نتنياهو عالق بين ضغوط الحلفاء في الداخل وتبديد مخاوف الخارج

القدس - لن يواجه رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو صعوبةً في تشكيل حكومة، بحصول معسكره على 64 مقعدًا بالكنيست الإسرائيلي، لكنّ معضلته ستكون التوفيق بين الحكومة وتوقعات المجتمع المحلي والدولي.
عمليًا، يمكن لنتنياهو أن يشكل فورًا حكومةً بالشراكة ما بين حزبه “الليكود”، وأحزاب “شاس” و”يهدوت هتوراة” و”الصهيونية الدينية”، التي دعمته دائمًا أثناء قيادته للمعارضة خلال العام ونصف العام الماضيين.
وفي حال أقدم نتنياهو على هذه الخطوة، فإن الحكومة التي سيشكلها ستكون يمينية بحتة.
لكنّ نتنياهو لم يعتمد دائمًا على اليمين فقط في تشكيل حكوماته، إذ سعى، في الكثير من الأحيان تحت ضغط الحاجة، لضمّ أحزاب من الوسط إلى الحكومات التي شكّلها.
وبالنظر إلى التشكيلة الجديدة للكنيست الإسرائيلي، فإن ثمة خيارات، قد تبدو صعبة، قد يلجأ إليها لتشكيل حكومة تحظى بثقة الكنيست.
وأول المؤشرات على ذلك، كان إعلانه في خطابه الأول ما بعد الانتخابات، فجر الأربعاء، أنه سيسعى لتشكيل “حكومة وطنية” بعد أن كان طوال حملته الدعائية يتحدث عن تشكيل “حكومة يمينية”.
بنيامين نتنياهو يملك خيار ضم حزب وسطي إلى حكومته، ضمن سيناريو قد يخرج فيه بن غفير من التشكيلة الحكومية
وخلال الأسابيع القليلة المقبلة ستتضح توجهات نتنياهو فيما يتعلق بشكل الحكومة التي يسعى لتشكيلها، والتي يأمل أن تبقى لعدّة سنوات لإخراج إسرائيل من دوامة الانتخابات المتكررة، بعد أن شهدت إسرائيل خمس عمليات انتخابية في غضون أقل من أربع سنوات.
وقال مكتب الرئيس الإسرائيلي في بيان إن “لجنة الانتخابات المركزية ستسلّم الرئيس إسحاق هرتسوغ النتائج النهائية للانتخابات يوم الأربعاء المقبل”.
وأشار إلى أن“هرتسوغ سيجري لاحقا مشاوراتٍ مع قادة الأحزاب الفائزة بالانتخابات، وفي غضون أسبوع يكلّف أحد أعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة”.
واستنادًا إلى القانون، فإن على المكلّف بتشكيل الحكومة استكمال مهمّته في غضون 28 يومًا، يمكن تمديدها لفترة 14 يومًا ولكن فقط بموافقة الرئيس.
وحزب “الليكود”، الذي يقوده نتنياهو، هو الأكبر في الكنيست، وفضلًا عن أنه يحظى بأعلى نسبة تأييد لتشكيل الحكومة، فإن من شبه المؤكد أن يتمّ تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة.
وقال باروخ ياديد، المحلل في القناة 14 الإسرائيلية، “بالنظر إلى الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الداعمة لنتنياهو، فإن بإمكانه تشكيل حكومة مستقرة خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع”.
وأضاف ياديد “على عكس المرّات السابقة، فإن نتنياهو ليس في حاجة إلى أحزاب الوسط من أجل تشكيل حكومة، علمًا بأنهم في الماضي كانوا يقولون إنه ليس بإمكانه تشكيل حكومة دون أحزاب الوسط”. ولكن ياديد لفت إلى معضلة يواجهها نتنياهو، وسيتعين عليه التعامل معها قبل تقديم حكومته إلى الكنيست.
وقال “كلمة السر في حصول نتنياهو على هذا الكمّ الكبير من الأصوات، هو زعيم القوة اليهودية إيتمار بن غفير، الذي يتضح أنه يحظى بدعم كبير ليس فقط في أوساط المستوطنين، وإنما أيضًا الشباب ورجال الأعمال والأكاديميين، وحتى في صفوف الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف “ولكن هناك ضغط محليّ إسرائيلي ودولي، خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على نتنياهو، بشأن انضمام بن غفير إلى الحكومة والحقيبة التي سيتمّ منحه إياها”.
وتابع “نتنياهو قال سابقًا إنه لا يوجد ما يمنع بن غفير من تولّي حقيبة وزارية، ولكنه لم يحددها، علمًا بأن بن غفير يطالب بحقيبة الأمن الداخلي والتي هي عمليًا مسؤولة عن الشرطة”.
بالمقابل، فإن زعيم تحالف حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، يطالب بحقيبة الدفاع.
ولا يمكن لنتنياهو تشكيل حكومة دون تحالف سموتريتش مع بن غفير، الذي يحصل بحسب نتائج الانتخابات على 14 مقعدًا.
وقال ياديد “أعتقد أن نتنياهو لن يعطي حقيبة الدفاع لسموتيرتش، وسيبقيها لأحد قادة حزب الليكود، دون أن أستبعد منح سموتريتش حقيبة المالية مثلاً”.
وسبق لسموتريتش أن تولّى حقيبة المواصلات في الحكومة الإسرائيلية في الفترة ما بين 2019 - 2020، ولكن لم يسبق لبن غفير أن كان وزيرًا.
وأضاف ياديد “ربما يرضخ نتنياهو ويمنح بن غفير حقيبة الأمن الداخلي، أو يمنحه حقيبة أخرى، ولكن من المؤكد أنه سيكون وزيرًا”.
وأبدا الكثيرون في المجتمع الدولي والمجتمع الإسرائيلي المحلي قلقهم من وجود سموتريتش وبن غفير تحديدًا في الحكومة القادمة.
وقالت نوا ساتاث، المديرة التنفيذية لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل (غير حكومية)، “ليست لدينا أوهام حول الأيام المقبلة، نحن ندرك أننا سنواجه سنوات صعبة للغاية حيث ستكون هناك تحديات وعقبات مختلفة”.
وتخشى إسرائيل من أنها في حال وجود بن غفير بالحكومة، فإن دولا غربية لن تتعامل معه بسبب مواقفه المتشددة. ومن جهة ثانية فإن نتنياهو، كشخص، لا يتمتع بعلاقات طيبة مع الرئيس الأميركي جو بايدن وعدد من قادة الاتحاد الأوروبي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، الأربعاء، “نأمل أن يواصل جميع المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية (المقبلة) مشاركة قيم المجتمع الديمقراطي المنفتح، بما في ذلك التسامح والاحترام للجميع في المجتمع المدني وخاصة الأقليات”.
وقال موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري الإسرائيلي إن رسائل مشابهة وصلت من دول أوروبية وعربية.
ويملك نتنياهو خيار ضمّ حزبٍ وسطيّ إلى حكومته، ضمن سيناريو قد يخرج فيه بن غفير من التشكيلة الحكومية. لكن من غير المتوقع أن يتبنى نتنياهو هذا الخيار فبعد 16 شهرًا في المعارضة ومع استمرار محاكمته بالفساد، قد يفضل بالفعل هذا الائتلاف الراديكالي.