نتانياهو يعزّز فرصه نحو الفوز بولاية خامسة

القدس - يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد منافسة انتخابية شرسة نحو الفوز بولاية خامسة حيث أظهرت النتائج الأولية لفرز الأصوات تقدمه في الانتخابات البرلمانية على منافسه بيني غانتس.
وعزّز رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو فرصه للفوز في الانتخابات التشريعيّة الثلاثاء، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلّية استندت إلى نتائج جزئيّة واستطلاعات للرّأي لدى الخروج من صناديق الاقتراع.
وقالت الهيئة العامّة للإذاعة والتلفزيون إنّه بعد فرز 40% من الأصوات، حصل حزب نتانياهو على نحو 40 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست، بينما حصلت لائحة منافسه بيني غانتس على 35 مقعدًا. أمّا استطلاعات الرّأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع، والتي أجرتها القناتان 12 و13، فوَضعت الليكود بزعامة نتانياهو في المقدّمة مع 35 مقعداً في مقابل 34 لغانتس.
وسينتزع نتانياهو الذي يشغل المنصب منذ 13 عاماً في حال كلفه الرئيس ريفلين بتشكيل الحكومة، الرقم القياسي الذي سجله ديفيد بن غوريون في مدة الحكم.
لكن نتانياهو سيجد نفسه بسرعة في مواجهة مشاكل القضاء. فقد أعلن المدعي العام في فبراير نيته اتهامه بالفساد والاحتيال واستغلال الثقة. وحدد المدعي العام العاشر من يوليو موعدا أخيرا لجلسة الفرصة الأخيرة قبل أن يقرر اتهامه.
وأعلن المدّعي العامّ الإسرائيلي أنّه ينوي توجيه لائحة اتّهام إلى نتانياهو بتلقّي رشى وبالاحتيال وسوء الأمانة، في انتظار استكماله استجوابات معلّقة.
لكنّ اتّهامه لا يُلزمه بالاستقالة، إلا في حال الإدانة وبعد استنفاده كُلّ الاستئنافات.
وفي وقت سابق كان كلّ من نتانياهو وغانتس قد سارع إلى إعلان فوزه في الانتخابات التشريعيّة مساء الثلاثاء، بعد أن أظهرت استطلاعات سابقة للرأي تقارباً شديداً بينهما، لكنها كشفت أنّ نتانياهو في أفضل موقع لتشكيل ائتلاف حكومي.
وقال نتانياهو في بيان "الكتلة اليمينية بقيادة الليكود حققت انتصارا واضحا".
وركز نتانياهو في حملته على صورته كرجل قوي ونجاحاته الدبلوماسية وقربه من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكذلك على النمو الاقتصادي المتواصل.
وكما فعل في 2015 لجذب أصوات اليمين، أخرج نتانياهو مفاجأة في اللحظة الأخيرة عندما أعلن استعداده لضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة من قبل الدولة العبرية منذ أكثر من خمسين عاما.
وتعتبر الأسرة الدوليّة المستوطنات انتهاكاً للقانون الدولي وعقبةً أمام جهود السّلام، إذ بُنيت على أراض فلسطينيّة يُفترض أن تشكّل جزءاً من الدولة الفلسطينية المنشودة.
وتعليقا على نتائج استطلاعات الرأي عند مغادرة الناخبين مراكز الاقتراع، عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أمله، في أن تأتي نتائج الانتخابات الإسرائيلية بـ "السّلام".
فيما رأى أمين سرّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة صائب عريقات أنّ الإسرائيليّين صوّتوا بـ"لا للسلام". وقال في بيان إنّ "الإسرائيليين صوّتوا للمحافظة على الوضع القائم. لقد قالوا لا للسلام ونعم للاحتلال".
أما غنتس فقال أمام أنصاره "هذا يوم تاريخي، لقد صوّت أكثر من مليون شخص لصالحنا". وأضاف "يجب على الرئيس تكليفنا مهمّة تأليف الحكومة المقبلة لأننا الحزب الأكثر أهمية"، واعداً بأن يكون "رئيس وزراء الجميع".
ويتمّ التعاطي مع استطلاعات الرأي بحذر كبير لأنّ نتائجها كانت مخالفة للنتائج النهائية خلال الانتخابات التشريعية عام 2015.
وكانت مكاتب الاقتراع أغلقت أبوابها الساعة 19,00 ت غ، على ألا تصدر النتائج الرسمية قبل صباح الأربعاء. وشكّل قائد الجيش الإسرائيلي السابق غانتس خصماً لا يُستهان به في وجه رئيس الوزراء المخضرم.
وأدلى غانتس بصوته في مدينته روش هاعين، واعداً بـ"مسار جديد" لإسرائيل.
وقال زعيم التحالف الوسطي بعد إدلائه بصوته "أنا سعيد بوضع نفسي في خدمة دولة إسرائيل. أنا سعيد بالوقوف من أجل مصلحة الشعب على عتبة مسار جديد".
وأضاف "يجب أن نحترم الديموقراطية وندعو جميع الأطراف إلى احترام هذا اليوم والمحافظة على الهدوء".
أما نتانياهو فأدلى الثلاثاء بصوته في إحدى مدارس القدس وحض الإسرائيليين على "حسن الاختيار". وقال "يجب أن تنتخبوا، فهذا عمل مقدّس وجوهر الديموقراطيّة".
وأضاف "لن أقول لكم أنا لمن ستُصوّتون، بإمكاني ذلك، لكنّني لن أفعل. وبعون الله إسرائيل منتصرة".
وستكون الانتخابات بمثابة استفتاء على نتانياهو البالغ من العمر 69 عاماً والذي انخرط في خطاب سياسي شعبوي طوال حملته اللاذعة التي يقول مراقبون إنّها بلغت حدّ شيطنة العرب الإسرائيليين وغيرهم.
وواجه رئيس الوزراء مزيدًا من المشاكل الثلاثاء، عندما قدّمت قائمة الجبهة الديموقراطيّة والعربيّة للتغيير شكوى إلى الشّرطة ضدّ أعضاء في حزب الليكود اليميني، قالت إنّهم يستخدمون كاميرات مخفيّة في ملابسهم في مراكز الاقتراع في المدن والقرى العربية، معتبرةً ذلك مخالفاً للقانون ومحاولة "لتخويف العرب وإشعارهم بأنّهم سيُلاحقون".
وكانت رونيت كامبف الأستاذة الجامعية الإسرائيلية البالغة 45 عاماً من أوائل مَن أدلوا بأصواتهم في أحد مراكز الاقتراع في القدس، حيث أبدت قلقها إزاء الاتّهامات المتوقع توجيهها إلى رئيس الوزراء.
اقرأ أيضا:
وقالت مستخدمةً لقب نتانياهو "بيبي في السُلطة منذ فترة طويلة، سيكون هناك تغيير كبير، لا أعرف بالضبط أيّ نوع من التغيير، لكن سيكون هناك تغيير".
وفي مركز اقتراع آخر في القدس، قال شاحار ليفينسون الذي وصل مع زوجته وأطفاله الثلاثة، إنّه اقترع لصالح الليكود ويُريد حكومة "يمينيّة ورأسماليّة"، مشدّداً على "أنّ الأمن بالنسبة إليه أمر مهم".
وسعى نتنياهو أيضاً إلى تقديم نفسه على أنّه رجل الدولة الأساسي في إسرائيل، والتقى خلال فترة الحملات الانتخابيّة حليفه المقرّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبرازيلي جاير بولسونارو.
وسلّط نتانياهو الضوء على اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان. وفي الوقت نفسه، استخدم نتانياهو تكتيكات مشابهة لتلك التي يستخدمها ترامب، واصفاً تحقيقات الفساد بحقّه بأنها "حملة مطاردة شعواء"، ومندّداً بالصحافيين الذين يقومون بتغطيتها.
وحذّر نتانياهو الثلاثاء حزبه الليكود من خطر الخسارة بسبب انخفاض نسبة المشاركة بين مؤيّديه، وخاطب عبر تسجيل مصوّر روّاد الشاطئ في مدينة نتانيا الذين خرجوا للاستمتاع بالطقس الربيعي المشمس.
وقال نتانياهو إنّه ألغى حدثاً كان يُفترض أن يشارك فيه الثلاثاء، ليدعو لاجتماع طارئ مع مسؤولي الحزب لمناقشة هذا الموضوع.
أما غانتس، المظلّي السّابق البالغ 59 عاماً والذي شكّل تحالفاً وسطيّاً لتحدّي نتانياهو، فاستند إلى مزاعم الفساد ضدّ رئيس الوزراء للتشديد على أنّ أوان رحيله قد حان.
ووصف تعهّد نتانياهو بضمّ المستوطنات بأنّه محاولة "غير مسؤولة" للحصول على أصوات الجناح اليميني.
ويقول غانتس إنّه يُفضّل "اتّفاق سلام مدعوماً دوليّاً" يلحظ احتفاظ إسرائيل بكُتل استيطانيّة كبيرة في الضفة الغربيّة وبالسيطرة الأمنيّة على المنطقة، لافتاً إلى معارضته أيّ خطوات أحاديّة.
ونشر غانتس تسجيلاً مصوّراً مساء الثلاثاء، حضّ فيه الناخبين على التوجّه إلى صناديق الاقتراع، قائلاً "لا يُمكننا تفويت الفرصة (...) انزلوا إلى مكاتب الاقتراع واصطحبوا أصدقاءكم وصوّتوا للأبيض والأزرق".