نتنياهو مكبل بين دعم حلفائه وضغوط المعارضة

سياسات اليمين المتطرف تنذر بتصدع الائتلاف الحكومي في إسرائيل.
الجمعة 2023/01/06
نتنياهو حبيس حلفاءه

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموازنة بين دعم سياسات حلفائه من اليمين المتطرف وضغوط المعارضة الداخلية والخارجية، ما يضع ائتلافه اليميني الحاكم على المحك، وسط تساؤلات: هل يمكن لنتنياهو المناورة لفترة طويلة أم أن التصدع سيكون مصير حكومته؟

القدس - يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العديد من القضايا الشائكة من بينها الاتفاقات الإقليمية، والنزاع الداخلي مع المحكمة العليا وخلافات أخرى مع الجيش والإعلام وغير ذلك، وهذا ما يدعو للتساؤل: هل يستطيع نتنياهو إقصاء حلفائه من اليمين المتطرف خلال المرحلة القادمة أو تهدئتهم على الأقل أم أنه يلبي رغباتهم السياسية الداخلية؟ وهل يمكن لنتنياهو الموازنة بين الاستحقاقات الداخلية ومطالب حلفائه المتطرفين والاستحقاقات الخارجية، وماذا عن مستقبل حكومته؟

ويرى مراقبون أن هناك العديد من المهام والضغوط الكبيرة التي يعاني منها نتنياهو، فعليه أن يختار المناورة ما بين احتياجات المنصب محليا وإقليميا ودوليا إضافة إلى طمع حلفائه الحكوميين، وهو ما يجعل مناورته تكاد تكون مستحيلة.

ومن الناحية الإقليمية فإن نتنياهو يضع اتفاقات أبراهام كأولوية في سياسته الإقليمية، لكن الدول العربية اتخذت موقفا موحدا من اقتحام حليفه اليميني المتطرف ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى يوم الثلاثاء، وتقف ضد المشاريع الاستيطانية، وقامت الإمارات بإدانة ما قام به بن غفير وأجّلت زيارة مقررة لنتنياهو.

ميكي ليفي: ضعف نتنياهو أمام حلفاءه سيؤدي إلى عواقب وخيمة
ميكي ليفي: ضعف نتنياهو أمام حلفاءه سيؤدي إلى عواقب وخيمة

وللمرة الأولى منذ تشكيل حكومته الجديدة، وجد نتنياهو (73 عاما) نفسه في مواجهة مع الولايات المتحدة التي سبق أن اعتبرها الحليف الأكبر لإسرائيل.

وقال متحدث الخارجية الأميركية نيد برايس، في إيجاز صحفي الثلاثاء، إن “الولايات المتحدة تقف بحزم للحفاظ على الوضع القائم التاريخي فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس.. ونعارض أيّ إجراءات أحادية تقوض الوضع التاريخي القائم”.

وبشكل غير مباشر، اتهم بن غفير بتأجيج التوترات قائلا “كما قلت من قبل فيما يتعلق بهذه الزيارة، فإننا نشعر بقلق عميق من أيّ إجراءات أحادية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوترات، فنحن نريد أن نرى التوترات تنخفض وتتضاءل”.

وتقول دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس إن الوضع القائم هو الذي ساد قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967 وبعده، حيث تكون الدائرة هي المسؤولة الوحيدة عن إدارة شؤون المسجد الذي هو للمسلمين وحدهم. بينما تعتبر إسرائيل أن الوضع القائم هو الذي تقتصر فيه الصلاة بالمسجد على المسلمين فيما يُسمح لأتباع جميع الأديان بدخوله.

ولم تقتصر الانتقادات لاقتحام بن غفير على المستوى الدولي فحسب، بل برزت أيضا داخل إسرائيل انتقادات وتحذيرات ومخاوف من التداعيات.

وقال الرئيس السابق للكنيست ميكي ليفي لإذاعة الجيش الإسرائيلي الأربعاء إن “تصرف الوزير بن غفير عمل غير مسؤول وسندفع ثمنه جميعا. ضعف نتنياهو في مواجهة المتطرفين سيؤدي إلى عواقب وخيمة”.

كما اتهم عضو الكنيست من حزب “المعسكر الرسمي” زئيف ألكين وزير الأمن القومي بالاستفزاز.

نيد برايس: الولايات المتحدة تقف بحزم للحفاظ على الوضع القائم التاريخي فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس
نيد برايس: الولايات المتحدة تقف بحزم للحفاظ على الوضع القائم التاريخي فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس

وصرح ألكين للإذاعة نفسها الأربعاء بالقول “لو أن صعود بن غفير إلى الحرم القدسي لم تسبقه تصريحاته، لما كانت هناك تهديدات من (حركة المقاومة الإسلامية) حماس. فالسيرك (يقصد تصريحات بن غفير) قبل ذلك كله هو الذي تسبب في المشاكل الدولية”.

وأما عضو الكنيست من حزب “هناك مستقبل” المعارض رام بن باراك، فقال لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية “صعد (بن غفير) إلى الحرم مثل اللص في الليل فقط ليصنع شارة انتصار ويظهر أنه لا يخاف من حماس. سمح له رئيس الوزراء بالصعود لأنه لم يكن لديه خيار، لقد اختار حكومة سيئة وسيدفع الثمن”.

وأما من الناحية الداخلية، بدأت الخميس أول معركة بين نتنياهو وبين المؤسسة القضائية الإسرائيلية حيث ستنظر المحكمة العليا بتركيبة 11 قاضيا في دعوى لإلغاء تعيين أهم حليف لنتنياهو في الحكومة، وهو وزير الداخلية والصحة في حكومته أريه درعي.

ويشير المراقبون إلى أنه إذا قررت المحكمة إلغاء التعيين فسيكون عليه أن يسنّ قانونا جديدا يقلص من صلاحيات المحكمة. وهذه المعركة هي فصل واحد من مشكلة المساس بالعديد من أركان الديمقراطية التي يهددها هو وحلفاؤه.

ويؤكد هؤلاء أن نتنياهو لن يستطيع الموازنة بين الاستحقاقات الداخلية ومطالب حلفائه المتطرفين، لذلك فإن الساحة الإسرائيلية الداخلية وحتى مع الفلسطينيين ستشهد العديد من الاضطرابات، فمن ناحية لن يستطيع نتنياهو ردع المتطرفين في حكومته الذين وضعوا شروطا وسيتمسكون بها، ومن ناحية أخرى لن يُقدم نتنياهو على تهديد حكومته بالسقوط لأن هذه الحكومة هي حلم نتنياهو الذي يريد إنهاء ولايته التاريخية في إسرائيل بشكل جيد.

وقامت القناة 13 الإسرائيلية قبل أيام بإجراء استفتاء جديد حول حكومة نتنياهو أشارت نتائجه إلى أن غالبية مَن شملهم الاستفتاء يعتقدون أن هذه الحكومة سيئة، كما أظهرت النتائج انخفاض عدد المقاعد التي سيفوز بها نتنياهو فيما لو جرت انتخابات الآن من 64 إلى 58 مقعدا.

ويستبعد محللون سقوط حكومة نتنياهو لكنها ستواجه أزمات كبيرة خاصة على المستوى الأمني، وهذا ما خرجت به التقارير من إسرائيل مؤخرا والتي أفادت بزيادة عدد الهجمات العنيفة، بالإضافة إلى تقديرات تتوقع زيادتها في المرحلة المقبِلة.

2