نتنياهو يحرز تقدما في جهود تشكيل الحكومة الإسرائيلية

اقترب رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية جديدة تثير القلق بشأن سياساتها تجاه الملفات الداخلية والخارجية الشائكة، لاسيما التعامل مع موجة غليان معارضة في الضفة الغربية تتوعد بالمواجهة.
القدس - أحرز رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو تقدما في تشكيل حكومة ائتلافية دينية بعد أن وقع اتفاقا مع حزب نوعام بزعامة آفي ماعوز، ما يذلل العقبات أمام ميلاد الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، فيما لا تزال حقيبة وزارة الدفاع محل خلافات بعد أن أسندت حقيبة الداخلية إلى حزب القوة اليهودية بزعامة إيتمار بن غفير رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
ووفقا لوسائل إعلام، سيصبح ماعوز نائبا لرئيس الوزراء ورئيس “هيئة الهوية اليهودية الوطنية” في مكتب رئيس الوزراء. وفي الماضي كان قد تسبب في جدال بتصريحات معادية للمثليين، ويرى أن نماذج الأسرة البديلة تهديد للمجتمع اليهودي.
وترى ميراف ميخائيلي من حزب العمل الديمقراطي الاشتراكي أن إسرائيل تسير إلى “عصر الظلمات”، بتعاون نتنياهو مع متطرفين وشوفينيين وسياسيين مناهضين للمثلية. وقالت إن ذلك “يشعر المرء بالغثيان”، متعهدة بشن حرب حازمة ضد الحكومة الجديدة.
وخرج حزب الليكود كأقوى فصيل في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأول من نوفمبر، حيث حصد 32 مقعدا من 120 مقعدا في الكنيست.
ويريد نتنياهو الآن ضم حزبين دينيين آخرين أكثر تشددا ورئيس الحزب الصهيوني الديني بتسالئيل سموتشريتش. وكان بن غفير وماعوز قد وحدا جهودهما مع بتسالئيل سموتشريتش في الانتخابات، لكنهم أجروا مفاوضات الائتلاف الحكومي بشكل منفصل.
وأفادت مصادر إسرائيلية بوجود قطيعة بين نتنياهو وسموتشريتش الذي يطالب بتولّي حقيبة الدفاع، فيما يريد حزب الليكود بزعامة نتنياهو الاحتفاظ بالحقيبة السيادية.
وتشير المصادر إلى أن نتنياهو يخشى أن يؤدي إسناد حقيبة الدفاع إلى سموتشريتش إلى مواجهة مع الإدارة الأميركية القلقة من سلوك الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة.
والتقى الاثنان نتنياهو وسموتشريتش، الأسبوع الماضي، في محاولة للتغلب على إصرار سموتشريتش على وزارة المالية أو حقيبة وزارة الدفاع، والتي ورد أن نتنياهو لا يريد منحه إياها وسط اعتراضات أميركية معلن عنها، ووعوده بمنح حقيبة المالية لزعيم حزب “شاس” آريه درعي.
وحذرت السلطة الفلسطينية من أن تعيين بن غفير، الذي أدين في الماضي بدعم منظمة إرهابية، وزيرا للأمن و مسؤولا عن شرطة الحدود في الضفة الغربية ستكون له تداعيات خطيرة على حل الدولتين.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الاثنين أن برنامج الائتلاف الوزاري المقبل في إسرائيل يمثل تهديدا بالقضاء على حل الدولتين عبر مسح حدود عام 1967.
وقال اشتية في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في مدينة رام الله إن ملامح الحكومة الإسرائيلية المقبلة “بدأت تتضح، وتتضح معها برامجها العدوانية والاستعمارية ومخططاتها لمسح حدود 1967”.
وحذر اشتية من توجهات الحكومة الإسرائيلية المقبلة لـ”تعزيز البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات جديدة، وتزويدها بما تحتاجه، وتغطيتها قانونيا وماديا وسياسيا، رغم إدراكنا أن جميع المستوطنات غير قانونية وغير شرعية حسب القانون الدولي”.
ويطالب الفلسطينيون بعقد مؤتمر دولي للسلام من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وسط رفض من تل أبيب.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية منذ 2014 عقب رفض تل أبيب وقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وتنصلها من مبدأ حل الدولتين ورفضها إطلاق دفعة من قدامى الأسرى.
ولا تخفي الإدارة الأميركية قلقها من التغيرات الجارية في إسرائيل. وتأخرت تهنئة الرئيس الأميركي جو بايدن لنتنياهو أكثر من أسبوع، وهو ما اعتُبر إشارة تظهر قلق الإدارة الأميركية من الحكومة الجاري تشكيلها.
غير أنه لا أحد يتوقع أن تجري ترجمة عدم الرضا الأميركي عن الحكومة الجديدة إلى ضغوط شديدة أو فرض عقوبات على إسرائيل، وذلك نظراً إلى علاقات التحالف الإستراتيجي الاستثنائية بين الدولتين.
وليس من الواضح ما إذا كان تزايد الاهتمام الدولي بالأراضي الفلسطينية سيقيّد يد الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشأن الاستيطان والانتهاكات اليومية، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا طالبتا كافة الأحزاب الإسرائيلية باحترام حقوق الأقليات.
ولم يتوقف الاستيطان في عهد الحكومة الحالية، غير أن نتنياهو يميل إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، فضلا عن أن سموتشريتش وبن غفير قد يمارسان الضغط عليه للقيام بذلك فعلا. وإذا قام بمثل هذه الخطوة فقد يفجر أزمة غير مسبوقة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
وانتقد سموتشريتش وبن غفير مرارا ما أسمياه بـ”تساهل الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين”، ودعيا إلى سياسة إطلاق نار جديدة قد تسهّل قتل فلسطينيين، بينما دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى مراجعة سياسة إطلاق النار المتبعة في الضفة الغربية.