نتنياهو يتحرك لإنقاذ سلطة عباس من الانهيار

القدس- تستعد حكومة بنيامين نتنياهو لتقديم تسهيلات ومساعدات لسلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسعى لمنعها من الانهيار، ولإظهار أنه ما يزال لديها دور تؤديه على الرغم من تكرار تهديداتها بقطع الروابط الأمنية مع إسرائيل. وهي تهديدات لم تنفّذ على أرض الواقع.
وقالت القناة “13” الإسرائيلية بأن المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية في حكومة نتنياهو، يبحث (الأحد)، منح تسهيلات وامتيازات اقتصادية للسلطة الفلسطينية، وذلك “بسبب وضعها السيء واحتمال انهيارها”.
ونقلت القناة، عن مصادر أمنية لم تسمّها، أن الحكومة الإسرائيلية ستبحث سلسلة خطوات، من بينها إقامة منطقة صناعية للفلسطينيين في ترقوميا غرب الخليل، وهي خطوة يرغب بها المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون.
كما أنه من المنتظر أن تناقش جلسة “الكابينت” الإسرائيلية تطوير حقل “مارين” للغاز قبالة شواطئ غزة، وكذلك منح السلطة الفلسطينية امتيازات اقتصادية، من قبيل زيادة أقساط سداد الديون، وزيادة ساعات عمل معبر الكرامة، وإصدار جوازات سفر “بيومترية”، وإعادة تصاريح الـVIP لكبار المسؤولين والشخصيات في السلطة الفلسطينية، التي كانت قد سُحبت في شهر يناير الماضي، إثر تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر الماضي، قراراً يطالب محكمة العدل الدولية بإبداء فتوى في مسألة الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ فلسطينية.
مصادر إسرائيلية: الصعوبة في تطبيق سياسة السلطة الفلسطينية الجديدة تكمن في الانشقاق الداخلي في حركة فتح في جنين
ويقول مراقبون إن هذه الإجراءات تستهدف مكافأة سلطة الرئيس عباس على دورها الأمني في جنين الذي ساهم في الحد من خسائر القوات الإسرائيلية التي شاركت في اقتحام المدينة ومخيمها. وبالرغم من أن الرئيس عباس كان قد أعلن عن قطع التنسيق الأمني مع إسرائيل، إلا أن هذا التنسيق ظل قائما بالفعل من خلال جهاز المخابرات الذي يقوده ماجد فرج أحد أقرب مساعدي عباس، وأحد أكثر الذين ترغب إسرائيل في أن يحل محله “إذا وقع مكروه” لعباس.
ويتفهم المسؤولون الإسرائيليون حاجة الرئيس عباس وحكومته إلى الإدلاء بتصريحات متشددة، معتبرين أنها جزء من شرعية السلطة الفلسطينية، إلا أنهم يقدرون في الوقت نفسه التزام مسؤولي السلطة وقيادات حركة فتح الموالية لعباس بالضوابط الأمنية التي تطلبها إسرائيل، وهو ما يشير إلى أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تسجّل نقاطا سلبية من جانب مسؤولي السلطة الفلسطينية حيال تلك الضوابط.
وبحسب ما نقلته القناة “13” عن مصادرها فإن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية حذّروا حكومة الاحتلال من الوضع الخطير للسلطة الفلسطينية، ومن احتمال انهيارها، وطالبوا بتسريع التسهيلات والامتيازات.
ويقول مسؤولون فلسطينيون من فصائل أخرى إن واقع التنسيق الأمني بين سلطة الرئيس عباس وبين إسرائيل هو الذي وقف وراء القرار الذي اتخذه بعض الأمناء العامين لهذه الفصائل بعدم قبول دعوة عباس إلى عقد اجتماع مشترك في القاهرة لمناقشة الرد على أعمال التصعيد الإسرائيلية في مناطق الضفة الغربية، حيث يُنظر إلى الدعوة على أنها محاولة لتغطية واقع التنسيق الأمني المتواصل مع إسرائيل، ولظهور الرئيس الفلسطيني بمظهر القائد الذي يستطيع أن يلمّ الجميع من حوله.
وكان الرئيس عباس، بحسب المصادر الإسرائيلية، أصدر تعليمات للأجهزة الأمنية الفلسطينية ببدء الانتشار في جنين ابتداء من الأحد، ووبّخ قادتها على فقدان السيطرة في المدينة، قائلا إنهم “في حال لم يعملوا بسرعة فإن حركة حماس ستسيطر على جنين، مثلما سيطرت على غزة عام 2007“.
وكانت تظاهرة تشييع ضحايا الهجوم الإسرائيلي على المدينة ومخيّمها قد انتهت بطرد اثنين من قادة فتح، هما محمود العالول وعزام الأحمد، وهو أمر اعتبره الرئيس عباس إشارة إلى أن جنين تتحول إلى غزة أخرى، وأنه لن يعود بوسع أجهزته الأمنية السيطرة عليها.
وفضلا عن نشطاء ومسلحي حركتي حماس والجهاد الإسلامي وسرايا القدس التي قاتلت جنبا إلى جنب، تنشط في جنين مجموعات منشقة عن فتح، تابعة لتيار الإصلاح الديمقراطي بقيادة محمد دحلان حيث دعا التيار في بيان “كل فصائل العمل الوطني إلى التداعي فورًا لبناء إستراتيجيةٍ كفاحيةٍ لشعبنا، والبدء في خطواتٍ عمليةٍ لإنهاء الانقسام، والتحضير لتوحيد كل المؤسسات الوطنية تمهيدًا لاستعادة دورها التمثيلي بعد إجراء الانتخابات العامة في أقرب فرصة ممكنة، وعدم الارتهان من جديد لأيّ دعواتٍ غير ذات مصداقيةٍ من أيّ جهةٍ لا تتذكر مطالب الإجماع الوطني“.
وتقول المصادر الإسرائيلية “إن الصعوبة في تطبيق سياسة السلطة الفلسطينية الجديدة تكمن في الانشقاق الداخلي في حركة فتح في جنين، خاصة بين نشطاء التنظيم في جنين والمسلحين في مخيّمها، لذلك طلب عباس إدخال قواته إلى المدينة دون صدامات“.
وذكر الموقع الإلكتروني للقناة “13” الإسرائيلية أن “لجان فتح الإقليمية عقدت اجتماعات مع ضباط الأمن في السلطة الفلسطينية في الأيام الأخيرة، وطالبتهم بالتحرك الفوري لتدمير البنية التحتية التي تبنيها حماس في الضفة الغربية.
وزعم أعضاء هذه اللجان، بحسب الموقع، أن حماس تجهّز الأرض للسيطرة على الضفة الغربية بأكملها، و”تضغط على الجمهور لخلق صدام مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة“.
وعلى أساس هذه المخاوف المشتركة، فقد أصبح تقديم التسهيلات والمساعدات لسلطة الرئيس عباس هدفا منطقيا بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية.