نتفليكس تعمل على بناء ولاء المستخدمين للبقاء على عرش منصات البث

المنصة تركز على مقاييس تفاعل الجمهور وتحويل المتطفلين إلى مشتركين.
السبت 2024/04/20
بناء الولاء والجذب

حققت منصة نتفليكس انطلاقة قوية مطلع العام الحالي مع اجتذابها 13 مليون مشترك إضافي خلال موسم أعياد نهاية العام، بفضل سياستها الأكثر صرامة بشأن مشاركة الحسابات بين المستخدمين وتقديمها صيغة اشتراكات أرخص تتضمن إعلانات، إضافة إلى خدمتها الأساسية بتوفير مكتبة ثرية تضم أحدث الإنتاجات الأصلية والحصرية ما يجعل المنافسة ليست لصالح التلفزيون مطلقا.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - نجحت خطة نتفليكس في التركيز على مقاييس تفاعل الجمهور في جذب مشتركين جدد بشكل يعكس قدرة المنصة على بناء الولاء واستقطاب المستخدمين مع تهدد متزايد لعرش التلفزيون التقليدي.

وباتت المنصة الرائدة في مجال البث التدفقي تضم ما يقرب من 270 مليون مشترك في جميع أنحاء العالم، بعد استقطابها أكثر من 9 ملايين اشتراك إضافي في الربع الأول من العام الجاري، وهو مستوى أكثر بكثير من المتوقع، لكن نتفليكس لم تعد ترغب في الاعتماد حصراً على هذا النمو للبقاء في القمة.

ومع توفير المنصة للمشتركين تجربة استخدام مميزة تمكّنهم من مشاهدة مئات الآلاف من الأفلام السينمائية والوثائقية والمسلسلات التلفزيونية باختلاف أنواعها وتباين محتواها بجودة عالية دون مشاهدة الإعلانات، باتت مهددا حقيقيا للتلفزيون.

غريغ بيترز: سنشهد بلا شك زيادة متواصلة في عدد المشتركين
غريغ بيترز: سنشهد بلا شك زيادة متواصلة في عدد المشتركين

وقال المدير العام المشارك للمجموعة غريغ بيترز الخميس “سنشهد بلا شك زيادة متواصلة في عدد المشتركين، لكن النمو الإجمالي للشركة بات يعتمد على محركات إضافية، مثل تحسين صيغ الاشتراك وعائدات الإعلانات وتعديل الأسعار على أساس القيمة المضافة”.

وأضاف خلال مؤتمر عبر الهاتف بعد نشر النتائج الفصلية “تشكل هذه الروافع جزءاً متزايد الأهمية من نموذجنا الاقتصادي”. كما أعلنت المجموعة، التي تتوقع انخفاض الازدياد في عدد المشتركين خلال الربع الحالي، أنها لن تكشف عن عدد الاشتراكات الجديدة كل ثلاثة أشهر اعتباراً من العام المقبل.

وأوضح بيترز أن نتفليكس ترغب في التركيز على مقاييس “تفاعل” الجمهور (الوقت الذي يمضيه في مشاهدة المحتوى)، لأنها تعكس “بشكل أفضل” قدرة المنصة على بناء الولاء والجذب لدى المستخدمين، وبالتالي توليد “المشاركة والإيرادات والأرباح”.

وكشفت المنصة أن إستراتيجية المحتوى الخاصة بها في الشرق الأوسط ركزت بشكل أساسي على تبني أسلوب سرد القصص الواقعي، الذي شهد أخيراً طلباً غير مسبوق، وبات يحظى بإقبال واسع من خارج الأسواق العربية.

وقالت إن قطاع صناعة السينما والترفيه في العالم العربي يشهد تحولات كبيرة، حيث ظهرت تحولات في ثقافة الشباب في منطقة الشرق الأوسط قادت إلى اهتمام كبير بالمحتوى العربي، وهو ما أسهم في دفع مسيرة نمو المبدعين الإقليميين وظهور المزيد من عروض المحتوى العربي الأصيل.

وتؤكد نتفليكس أن نمو حضورها في العالم العربي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسعيها المستمر لتعزيز “الأصالة” في أعمالها، مشيرة إلى أن ذلك “أمر مطلوب أكثر من أيّ وقت مضى في المشهد الثقافي والاجتماعي المعاصر، حيث تحرص الشركة على الاستثمار في المزيد من المحتوى العربي، ولعقد الشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والصناعة للارتقاء بالمواهب الناشئة”.

وبفضل النمو الكبير في عدد المشتركين، حققت نتفليكس في الربع الأول من العام الجاري إيرادات قدرها 9.37 مليار دولار وصافي أرباح قدرها 2.3 مليار دولار، في نتيجتين شهدتا ازدياداً على أساس سنوي وفاقتا أيضاً التوقعات.

وقد حققت المنصة انطلاقة قوية في مطلع العام الحالي مع اجتذابها 13 مليون مشترك إضافي خلال موسم أعياد نهاية العام، وذلك بفضل سياستها الأكثر صرامة بشأن مشاركة الحسابات بين المستخدمين وتقديمها صيغة اشتراكات أرخص تتضمن إعلانات.

وعلق روس بينيس من شركة “إي ماركتر” أن “نتفليكس تستمر في التفوق على منافسيها”، ما “يشير إلى أن مشاركة كلمات المرور كانت أكثر شيوعاً مما كان يُعتقد سابقاً، حيث تستمر الخدمة في تحويل المشاهدين المتطفلين إلى مستخدمين يدفعون” مقابل اشتراكاتهم.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد. فقد أكد غريغ بيترز أن نتفليكس تعمل على “آليات أكثر فعالية للتحويل” (إلى الخدمات المدفوعة)، سواء على صعيد المستخدمين الذين “يستعيرون الرموز” أو المشتركين القدامى أو الوافدين الجدد.

وكان بينيس علق بعد نشر الشركة نتائجها للربع الأخير من السنة الماضية أن المنصة “تثبت تفوّقها بلا منازع في حرب البث التدفقي”، ولاحظ أن نتفليكس “تجاوزت كل التوقعات بإضافة 13 مليون مشترك من كل أنحاء العالم، من بينهم نحو ثلاثة ملايين في سوق أميركا الشمالية التي يكون جمهورها في العادة الأكثر تخمة”.

انطلاقة قوية

ويعود هذا النمو المذهل للمنصة التي سبق أن استقطبت نحو تسعة ملايين مشترك خلال الصيف، إلى اتخاذها إجراءات صارمة ضد مشاركة كلمات المرور وإطلاقها فئة أرخص ثمناً من الاشتراكات مع إعلانات.

وتوقع بينيس أن “يتلاشى مفعول النظام الجديد في نهاية المطاف لجهة نمو المشتركين”. لكنّه أوضح أن شركة البث التدفقي “تعتزم تعزيز قدرتها على استقطاب الجمهور من خلال المضي في طموحاتها في مجال النقل المباشر”.

ورأى أن “الحصول على حقوق نقل مباريات المصارعة الحرة (دبليو دبليو إي رو) يُظهر أن نتفليكس تأخذ هذا الموضوع على محمل الجد”.

وأعلنت الشركة أنها وقّعت اتفاقية بث مدتها عشر سنوات مع رابطة المصارعة الأميركية للمحترفين “دبليو دبليو إي رو” في مقابل خمسة مليارات دولار.

وحصلت نتفليكس على الحق الحصري في الولايات المتحدة اعتباراً من سنة 2025 لعرض “رو”، وهو العرض الرئيسي لـ “دبليو دبليو إي” وكان العام الماضي من بين العروض التي تستقطب عددا أكبر من المشاهدين. وفي مارس، أعلنت عن البث المباشر في نهاية يوليو لمباراة ملاكمة بين اليوتيوبر والملاكم المتدرب جيك بول وأسطورة الحلبة مايك تايسون.

ويوضح مايك برولكس أن “مثل هذه الأحداث تجذب المعلنين لأنها تولّد قدراً كبيراً من الاهتمام وتسمح للعلامات التجارية بالمشاركة من خلال تنسيقات إعلانية أكثر تخصيصاً”.

وبدأت هذه الصيغة تجتذب المستخدمين بالفعل، إذ أنّ أكثر من 40 في المئة من المشتركين الجدد يختارونها حيث يكون ذلك متاحاً، وفق نتفليكس.

نتفليكس حققت انطلاقة قوية في مطلع العام الحالي مع اجتذابها 13 مليون مشترك إضافي خلال موسم أعياد نهاية العام

وقال الرئيس التنفيذي المشارك لنتفليكس تيد ساراندوس “يمثل هذا 52 أسبوعاً من البرامج الحيّة كل سنة وهو جزء من طموحاتنا للمزيد من النقل المباشر”.

واعتبر روس بينيس أن المصارعة الحرة يُفترض أن تساهم أيضاً في النشاط الإعلاني الجديدة للمجموعة، و”سيوفر ذلك مبرراً إضافياً لزيادة أسعار الاشتراكات في المستقبل”.

وفي هذا السياق، يتساءل بعض المحللين لماذا خططت نتفليكس لإنفاق 17 مليار دولار “فقط” على المحتوى في عام 2024، بدلا من الحصول على المزيد من حقوق البث لمسلسلات تنتجها أطراف ثالثة، على سبيل المثال.

ويعتقد روس بينيس أن الخدمة “تخاطر بفقدان روح الابتكار” إذا أصبحت أكثر انتقائية في إنتاج المحتوى لتوفير المال.

وتعتمد نتفليكس هذا العام على مواسم جديدة من مسلسلات ناجحة من إنتاجها، مثل “بريدجرتون”، وخصوصاً المسلسل الكوري الجنوبي “سكويد غايم” (لعبة الحبار).

وفي مارس، أطلقت نتفليكس أيضاً “ذي ثري بادي بروبلم” (معضلة الأجسام الثلاثة)، وهي سلسلة خيال علمي جديدة من إنتاج صانعي “غايم أوف ثرونز” (لعبة العروش)، مقتبسة من أحد الكتب الأكثر مبيعاً في الصين.

لكن لم يعد يتعين على نتفليكس أن تكافح من أجل جذب انتباه المشاهدين والاحتفاظ بهم فحسب، بل عليها أيضاً إقناع المعلنين، وفق ما يشير نائب رئيس شركة “فورستر” مايك برولكس.

وباتت معظم منصات البث التدفقي تقدّم صيغ اشتراك مع إعلانات، لذلك فإن “العلامات التجارية لديها المزيد من الخيارات”، بحسب برولكس.

وفي وول ستريت، خسر سهم المجموعة أكثر من 4 في المئة خلال التعاملات الإلكترونية بعد إغلاق البورصة الخميس. ويعود ذلك إلى أنه “لم يرُق” للسوق قرار التوقف عن نشر عدد المشتركين، وفق صوفي لوند ييتس من شركة “هارغريفز لانسداون”.

لكنها ترى في ذلك “تطوراً طبيعياً”، فقد “كان الهدف دائماً تنمية قاعدة العملاء، ثم تنويع مصادر الدخل”.

5