نتنياهو ممزق بين إرضاء الحريديم واحتواء غضب العلمانيين

تل أبيب - يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو نفسه في موقف لا يحسد عليه بين إرضاء المجتمعات الحريدية التي شكلت خزانا داعما للتحالف اليميني المنصهر فيه، وبين احتواء غضب العلمانيين الذين ينتقدون تساهله مع اليهود الحريديم وما انجر عن ذلك من تبعات صحية كارثية جراء تفشي جائحة كورونا.
ويرفض اليهود الحريديم الاقتداء بالبروتوكولات الصحية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات الإصابة بفايروس كورونا لاسيما في تجمعاتهم السكنية. ورغم محاولات نتنياهو وحكومته إقناعهم بضرورة الاستجابة لتلك الإجراءات، إلا أنهم يصرون على التمرد عليها، وآخر خطواتهم، فتح المدارس الدينية والكنائس أمام المصلين وعدم الالتزام بتدابير التباعد الجسدي.
وعاد مئات الآلاف من الأطفال دون سن السادسة إلى رياض الأطفال في إسرائيل الأحد، مع بدء المرحلة الأولى من رفع الإغلاق المفروض في أنحاء البلاد منذ 18 سبتمبر. ومن المعروف أن يوم الأحد هو بداية أسبوع العمل والدراسة في إسرائيل.
ويتعيّن على بقية الأطفال والفتيان في المرحلة العمرية من ستة أعوام فأعلى مواصلة التعلم عن بعد من المنزل في هذه المرحلة من مراحل الإغلاق.
وناشد وزير التعليم العالي زئيف إلكين اليهود المتشددين احترام القانون، بيد أن مناشداته لم تجد نفعا، بعد أن أمر حاخام بارز المدارس الدينية بمعاودة الفتح.
ويرفض اليهود المتشددون الذين يتميزون بلباس القلنسوات والثياب السوداء الالتزام بالقوانين الوضعية حتى تلك التي لها علاقة بالصحة العامة، وسبق وأن سجلت وفيات لأطفال في المجتمع الحريدي بسبب رفض عائلاتهم تطعيمهم.
ويعتبر بعض الحاخامات المتشددين أن فايروس كورونا هو ابتلاء من الله، فيما يذهب آخرون إلى اعتبار الفايروس علامة عن قرب ظهور السيد المسيح.

وارتفعت الإصابات بفايروس كورونا المستجدّ في إسرائيل التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة إلى 301.896 إصابة بينها 2.141 وفاة.
وأعلنت وزارة الصحة الأحد أنها سجلت 395 إصابة جديدة بفايروس كورونا المستجد خلال الساعات الـ24 الماضية بينما تم الإبلاغ عن 673 حالة خطيرة.
وبدأ البلد المرحلة الأولى من تخفيف الإغلاق التي تتضمّن فتح أماكن العمل التي لا تستقبل جمهورًا، وروضات الأطفال حتى 6 سنوات، وعمل مطاعم بمنظومة “تيك أوي” (سفري)، وإلغاء تقييدات الخروج من المنزل إلى 1000 متر، والسماح بالزيارات المنزلية.
وتقرّر فتح شواطئ البحر والمحميّات الطبيعية، وتخفيف القيود المفروضة على التجمّع، لتسمح بتجمّع حتى 20 شخصًا في الأماكن المفتوحة، و10 أشخاص في الأماكن المغلقة.
وحذّر رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، من أنّ ارتفاع أعداد المصابين من جديد سيؤدي إلى إعادة دراسة التسهيلات في نهاية الأسبوع، بينما رفضت وزارة الصحّة فتح صالونات الحلاقة والمدارس الابتدائيّة في هذه المرحلة.
وشهدت الأسابيع الأخيرة مظاهرات احتجاجية للتيار العلماني ضد سياسات نتنياهو في تعاطيه مع أزمة وباء كورونا، معتبرا أن التساهل الذي أظهره حيال اختراق اليهود الحريديم للإجراءات الصحية يعود لأسباب سياسية في علاقة بمحاولاته الحفاظ على تحالفاته مع الأحزاب الحريدية.
ولا يلتزم المجتمع الحريدي بتعليمات الحكومة، إذ أصدر الحاخام كانييفسكي، الزعيم الروحي للحريديين الأشكناز، مطلع الشهر الجاري، توجيهات بفتح “تلمودي توراة”، وهي بمثابة المدارس الابتدائية والإعدادية الحريدية. وعلى إثر هذا الخرق للقانون، دعا وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس، إلى سحب التمويل الحكومي من اليشيفوت (المعاهد الدينية) الحريدية لرفضها الالتزام بالتعليمات.
وعقّب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهوعلى تعليمات كانييفسكي، قائلا “أطلب من الجمهور الحريدي الحفاظ على هذه التعليمات، وينبغي الحفاظ على الحياة وعلى الصحة، وهي أهم من الاقتصاد. وسنبقي الطوق حول المدن الحمراء، ولا أريد رؤية انتشار الفايروس في المدن الحمراء يتسرب إلى باقي السكان”.
ودعا نتنياهو الحريديين إلى عدم الانصياع لتعليمات كانييفسكي، وأن “توراتنا تقدس الحياة ونحن نشكل خطرا على الحياة”.
ومارس الحريديم منذ بداية جائحة كورونا ضغوطاً كبيرة على نتنياهو، كانت سبباً في تخفيف بعض إجراءات الإغلاق، واستثناء مرافق تابعة لهم.