

وقبل النظر في أيّ اتفاقات لوقف إطلاق النار، تحث إسرائيل الخطى في حملتها العسكرية لإبعاد حزب الله عن حدودها الشمالية، كما تتوغل في مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في غزة في مسعى يخشى الفلسطينيون ووكالات للأمم المتحدة أن يكون محاولة لعزل شمال غزة عن بقية القطاع.

وتعتزم إسرائيل أيضا الرد على هجوم بوابل من الصواريخ الباليستية نفذته إيران في الأول من أكتوبر الجاري وكان ثاني هجوم إيراني مباشر على إسرائيل في ستة أشهر.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى والزميل البارز حاليا في معهد واشنطن البحثي “هناك مشهد جديد، وتغير جيوسياسي جديد في المنطقة”.

وأضاف شينكر أنه قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، كانت إسرائيل “مستعدة للتهاون مع تهديد مرتفع”، وذلك بالرد بضربات محدودة على إطلاق صواريخ من حماس وأعداء آخرين، لكن “الأمر لم يعد كذلك”. وتابع أن “إسرائيل تقاتل هذه المرة على جبهات كثيرة، هناك حماس، وحزب الله، وإيران قادمة قريبا”.

وقال نتنياهو في بيان الخميس إن مقتل السنوار “تصفية للحساب”، لكنه أكد أن حرب غزة ستستمر بكامل قوتها حتى عودة الأسرى الإسرائيليين. وقالت المصادر إن طموحات إسرائيل تتخطى الانتصارات العسكرية قصيرة الأجل مهما بلغت أهميتها.

ويستهدف التوغل البري في لبنان الذي بدأ الشهر الماضي إبعاد جماعة حزب الله نحو 30 كيلومترا عن الحدود الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني، وضمان تجريد الجماعة اللبنانية تماما من أسلحتها بعد 30 عاما من الدعم العسكري من إيران.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم بذلك ينفذون قرارا للأمم المتحدة يستهدف الحفاظ على السلام في المنطقة وحماية سكانها من الهجمات عبر الحدود.

واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 1701 بعد الحرب السابقة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006 لكن لطالما انتهكه الطرفان. وأجاز القرار إنشاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) بهدف مساعدة الجيش اللبناني في إبقاء المنطقة الواقعة جنوبي النهر خالية من الأسلحة والمسلحين باستثناء ما يتبع الدولة اللبنانية.

وتشكو إسرائيل من أن القوتين، الجيش اللبناني واليونيفيل، لم تتمكنا قط من انتزاع السيطرة على المنطقة من حزب الله الذي ينظر إليه منذ زمن طويل على أنه القوة العسكرية الأشد بأسا في لبنان.

وقاوم حزب الله نزع سلاحه مستندا إلى ضرورة الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل. ومنذ العام الماضي، يستخدم مقاتلوه الشريط الحدودي كقاعدة لتبادل إطلاق النار بشكل يومي تقريبا مع إسرائيل تضامنا مع حماس في غزة.

op

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الحل العسكري هو السبيل الوحيد لتطبيق القرار 1701 وضمان العودة الآمنة لنحو 60 ألفا من السكان الذين نزحوا من شمال إسرائيل.

وتدعم الولايات المتحدة، وهي المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، الحملات على الأهداف المدعومة من إيران مثل جماعة حزب الله وحركة حماس اللتين تصنفهما الولايات المتحدة منظمتين إرهابيتين أجنبيتين.

لكن التوترات تصاعدت بينهما مع محاولة المسؤولين الأميركيين إقناع إسرائيل بتحسين الظروف الإنسانية في غزة وتقليص الضربات الجوية على المناطق السكنية والتفاوض على وقف إطلاق النار.

وهناك أسباب أخرى للتوتر مثل محاولات بايدن التواصل مع إيران عبر محادثات غير مباشرة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، ومعارضته لأيّ ضربات على المنشآت النووية الإيرانية. وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا لها.

ويقول بعض الدبلوماسيين إن نتنياهو ربما ينظر أيضا إلى مدى تأثير وقف إطلاق النار على الانتخابات. وأضافوا أن حدوث أيّ انفراجة قد تساعد هاريس، بينما يفضل نتنياهو التعامل مع ترامب الذي يتسق معه أكثر في آرائه المتشددة في ما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين وإيران.

وقال مروان المعشر وزير الخارجية الأردني الأسبق ونائب رئيس قسم الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومقرها الولايات المتحدة “لا يوجد سبب يدعو نتنياهو إلى وقف حروبه قبل الانتخابات الأميركية.. لن يمنح هاريس أي فضل أو هدية قبل الانتخابات”.

وحتى الآن، يمضي نتنياهو في عزمه في ما يبدو على إعادة رسم الخريطة حول إسرائيل لصالحه من خلال تطهير الحدود من أعدائها. وأضاف المعشر “وضع فوزه في جيبه ويواصل حروبه ويفرض وضعا (إقليميا) جديدا بحكم واقع الحال”.

3