نتنياهو يتطلع إلى ما بعد اتفاق غزة.. التطبيع مع السعودية

الاتفاق قد يمهد الطريق لتطبيع طويل الأمد مع السعودية بدعم من الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض.
الجمعة 2025/01/17
"الصديق القديم" من يقف وراء مسعى نتنياهو

القدس - يتطلع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع قرب تولي “الصديق القديم” دونالد ترامب لمهامه في البيت الأبيض، ومن ضمن أهداف نتنياهو توسيع اتفاقيات أبراهام لتشمل المملكة العربية السعودية.

ويمثل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي أعلنه الوسيطان قطر والولايات المتحدة الأربعاء، لحظة محورية لرئيس الوزراء الإسرائيلي.

ومنذ هجوم حركة حماس على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، واجه نتنياهو انتقادات علنية حادة لعدم تأمين إطلاق سراح المحتجزين في غزة في وقت أبكر.

واتهمت عائلات الجنود الإسرائيليين الذين يقاتلون في القطاع نتنياهو بعرقلة الجهود التي استمرت شهورا لإنهاء القتال من أجل تحقيق مكاسب سياسية، بينما يواجه في الوقت نفسه اتهامات بالفساد في محاكمة متواصلة.

أرسل نحو 800 من أهالي الجنود في وقت سابق من الشهر الحالي رسالة لنتنياهو متوجهين له فيها بالقول “إنه لم يعد بإمكاننا السماح لك بمواصلة التضحية بأبنائنا كوقود للمدافع.”

وقُتل أكثر من 400 جندي إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية منذ بدء الحرب. لكن أعضاء اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو هددوا بالانسحاب من إدارته إذا ما أبرم اتفاقا لوقف إطلاق النار، وضغطوا من أجل رد أكثر قوة في غزة.

جوناثان رينهولد: المفتاح ليس الموقف ولكن كيف تخوض اللعبة، والخلاصة هي أن نتنياهو أفضل لاعب في اللعبة
جوناثان رينهولد: المفتاح ليس الموقف ولكن كيف تخوض اللعبة، والخلاصة هي أن نتنياهو أفضل لاعب في اللعبة

ورغم الضغوط المتضاربة، يقول محللون إن العقبات التي خيّمت على ولايته في الأشهر الأخيرة، من غير المرجح أن تؤدي إلى إسقاط رئيس الوزراء الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه ناجٍ سياسي.

وبعد هجوم السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1210 أشخاص، تعهّد نتنياهو بـ”سحق” حماس وإعادة الرهائن إلى ديارهم. وخلال الهجوم، خطفت حركة حماس 251 شخصا مازال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.

ورغم أن حماس لم تُهزم، فقد دمّرت إسرائيل قيادة الحركة وبنيتها العسكرية. كما أضعفت بشكل كبير عدوّها اللدود حزب الله اللبناني في حرب موازية شمالا، تمكنت خلالها من اغتيال الأمين العام للحزب المدعوم من إيران حسن نصرالله وعددا من القياديين الآخرين.

والآن، قد يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إيجاد طريقة لاستخدام اتفاق وقف إطلاق النار لصالحه، ربما بالابتعاد عن شركاء الائتلاف اليمينيين المتطرفين الذين اعتمد عليهم منذ العام 2022.

وقد يمهد الاتفاق الطريق لتطبيع طويل الأمد مع السعودية، بدعم من الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض ترامب. يقول رئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة بار-إيلان في تل أبيب جوناثان رينهولد إن “المفتاح ليس الموقف ولكن كيف تخوض اللعبة، والخلاصة هي أن (نتنياهو) أفضل لاعب في اللعبة.”

قبل هجوم حماس، كانت الولايات المتحدة حليفة إسرائيل على وشك إبرام صفقة تطبيع بين المملكة الخليجية وإسرائيل.

ويقول الصحافي ومؤلف كتاب سيرة نتانياهو عام 2018 أنشيل فيفر إن “السؤال هو ما الذي سيحصل عليه نتنياهو من الصفقة بعد إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، وهنا نصل إلى المسألة السعودية”؟

ويشير إلى أنه من الممكن أن يكون الاتفاق “جزءا من شيء أكبر بكثير.. يريد ترامب صفقة” بين السعودية وإسرائيل. وفيما تعهد شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف بمعارضة وقف إطلاق النار، قال فيفر إنه من غير المرجح أن تؤدي أي خلافات في الائتلاف الحاكم إلى إسقاطه.

ورغم ذلك، فإن وقف إطلاق النار سيكون “لحظة الحقيقة” بالنسبة لنتنياهو، إذ قد يحاول الابتعاد عن اليمين المتشدد في الائتلاف إلى “نوع من الصفقة مع السعوديين تحدد إرث نتنياهو” السياسي، وفق فيفر.

◘ نتنياهو قد يسعى إلى إيجاد طريقة لاستخدام اتفاق وقف إطلاق النار لصالحه ربما بالابتعاد عن شركاء الائتلاف اليمينيين المتطرفين

وتقول المحللة السياسة في الجامعة العبرية في القدس غاييل تالشير، إن نتنياهو ربما لم يعد بحاجة إلى الاعتماد على أقصى اليمين. وأعرب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتامار بن غفير، وكلاهما من أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتانياهو، مرارا عن معارضتهما للصفقة.

وتقول تالشير “قد لا يكون سموتريتش وبن غفير جزءا من صفقة مماثلة، ما يعني أنه خلف الستائر الثقيلة، قد يكون نتنياهو يستعد لذلك اليوم.”

وتشير إلى أن وزير الدفاع السابق بيني غانتس وزعيم المعارضة يائير لابيد وشخصيات أخرى أشاروا بالفعل إلى أنهم سيعملون مع نتنياهو إذا توصل إلى اتفاق لتحرير الرهائن أو إذا أبرم صفقة مع السعودية.

ويلفت أفيف بوشينسكي المعلق السياسي ورئيس أركان نتانياهو السابق، إلى أنه رغم بعض الاضطرابات التي أثارها وقف إطلاق النار، “فإنه من الناحية السياسية، ليس تغييرا في قواعد اللعبة.”

ورغم ذلك، يقول إن هجوم السابع من أكتوبر سيستمر في إلقاء ظلاله على نتنياهو. ويضيف بوشينسكي إن رئيس الوزراء “يريد أن يتذكر الناس أولئك الذين تمكن من إعادتهم ولكن ليس أولئك الذين لم يتمكن من إعادتهم.” ويتابع “لكن هذا الشيء سيستمر في مطاردته.. ستكون المرة الأولى منذ قيام إسرائيل” يعجز فيها جيشها عن إنقاذ مدنيين مفقودين.

 

اقرأ أيضا:

        • لجنة حماية الصحافيين تدعو الإعلام إلى التحقيق في جرائم الحرب في غزة

        • وقف إطلاق النار في غزة: لماذا الآن وماذا بعد

2