نتنياهو يتوعد في أول زيارة لغزة باستمرار الحرب والقضاء على حماس

القدس - قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد بأول زيارة له إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب مع حماس حيث خاطب جنوده قائلا "سنستمر حتى النهاية إلى أن يتم تحقيق النصر"، مضيفا بحسب مقطع مصور بثه مكتبه "نبذل كل جهد ممكن من أجل استعادة مختطفينا وفي نهاية المطاف سنعيدهم جميعا".
وجاءت تصريحات نتنياهو بينما تبذل مصر وقطر جهودا بالتنسيق مع الولايات المتحدة لتمديد الهدنة الإنسانية وتأمين تنفيذ كامل لاتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل.
لكن تصريحات نتنياهو تسلط الضوء على أن الهدنة هشة وقد سبق للجيش الإسرائيلي أن أعلن أنه سيستأنف عملياته العسكرية بمجرد انتهاء الهدنة.
وتواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة لتمديد فترة الهدنة المقررة لأربعة أيام فقط حتى الآن في إطار حربها على حماس، غير أن مسؤولين عسكريين يخشون أن تؤدي هدنة أطول إلى إضعاف الجهود الإسرائيلية للقضاء على الحركة الإسلامية وهو الهدف الذي أعلنته حكومة الحرب بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفي المجموع، سلّمت حركة حماس الجمعة والسبت إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 26 رهينة إسرائيلية يحمل بعضهم جنسية أخرى، بينما أطلقت إسرائيل سراح 78 أسيرا فلسطينيا. وكل المفرج عنهم هم من النساء والأطفال.
كذلك أطلقت حماس على مدى اليومين الماضيين 15 من الأجانب غير الإسرائيليين، في إجراء لم يكن مدرجا في الاتفاق.
قال الجيش الإسرائيلي إن الحركة الفلسطينية سلمت مجموعة أخرى من الرهائن إلى موظفي الصليب الأحمر، فى إطار اتفاق وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام في حرب غزة، مضيفا أنها سلمت الأحد 14 مواطنا إسرائيليا و3 أجانب إلى موظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكتبت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس على منصة تلغرام أنه تم الإفراج عن 13 إسرائيليا و3 مواطنين تايلانديين ومواطن روسي.
واليوم الأحد هو اليوم الثالث من اتفاق هدنة مؤقتة مدتها أربعة أيام من القتال بين الجانبين تسمح بتدفق مساعدات ملحة إلى قطاع غزة المكتظ بالسكان، في مقابل الإفراج عن بعض الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال أعنف هجوم شنته على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وينص الاتفاق الذي تمّ بوساطة قطرية ومشاركة الولايات المتحدة ومصر، على الإفراج عن خمسين رهينة لدى حماس في مقابل إطلاق سراح 150 أسيرًا فلسطينيا مدى الأيام الأربعة للهدنة القابلة للتمديد.
ومن شأن هذا الأمر أن يزيد عدد الرهائن التي تعيدهم حركة حماس وهناك ضغوط داخلية كبيرة في إسرائيل للقيام بذلك، لكنه يمنح الحركة هامشا أكبر لإعادة جمع صفوفها والتعافي وإعادة التسلّح والعودة إلى القتال، وفق محللين.
ويزيد هذا الاتفاق أيضا الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل من جانب المجتمع الدولي الذي سيتراجع تأييده لمعاودة قصف غزة مع ما ينجم عن ذلك من أزمة إنسانية.
ويقول الأستاذ في دراسات الدفاع في جامعة كينغز كوليدج لندن أندرياس كريغ "الوقت يعمل ضدّ إسرائيل كما هي الحال دائما وضدّ الجيش الإسرائيلي". ويشير إلى أنه كلّما طال أمد الهدنة نفد صبر المجتمع الدولي مع استمرار الحرب، غير أن الجيش الإسرائيلي مصمّم على تحقيق هدفه بـ"القضاء" على حركة حماس.
وفي زيارة للقوات الإسرائيلية في قطاع غزة السبت، شدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على أن الجدول الزمني للهدنة "قصير"، موضحا "لن تستغرق أسابيع، ستستغرق أياما إلى حد ما"، مضيفا محاطا بجنود مدجّجين بالأسلحة "أي مفاوضات أخرى ستجري تحت النيران".
ويقول الباحث في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب أريك رودنيتزكي "الضغط الحقيقي لتمديد الهدنة يأتي من داخل إسرائيل من عائلات الرهائن".
ومساء السبت، سارت في شوارع تل أبيب تظاهرة حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف للمطالبة بالإفراج عن الرهائن، هتف خلالها المحتجون الذين حملوا صور الرهائن، "حرروهم الآن". وكُتِبت على إحدى اللافتات عبارة "أخرجوهم من الجحيم".
ويقول مسؤول عسكري إسرائيلي إن إسرائيل ملتزمة بأن يتمّ الإفراج عن أكبر عدد من الرهائن، لكنه أعرب عن قلقه من أنه كلما طالت الهدنة حصلت حماس على وقت أكبر "لإعادة بناء قدراتها ومهاجمة إسرائيل مجددا"، مضيفا "إنها معضلة رهيبة".
وكانت قطر الوسيط الرئيسي في مفاوضات وقف القتال. وقال المتحدث باسم وزارة خارجيتها ماجد الأنصاري إن هناك حاجة إلى "الحفاظ على الزخم" من أجل وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف "لا يمكن تحقيق ذلك إلّا عندما تتوافر الإرادة السياسية ليس فقط من جانب الإسرائيليين والفلسطينيين بل أيضا من جانب الشركاء الآخرين الذين يعملون معنا".
ويعتبر الأستاذ في دراسات الدفاع في جامعة كينغز كوليدج لندن أندرياس كريغ أن واشنطن غير مستعدة لعملية مكثفة "تستمر أشهرا بلا انقطاع"، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل، مضيفا "لذلك تحتاج إدارة بايدن إلى إيجاد مخرج أيضا لأنه لا حلّ عسكريا لهذا النزاع، لا يمكن الانتصار فيه".
وقال المسؤول في حماس طاهر النونو إن الحركة الإسلامية "جاهزة للبحث بشكل جدّي للتوصل إلى صفقات جديدة".
ويقول المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية آفي ميلاميد، إن حماس "ستماطل مع الرهائن لمحاولة استنفاد هذه الورقة لأطول وقت ممكن وبأعلى ثمن قد يشكّله ذلك لإسرائيل".
واعتبر أن حماس كانت تأمل أن يتبدد الدعم داخل إسرائيل للتوغل في قطاع غزة وأن "تخلق، في نهاية المطاف، الضغوط الدولية والداخلية على الحكومة الإسرائيلية ظروفا يمكن فيها لحماس أن تستمر في الوجود وأن تحكم غزّة حتى بعد انتهاء هذه الحرب".
وتدلي الباحثة المستقلة في شؤون الشرق الأوسط إيفا كولوريوتيس بالرأي نفسه، موضحة "بالنسبة لحماس، أي سيناريو لهذه الحرب لا يؤدي إلى انتهاء وجودها في قطاع غزة سيُعتبر نصرا (...) بغضّ النظر عن خسائرها البشرية والمادية وحجم الدمار في غزّة وحجم الخسائر في صفوف المدنيين".