نتفليكس ترمي بثقلها في آسيا لفرض تفوقها بسباق البث الرقمي

رمت منصة نتفليكس للبث التلفزيوني الرقمي بثقلها في آسيا أملا في فرض تفوقها خلال الفترة المقبلة في هذا القطاع الذي يشهد منافسة قوية مع ديزني وأمازون، خاصة مع اعتماد الشركة الأميركية سياسة خفض الأسعار لجذب المزيد من المشتركين.
هانوي/نيويورك - يستعد مسؤولو نتفليكس لفتح مكتب للشركة العملاقة للبث عبر الإنترنت في فيتنام بعد سنوات من المفاوضات مع السلطات واستكمال تقييم المخاطر، لتعظيم محفظة أعمالها في سوق شديدة المنافسة.
وستجعل الخطوة نتفليكس أول شركة تكنولوجيا أميركية كبرى لها وجود مباشر في البلد سريع النمو، والبالغ عدد سكانه 100 مليون نسمة، ويُنظر إليه بشكل متزايد على أنه مربح للغاية بحيث لا يمكن تجاهله رغم الحذر من قواعد الإنترنت الصارمة.
وكشفت مصادر مطلعة لرويترز الجمعة أن الشركة في مرحلة مبكرة من التخطيط لكيان محلي في فيتنام بعد الانتهاء من التقييم في أواخر 2022 بشأن المخاطر الأمنية والسياسية لتشغيل المكتب والتعامل مع بيانات المستخدم والمحتوى الحساس.
وبحسب أحد المصادر، التي رفضت الشركة الكشف عن هوياتها لأن الاستعدادات سرية، يمكن أن يُفتح المكتب في وقت لاحق من هذا العام، لكنه سيتطلب عملية تنظيمية طويلة قد تستغرق وقتا أطول.
وتتطلع نتفليكس، التي تعمل في أكثر من 190 سوقا حول العالم، إلى التوسع في مناطق عالمية جديدة بعد تشبع أسواق الولايات المتحدة وكندا وأوروبا.
وتأتي هذه الأنباء بعد وقت وجيز من إعلان المنصة خفض أسعار الاشتراك ببعض البلدان في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، في سياق تطلعات الشركة للحفاظ على نمو المشتركين وسط المنافسة الشديدة، والضغوط على إنفاق المستهلكين.
وأضافت الشركة نحو 7.6 مليون مشترك في الربع الأخير من العام الماضي ليتخطى العدد 230.7 مليون مشترك بعد تراجع عددهم في النصف الأول من 2022 إذ استحوذ منافسون مثل ديزني+ وأمازون برايم فيديو وبارامونت على عدد كبير من المشتركين.
وفي العام الماضي اتخذت الشركة إجراءات لكسب إيرادات جديدة، ويُفترض أن تؤتي ثمارها خلال هذا العام.
وكانت المنصة قد أطلقت في نوفمبر الماضي صيغة جديدة للاشتراكات تتيح الإعلانات على شاشتها مقابل بدل أرخص، بينما دأبت طويلاً على رفض اعتماد هذا الحل مخافة أن يسيء معنويا إلى صورتها.
ويقول بول فيرنا المحلل لدى إنسايدر إنتلجنس إنّ “نتفليكس تحت ضغط شديد لتصحيح مسارها. وهي على غرار منصات أخرى للبث التدفقي، تواجه منافسة كبيرة وتطورات اقتصادية معاكسة وبحاجة ملحة إلى التركيز على الربحية أكثر من زيادة عدد المشتركين فيها”.
وأعلنت السلطات الفيتنامية عن مرسوم جديد، ساري المفعول اعتبارا من يناير الماضي، يطالب مزودي خدمات الفيديو عند الطلب بالحصول على تراخيص من الحكومة للعمل، ما سيتطلب بدوره إنشاء مكتب محلي رغم أن تفاصيل التنفيذ لا تزال غير واضحة.
وقال مسؤولون تنفيذيون أجانب على دراية بالعمليات في البلاد إن “فيتنام أثبتت أنها معقدة بالنسبة إلى شركات التكنولوجيا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم الوضوح بشأن المتطلبات المحددة وآليات التنفيذ للوائحها الصارمة في الكثير من الأحيان”.
ورغم أن قانون الأمن السيبراني الفيتنامي لعام 2018 يتطلب من جميع الشركات الأجنبية التي تحصل على دخل من الأنشطة عبر الإنترنت في فيتنام أن تفتح مكتبًا محليًا، إلا أن شركة بايت دانس التي تمتلك منصة تيك توك هي الوحيدة التي امتثلت حتى الآن.
ويعكس وجود منصة واحدة مدى الصعوبات، مع أن العديد من مزودي وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين يعتبرون فيتنام واحدة من أفضل 10 أسواق عالمية.
ومع تزايد ثقة المسؤولين الفيتناميين في القوة الاستهلاكية المتزايدة للبلاد، بدأوا في تكثيف الضغط على شركات التكنولوجيا للالتزام بالقواعد.
وهددوا بإغلاق فيسبوك في عام 2020 بسبب المحتوى السياسي على المنصة، وفي العام الماضي أدخلوا لوائح جديدة تتطلب أن تقوم شركات التكنولوجيا بتخزين بيانات المستخدم محليا وأن تزيل شركات التواصل الاجتماعي في غضون 24 ساعة ما تعتبره السلطات محتوى كاذبا.
وأبلغت نتفليكس كبار المسؤولين الحكوميين الفيتناميين بأنها تدرس إمكانية فتح مكتب تمثيلي محلي خلال اجتماع ديسمبر 2022 مع نائب رئيس إستراتيجية الأعمال في آسيا للشركة، وفقًا لبيان نُشر على موقع وزارة التخطيط والاستثمار على الإنترنت.
وقال البيان إن نجوين فان دوان، وهو مسؤول كبير في الوزارة، “أعرب عن رغبته في أن تنشئ نتفليكس قريبا كيانا قانونيا في فيتنام وأن تساهم في تنمية الاقتصاد”.
المنصة تنظر إلى فيتنام التي تضم مئة مليون نسمة على أنها أسرع الأسواق نموا وجاذبة لأعمال عمالقة التكنولوجيا
ومع الطبقة الوسطى الأسرع نموا في جنوب شرق آسيا، أصبحت فيتنام سوقا رئيسية لعمالقة التكنولوجيا بالرغم من وجود العراقيل.
وأشار تقرير مشترك صادر عن غوغل وتيماسك هوليدنغز وباين آند كامبني إلى أن الاقتصاد الفيتنامي، بما في ذلك التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية والترفيه عبر الإنترنت، في طريقه إلى النمو.
وبحسب التقرير من المتوقع أن يصل إلى ما يقرب من 50 مليار دولار في إجمالي المعاملات سنويا بحلول عام 2025، أي أكثر من ضعف رقم العام الماضي.
وأعلنت السلطات الشهر الماضي أنها جمعت ضرائب خلال العام الماضي بقيمة 78 مليون دولار من غوغل وميتا ونيتفليكس وتيك توك.
وتطالب الحكومة الفيتنامية منذ سنوات بدفع ضرائب من قبل عمالقة التكنولوجيا، بما في ذلك نتفليكس التي كانت تعمل دون مكاتب محلية.
وتقول الشركات إنها تفتقر إلى آلية مناسبة لدفع الضرائب في فيتنام رغم أن هذا تم تناوله العام الماضي من خلال إنشاء بوابة إلكترونية لهذا الغرض.
وواجهت شركات وسائل التواصل الاجتماعي ضغوطا خاصة بشأن المحتوى، بما في ذلك القواعد المتعلقة بنشر المحتوى المرتبط بالأخبار على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.
وحصل ذلك على الرغم من أن نتفليكس كانت أحيانا هدفا لأوامر عامة من قبل الحكومة لمنع الوصول المحلي إلى المحتوى الذي تم الحكم عليه بأنه “مسيء للشعب الفيتنامي “.
وشمل ذلك في عام 2022 فيلم هوليوود آنشارتد، الذي أشار إلى المزاعم الصينية في بحر الصين الجنوبي، والدراما الكورية الجنوبية ليتل وومن، التي احتوت على مشاهد من حرب فيتنام.