نتنياهو المأزوم داخليا يجبر على التهدئة مع غزة

الأمور لا تسير وفق ما يتمناه رئيس الوزراء الإسرائيلي وهذا ما يدفعه إلى تحييد قطاع غزة للتركيز على حملته الانتخابية.
السبت 2019/06/29
بالونات غزة تحرج نتنياهو

غزة – سمحت إسرائيل الجمعة باستئناف دخول شحنات الوقود إلى غزة ووسّعت مجددا نطاق صيد السمك قبالة القطاع، في إطار اتفاق التهدئة الذي تم تفعيله، ويلقى معارضة شديدة من خصوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال مصدر في الأمم المتحدة التي تقود مع وسطاء مصريين جهود التهدئة بين إسرائيل والقطاع الفلسطيني الخاضع لحركة حماس، إن السلطات الإسرائيلية قد وافقت على تخفيف القيود مقابل التهدئة.

وأوضح المصدر طالبا عدم كشف هويته أنه “تم الاتفاق على وقف فوري لإطلاق الأجسام الحارقة وغيرها من أعمال العنف. وستسمح إسرائيل مجددا بإدخال الوقود إلى محطة إنتاج الطاقة الكهربائية في القطاع، وبإعادة قوارب الصيد المصادرة وبتوسيع نطاق منطقة صيد السمك إلى 15 ميلا بحريا”. وأكد المصدر ضرورة تطبيق هذه التفاهمات بشكل تام من أجل تخفيف التوترات.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت الثلاثاء إدخال إمدادات الوقود إلى غزة بعد أن أُطلقت من القطاع بالونات حارقة جديدة باتجاه البلدات الإسرائيلية، تسببت باحتراق أراض زراعية في الجانب الإسرائيلي.

بيني غانتس: أرى أن نتنياهو يعبئ الهيليوم في بالونات حماس الحارقة
بيني غانتس: أرى أن نتنياهو يعبئ الهيليوم في بالونات حماس الحارقة

وحتى عصر الجمعة لم تعلن إسرائيل رسميا عن اتفاق الهدنة، وهو ما يدفع البعض إلى إبداء حذر شديد في التعليق على مدى نضج الهدنة، في ظل استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع نحو الداخل الإسرائيلي.

ويخضع الوضع في غزة لحسابات الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية التي نجحت حتى اليوم في استثمار أزمات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الداخلية لصالحها، من خلال إجباره على التهدئة، وتخفيف القيود على القطاع المحاصر.

وأكد متحدّث باسم نقابة صيادي السمك في غزة توسيع نطاق الصيد قبالة سواحل غزة إلى 15 ميلا بحريا. وقال مصدر في حماس إن صهاريج الوقود دخلت القطاع صباح الجمعة للمساعدة على زيادة التغذية بالتيار الكهربائي.

ويطلق الفلسطينيون بالونات حارقة أو طائرات ورقية مزودة بمواد حارقة عابرة للحدود بين غزة وإسرائيل، تسببت العام الماضي في مئات الحرائق بالأراضي الإسرائيلية القريبة ما كبد قطاع الزراعة خاصة خسائر فادحة، وقد أثارت تلك الهجمات غضبا عارما في صفوف الإسرائيليين القاطنين بالقرب من غلاف غزة.

ويقول مراقبون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أمسّ الحاجة إلى التهدئة مع القطاع، خاصة وأنه يواجه استحقاقا انتخابيا مصيريا، فضلا عن رغبته الشديدة في تحييد القطاع قدر الإمكان عمّا يحصل على خط التوتر الأميركي الإيراني العالي.

ويواجه نتنياهو المزيد من المنافسين في الانتخابات العامة التي ستجرى في سبتمبر المقبل فإلى جانب تحالف “أزرق أبيض” بقيادة الجنرال السابق بيني غانتس، ظهر على الساحة رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك الذي أعلن الأربعاء أنه بصدد تشكيل حزب جديد للمشاركة في الاستحقاق.

ونجح نتنياهو في أبريل الماضي في تجاوز اختبار الانتخابات العامة، قبل أن يسقط في اختبار تشكيل ائتلاف حكومي، جراء خلافات بين شركائه اليمينيين المفترضين، ما اضطره للسير في خيار إجراء انتخابات جديدة لتفادي سيناريو تكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة.

ولا تبدو الأمور تسير وفق ما يتمناه نتنياهو، وهذا ما يدفعه إلى تحييد قطاع غزة للتركيز على حملته الانتخابية، ولكن هذا الأمر غير مضمون خاصة وأن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس ستحاول استثمار أزمته قدر الإمكان للحصول على المزيد من المكاسب.

وهذا الوضع يعرض نتنياهو لسهام خصوم الداخل والتي انطلقت منذ بدء تسريب التوصل إلى اتفاق هدنة مع القطاع، ففي جولة له في جنوب إسرائيل صرح رئيس تحالف “أزرق ابيض” بيني غانتس الجمعة، أن “الاتفاق الذي جرى توقيعه ليل الخميس يثبت أن حماس تُملي الأمور على نتنياهو”.

إيهود باراك: هذا استسلام آخر من جانب نتنياهو لحماس
إيهود باراك: هذا استسلام آخر من جانب نتنياهو لحماس

وأضاف غانتس الذي كاد يحدث المفاجئة في الانتخابات السابقة “أتواجد الآن هنا في غلاف غزة وبإمكاني أن أرى أن نتنياهو يعبئ الهيليوم في بالونات حماس الحارقة، وتصلنا البالونات كل مرة من جديد وتشعل الحرائق. لقد فقدنا الردع. وينبغي صنع ردع بواسطة هجمات شديدة. ويجب أن يكون هناك رد فعل شديد”.

وتابع الجنرال السابق “سكان غلاف غزة لا يهمّون نتنياهو. يجب أن تكون هناك حكومة تكترث لهم. وكاحول لافان (أزرق أبيض) سيشكل حكومة تعمل من أجلهم”.

من جهته قال عضو الكنيست عن حزب العمل (يساري) عمير بيرتس، إن “المطلوب هو حل طويل الأمد، وليس اتفاقات تهدئة مشكوك فيها ولا تساوي الورق المكتوبة عليه، ويتم التخلي مرة أخرى عن الجنود والمواطنين ووضع ذلك بأيدي حماس. حماس تلعب بنتنياهو”.

ولم يترك إيهود بارك العائد بقوة على ما يبدو إلى الساحة السياسية الفرصة دون التصويب على نتنياهو قائلا في تغريدة على موقعه على “تويتر” إن “هذا استسلام آخر من جانب نتنياهو لحماس.

فبعد مئات الحرائق توصلوا مرة أخرى إلى صفقة إشكالية وربما ستصمد بضعة أيام بصعوبة. وفي غياب حسم الأهداف والطريق، يتآكل الردع، والحكومة تتحول إلى رهينة بأيدي حماس، التي تريد إشعال المنطقة”.

وخاضت إسرائيل منذ عام 2008 ثلاث حروب مع حماس، وتفرض منذ نحو عقد حصارا مشددا على القطاع الفقير.

ووفقا لتفاهمات تم التوصل إليها في نوفمبر كان من المفترض أن تخفف الدولة العبرية القيود التي تفرضها على القطاع مقابل التهدئة على الحدود، إلا أن حماس تتّهم إسرائيل مذّاك بعدم تنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه.

وبموجب اتفاق تم التوصل إليه أواخر العام الماضي تدفع قطر 60 مليون دولار لتأمين الوقود لمحطة الكهرباء. ووافقت إسرائيل على ذلك شرط أن تكون الأمم المتحدة مسؤولة عن مراقبة عمليات التسليم لتجنب أي تدخل من جانب حماس.

وقد ساهم ذلك في رفع التغذية بالتيار الكهربائي في القطاع من ست ساعات إلى نحو 12 ساعة يوميا، بحسب الأمم المتحدة.

2