نتنياهو يحل حكومة الحرب على وقع خلافات متصاعدة مع الجيش

كان قرار حل حكومة الحرب الإسرائيلية متوقعا حيث إنه لم يعد هناك داع لاستمرارها بعد انسحاب الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت، ويؤكد محللون أنه لن يكون للخطوة تأثير عملي على عملية صنع القرار في علاقة بالحرب على غزة.
غزة - أكد متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الاثنين حل حكومة الحرب التي تشكلت في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل.
ويأتي القرار على وقع خلافات متصاعدة بين القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل حيال مجريات الحرب في غزة، والتي تفاقمت بعد قرار الجيش الإسرائيلي الأحد تنفيذ فترات توقف تكتيكية يومية للقتال.
واعتبر متابعون أن قرار حل حكومة الحرب كان متوقعا بعد انسحاب الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت من حزب المعسكر الرسمي من الكابينت، ومطالبة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بضمه إليه بعد استقالتهما.
وقال المتحدث باسم الحكومة ديفيد مينسر إن الحكومة الأمنية ستتخذ “القرارات المتعلقة بالحرب”.
وأشار مينسر خلال مؤتمر صحفي إلى أن “حكومة الحرب كانت شرطا مسبقا لتشكيل حكومة وحدة وطنية (…) مع مغادرة غانتس الحكومة، لم تعد الحكومة ضرورية، وستتولى مهامها الحكومة الأمنية”.
والحكومة الأمنية المصغرة التي تضم وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، هي الهيئة الرئيسية المسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب الدائرة في قطاع غزة.
قرار حل حكومة الحرب كان متوقعا بعد انسحاب الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت من حزب المعسكر الرسمي من الكابينت
وغادر غانتس، زعيم “الاتحاد الوطني” الوسطي، الائتلاف الحكومي في وقت سابق من يونيو، وتلاه غادي آيزنكوت.
ويرى محللون في حل حكومة الحرب، محاولة لقطع الطريق أمام وزيري اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش اللذين أرادا المشاركة فيها منذ بداية النزاع. وأوضح جوناثان ليس، المحلل في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، “سيتم الآن التعامل مع القرارات الحساسة من خلال منتدى تشاوري أصغر، في حين سيتم نقل بعض القضايا التي ناقشتها حكومة الحرب سابقا إلى مجلس الوزراء الأمني الأوسع” أي المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت”.
ونقل ليس عن مصدر إسرائيلي مطلع على الخطوة، لم يسمه، أن “إعلان نتنياهو مجرد إعلان ويهدف إلى استبعاد وزيري اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش اللذين يواجهان انتقادات شديدة من المجتمع الدولي بسبب تصريحاتهما المتطرفة”.
وأضاف المصدر “من الناحية العملية، لا يوجد تغيير جوهري في عملية صنع القرار، لكن إعلان نتنياهو عن حل مجلس الحرب يسمح لبن غفير بالتراجع وعدم الإصرار على أن يكون جزءا من منتدى صنع القرار المحدود” أي البديل المرتقب لمجلس الحرب.
ولدى القوى الغربية الحليفة ولاسيما الولايات المتحدة تحفظات كبيرة على مشاركة الوزيرين بالنظر لمواقفهما المتشددة.
وتبذل الولايات المتحدة جهودا من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس وباقي الفصائل الفلسطينية، ولكن لا يبدو أن هذه الجهود تلقى طريقها إلى النجاح في ظل إصرار إسرائيل على المضي في عمليتها إلى حين القضاء على القدرات العسكرية لحماس، وتوفير بديل لإدارة الحكم في القطاع، في مقابل ذلك ترفض الحركة الفلسطينية بشدة أي اتفاق لا ينص صراحة على إنهاء العملية وانسحاب الجيش الإسرائيلي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد عن وقف مؤقت للعمليات القتالية بشكل يومي، وهو قرار أثار امتعاض نتنياهو.
من الناحية العملية، لا يوجد تغيير جوهري في عملية صنع القرار، بعد قرار بنيامين نتنياهو بحل حكومة الحرب
وقال نتنياهو “في ما يتعلق بالأخبار التي سمعتها في وسائل الإعلام لأول مرة، قلت إنها غير مقبولة بالنسبة لي ولم يجر تنسيقها معي. قالوا (في الجيش الإسرائيلي) إنه لا يوجد شيء من هذا القبيل”.
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي “نعم، هناك فترات راحة قصيرة في محاور قصيرة لإدخال المساعدات الإنسانية، لكني لم أوافق على هذا، على وجه التحديد. وهناك تحقيق في هذا الأمر”.
وتابع نتنياهو “من أجل الوصول إلى هدف القضاء على قدرات حماس العسكرية، اتخذت عددا من القرارات التي لم تكن دائما ترضي الجيش. لدينا دولة لها جيش، وليس جيش له دولة”.
وسجل الوضع في غزة الاثنين هدوءا نسبيا لليوم الثاني على التوالي بعد إعلان الجيش عن هدنة في جنوب القطاع، على الرغم من بعض الضربات على شمال غزة، وأشار شهود إلى انفجارات في الجنوب.
والهدنة التي تزامن إعلانها مع أول أيام عيد الأضحى، تهدف إلى تسهيل نقل المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها سكان غزة بشدة، بعد ثمانية أشهر من النزاع المميت بين إسرائيل وحركة حماس.وأعلن الجيش الإسرائيلي هدنة من “الساعة 8:00 حتى 19:00 (5:00 حتى 16:00 ت.غ) يوميا حتى إشعار آخر” انطلاقا من معبر كرم أبوسالم وحتى طريق صلاح الدين ومن ثم شمالا.
وأكد متحدث باسم الجيش سريان الهدنة الاثنين، لكن مسؤولا إسرائيليا ذكر لوكالة فرانس برس أن “ليس هناك تغيير في سياسة الجيش الإسرائيلي” خصوصا في رفح (جنوب) حيث أطلق مطلع مايو عملية برية أدت إلى فرار مئات الآلاف من الأشخاص. وقال الجيش في بيان الاثنين إن القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها في رفح وفي وسط غزة وتخوض “قتالا من مسافة قريبة” مع مسلّحين، مضيفا أن الجيش دمر عددا من المنشآت العسكرية التي كانت تشكل تهديدا للقوات.
وذكر أن العملية في رفح ستستغرق بضعة أسابيع في أسوأ السيناريوهات.
ورحب الناطق الرسمي باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه بوقف الاقتتال لبضع ساعات يوميا رغم أن “هذا لم يترجم بعد إلى وصول المزيد من المساعدات إلى المحتاجين” بحسب تعبيره.
ودعا إسرائيل إلى أن “يؤدي ذلك إلى إجراءات ملموسة أخرى” لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وتدافع إسرائيل منذ فترة طويلة عن جهودها للسماح بدخول المساعدات إلى غزة بما في ذلك عبر معبر كرم أبوسالم قرب رفح، وتلقي باللوم على المسلحين في نهب الإمدادات وعلى العاملين في المجال الإنساني لفشلهم في توزيعها على المدنيين.