نتفليكس تدعم "الأفروسنتريزم": أجندة خفية أم مبالغات

عريضة مصرية على موقع "تشينج.أورغ" ضد المنصة تدعوها لسحب فيلم كليوباترا بسبب تزوير التاريخ.
السبت 2023/04/15
نظرية المؤامرة في السواد

تحول اسم كليوباترا إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد موجة الغضب التي تسببت بها نتفليكس بإعلانها عن وثائقي ظهرت فيها الملكة المصرية ببشرة سوداء. واتهم معلقون المنصة بقيادة أجندة خفية ضد تاريخ مصر.

القاهرة - أثار إعلان ترويجي لوثائقي مرتقب نشرته منصة نتفليكس غضبا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بسبب تجسيد ممثلة ذات بشرة سمراء لشخصية الملكة كليوباترا،  وسلط مغردون الضوء على ما وصفوه “الأجندة الخفية لنتفليكس”.

وانتقد الكثيرون تصوير الفيلم للملكة كليوباترا ببشرة داكنة، وأكدوا أنها كانت من أصول مقدونية وليست صاحبة بشرة داكنة كما تحاول نتفليكس تصويرها، معتبرين أن المنصة تخدم أفكار حركة “الأفروسنتريزم”، التي تروّج بأن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي البشرة السوداء قبل تشتتهم.

كما اتهم معلقون منصة نتفليكس “بتغيير تاريخ مصر القديم” و”تزوير المعطيات التاريخية الثابتة”.

وقالت ناشطة:

وكتب الصحافي المصري لؤي الخطيب في تغريدة:

وكتب صحافي آخر:

وكتب ناشط:

@Magdy Shaker

لا بد لكل المصريين أن يقفوا ضد هذا العته وهذه المنصة غير المسؤولة

وقال معلق في تغريدة على تويتر:

وقام عدد من النشطاء بإنشاء عريضة على موقع “تشينج.أورغ” (Change.org) يطالبون فيها نتفليكس بسحب الفيلم عن منصتها.

وجمعت العريضة 50 لف توقيع خلال ساعات قليلة من إطلاقها. وكتب معلق:

وقالت الشركة إنه ضمن سلسلة وثائقيات لاستكشاف حياة الملكات الأفريقيات البارزات والمبدعات، تبدأها بفيلم “كليوبترا”، إذ ستخصص الموسم الأول لأشهر امرأة في العالم وأكثرها قوة.

وأشارت الشركة إلى أن كليوباترا “أسيء فهمها، إذ طغت شهرتها كملكة جريئة وجميلة ورومانسية على معدنها الحقيقي، المتمثل في ذكائها الشديد”.

ويتضمن الإعلان الترويجي للوثائقي الحديث أن تراث “كليوباترا كان موضع الكثير من الجدل الأكاديمي ثم يتبعه تأكيد على لسان أحد المعلقين في الوثائقي أن كليوباترا كانت ذات بشرة سمراء على عكس الشائع”.

ورفض معلقون ما جاء في الوثائقي، وقالوا إن ما يحدث ليس سرقة تاريخ ولكنه قلب للحقائق التاريخية الثابتة، وأن نتفليكس تريد ترسيخ أن الحضارة المصرية سمراء دعماً لأفكار الأفارقة الأميركيين الذين يتبنون هذه النظرية.

وأعرب أحدهم:

ورأى معلق:

ولم تأت مهاجمة العمل المنتظر من نتفليكس من المصريين فقط بل من اليونانيين أيضًا، كون الملكة كليوباترا تشكل جزءا من حضارتهم، فكتب الباحث التاريخي بول أنتونوبولوس “من المضحك في الإعلان أنهم يقولون إن كليوباترا كانت امرأة يساء فهمها، لكنهم استمروا وساهموا في سوء الفهم هذا من خلال التلميح إلى أنها كانت سوداء بدلًا من ملكة مصر اليونانية”.

من جهة أخرى، قال فريق آخر من المغردين رغم قلتهم، إن الدراسات التي جرت على جمجمة كليوباترا تثبت تطابقها مع أبناء النوبة، وبالتالي قد تكون ذات بشرة سوداء بالفعل، كما سخروا من الجدل الواسع حول الموضوع. وعلق أحدهم:

وقال آخر:

وتشير المصادر التاريخية إلى أن الملكة كليوباترا السابعة والمعروفة باسم كليوباترا هي آخر ملوك الأسرة المقدونية، التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد، وحتى احتلال مصر من طرف روما عام 30 قبل الميلاد.

وعلق زاهي حواس وزير الآثار الأسبق وعالم الآثار على الفيلم قائلًا “ذلك تزييف تمامًا، كليوباترا كانت يونانية، بمعنى أنها كانت شقراء وليست سوداء”.

واعتبر أن الفيلم يحاول “تزييف الحقائق ومحاولة جذب أسماء تاريخية لامعة مثل الملكة كليوباترا، بهدف الترويج أن الحضارة المصرية سوداء”.

وأشار حواس إلى أن هناك توجهًا في العالم خلال السنوات الأخيرة يتزعمه السود الأميركيون والسود في أميركا الجنوبية، لزعم أن الحضارة المصرية أصلها سوداء، مؤكدًا أن “هذا الكلام ليس له أيّ أساس من الصحة إطلاقًا”.

ويقصد حواس حركة الأفروسنتريزم أو “المركزية الأفريقية”، التي تسعى إلى “تسليط الضوء على الهوية ومساهمات الثقافات الأفريقية في تاريخ العالم”.

وتنشط هذه الحركة في الولايات المتحدة وفي بعض الدول الأوروبية وبين الجماعات ذات الأصول الأفريقية.

ومن بين النظريات التي يروج لها مؤيدو الحركة “أن أصل الحضارة المصرية أفريقي فقط”.

بدورها، اعتبرت الناقدة الفنية ماجدة خيرالدين أن هذا العمل يمثل “اعتداء على التاريخ وتحريفا فنيا ضد المنطق والواقع”، مضيفة أن “كليوباترا كانت من أسرة البطالمة وكانت لها مواصفات شكلية متوسطية، ولم تكن أفريقية نهائيا”.

وتساءلت الناقدة عن مصلحة شركات الإنتاج الكبرى من تصوير الشخصية التاريخية بمواصفات نعلم جميعا أنها “غير حقيقية، بحسب المعطيات التاريخية”، مشددة على ضرورة “حماية كل حضارة من التزوير والعبث المتعمد لخلط الأنساب التاريخية”.

وٍرأت خيرالله، أن جزءا كبيرا من الدول الغربية تعاني من “عقدة الذنب بسبب تاريخها الاستعماري والعنصري” وتحاول اليوم تصحيح أخطائها بارتكاب أخطاء جديدة ضد حضارات وثقافات أخرى.

يذكر أن ضجة كبيرة أثيرت في ديسمبر الماضي في مصر، تسببت بإلغاء حفل للكوميدي الأميركي كيفن هارت، بعد حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب ما أشيع من تصريحات سابقة نُسبت له عن ملوك مصر القديمة، اتهموه فيها بـ”العنصرية وبتزوير التاريخ المصري”.

وتم إلغاء مؤتمر لحركة  الأفروسنتريزم في فبراير الماضي بمدينة أسوان المصرية، بعد اعتراضات واسعة من باحثين وعلماء آثار وتاريخ مصريين.

5