نتنياهو عالق بين رغبات ترامب ووزرائه المتشددين

القدس- يميل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب في غزة، وهو ما يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مأزق. وبحسب محللين إسرائيليين، فإن نتنياهو يفضل استمرار الحرب وربما تصعيدها، للحفاظ على تماسك حكومته التي يهدد أعضاء يمينيون فيها مثل وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالاستقالة منها إذا قرر وقف الحرب بالقطاع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الثلاثاء، إن الجيش سيدخل قطاع غزة “بكل قوته” في الأيام المقبلة “لإكمال العملية. فإكمال العملية يعني هزيمة حماس، ويعني تدميرها.” وأضاف نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه “لا يوجد وضع سنقوم فيه بوقف الحرب. قد تكون هناك هدنة مؤقتة.” وبدت تصريحات نتنياهو موجهة أساس للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي بدأ الثلاثاء، جولة خليجية، شكلت السعودية محطتها الأولى.
وتشهد العلاقة بين ترامب ونتنياهو فتورا في الفترة الأخيرة. ورصد محللون في الصحافة الإسرائيلية، الثلاثاء، خطوات عدة اتخذها ترامب لا تتماشى مع رغبات نتنياهو، بينها استئناف المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي اعتبارا من 12 أبريل الماضي. إضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي في 6 مايو الجاري، فضلا عن الحوار مع حركة حماس الذي أفضى إلى الإفراج عن الجندي الإسرائيلي ـ الأميركي عيدان ألكسندر الاثنين.
وكتب المحلل العسكري عاموس هارئيل في صحيفة "هآرتس" قائلا "بعد 6 أشهر من الغموض الذي أعقب انتخاب ترامب، بدأت تتضح ملامح توجهه الإستراتيجي. هو يبحث عن صفقات ضخمة واتفاقات دبلوماسية، لا مزيد من الحروب." وأضاف "فكرة منح ترامب إسرائيل شيكا على بياض في غزة، التي روّج لها أنصار نتنياهو، تنهار تدريجيا، ومن المرجح أن يُجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي رغم خطابه المتشددة (إزاء القطاع) على الرضوخ للرئيس الأميركي."
◙ فكرة منح دونالد ترامب إسرائيل شيكا على بياض في غزة التي روّج لها أنصار بنيامين نتنياهو، بدأت تنهار تدريجيا
وتابع هارئيل “في حين يعاني مؤيدو نتنياهو أزمة ثقة حادة أخرى بسبب ما يعتبرونه خيانة من ترامب، يتساءل المرء عما إذا كان رئيس الوزراء نفسه قد وقع في هذا الفخ؟” وأشار إلى أن نتنياهو ربما كان يُضلل الرأي العام الإسرائيلي مع معرفته الوثيقة بشخصية ترامب وميله للمصالح الشخصية، وهو ما ظهر خلال الولاية الأولى للأخير.
وقال هارئيل “قد يكون رئيس الوزراء ينتظر منذ أشهر أن تهوي الفأس، وهو الآن في مأزق حقيقي.” وأضاف أن ترامب عاد على ما يبدو لطرح خطته التي تتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين بغزة ضمن اتفاق ينهي الحرب، في حين بدأ نتنياهو الترويج لخطة مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، التي سبق أن رفضها.
وتقضي خطة ويتكوف بإطلاق سراح الأسرى على دفعتين، نصفهم في اليوم الأول من سريان الاتفاق، فيما تبدأ مفاوضات بشأن إنهاء الحرب طوال مدة وقف إطلاق النار التي تستمر شهرين، على أن يطلق باقي الأسرى حال التوصل إلى اتفاق.
وقال المحلل في الصحيفة ذاتها إيتمار آيخنر إن “إطلاق سراح ألكسندر شكل تحولا محوريا في مسار الحرب،” مضيفا أن الخطوة جاءت بادرة أحادية من حماس تجاه ترامب، دون مقابل، وقد تمهد الطريق نحو اتفاق لوقف إطلاق النار. ونقل آيخنر عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن حماس تواجه الآن إنذارا نهائيا إما قبول "إطار عمل ويتكوف" أو مواجهة تصعيد عسكري جديد.
وقال "وفقا للتقارير، أبلغ مساعدو ترامب نظراءهم الإسرائيليين بأن إطلاق سراح ألكسندر، إلى جانب زيارة ترامب إلى السعودية هذا الأسبوع، يمكن أن يحدثا زخما لاتفاق أوسع يشمل تبادل أسرى ووقفا لإطلاق النار." وأكد آيخنر، نقلا عن مصدر إسرائيلي مطلع، أنه "لا يمكن لنتنياهو تحمّل مواجهة علنية مع ترامب."
من جانبه، كتب دافيد هوروفيتس، المحلل السياسي في موقع "تايمز أوف إسرائيل" العبري الخاص، أن "ويتكوف أبلغ عائلات الرهائن أن واشنطن لا ترى جدوى للمزيد من التصعيد العسكري في غزة، بل تركز على إنهاء الحرب وإعادة الرهائن."
وأوضح أن تصريحات ترامب الأخيرة عبّرت عن أن إطلاق سراح ألكسندر يمثل "خطوة أولى في طريق إنهاء هذا الصراع الوحشي،" دون أن يشترط تدمير حركة حماس لإنهاء الحرب. كما نقل هوروفيتس عن السفير الأميركي مايك هاكابي قوله إن الإفراج عن ألكسندر قد يمثل "بداية النهاية لهذه الحرب المروعة." ورغم أن هاكابي ادعى أن "حماس وحدها مسؤولة عن استمرار الموت والمعاناة" في غزة، لكنه هو الآخر لم يُشِر إلى شرط القضاء على الحركة، وفق المحلل الإسرائيلي.