نتائج مبشرة لعلاج فيروس الإيدز في تجاربه الأولى

تتطلب الأقراص اليومية التي تمثل حجر الأساس في علاج المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) التزاما مدى الحياة، وتتوقف فاعلية هذه الأقراص عندما يتوقف المرضى عن تناولها وقد يحدث ذلك عندما لا تكون الأدوية متاحة أو عندما يصعب تحمل كلفتها أو عندما تسبب أعراضا جانبية خطيرة، إلا أن دراسة حديثة توصلت إلى أنه يمكن التغلب على هذا المرض بضخ أجسام مضادة للفيروس في أجسامهم مرتين في السنة بدلا من تناول هذه الأقراص يوميا.
نيويورك - كشفت تجربتان أوليان أن الأشخاص الذي يعيشون بفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب لمرض الإيدز قد يستطيعون يوما ما التغلب على الفيروس بضخ أجسام مضادة للفيروس في أجسامهم مرتين في السنة بدلا من تناول أقراص مضادة للفيروس يوميا.
وشملت التجربتان عددا محدودا من المشاركين، في حدود تسعة في التجربة الأولى وسبعة في الثانية، كما أظهرت التجربتان أن الأجسام المضادة للفيروس تملك إمكانات لكنهما لا تؤكدان أنها فعالة بالفعل. وبذلك لا بد من إجراء تجارب أوسع نطاقا وأطول مدة لمعرفة إن كان هذا العلاج الجديد آمنا وفعالا. وحتى في هذه الحالة فقد يستغرق الأمر أعواما قبل طرح دواء جديد في الأسواق.
وقال الطبيب ميشيل نوسنزفيج كبير الباحثين في الدراستين، وهو باحث في معهد هاورد هيوز الطبي في جامعة روكفلر بمدينة نيويورك، “إذا تمخضت التجربة الأطول بالأجسام المضادة المعدلة عن النتائج المرجوة فيمكن عندئذ إعطاؤها للمرضى كل ستة أو تسعة أشهر”.
وأضاف “سيكون ذلك مفيدا للأشخاص الذين ينسون تناول الأقراص. كما أن الجسم المضاد هو منتج طبيعي مستنسخ من كائن بشري.. وحتى الآن لا توجد له سوى أعراض جانبية محدودة”.
وخلال التجربتين استخدم العلماء نوعين من الأجسام المضادة، هما 3 بي.إن.سي117 و10-1074 وتم رصدهما خلال فحص الأعداد النادرة من المرضى الذين تحارب أجسامهم بنجاح فيروس نقص المناعة دون مساعدة الأدوية. ويستهدف هذان النوعان من الأجسام المضادة البروتينات الموجودة على السطح الخارجي للفيروس من زاويتين مختلفتين، ويحفزان جهاز المناعة لمكافحة العدوى.
وفي إحدى التجربتين، توقف تسعة مرضى مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب عن تناول الأقراص اليومية المضادة للفيروس، ثم حصلوا على ثلاث جرعات من الأجسام المضادة للفيروس على مدى ستة أسابيع.
الأجسام المضادة تستهدف البروتينات الموجودة على سطح الفيروس من زاويتين مختلفتين، وتحفز جهاز المناعة
ويقول الباحثون في نتائج التجربة التي نشرت في دورية “نيتشر” الأربعاء إن مدة كبح نشاط الفيروس تراوحت بين 15 وأكثر من 30 أسبوعا. وجرى تحجيم الفيروس لمدة 21 أسبوعا على الأقل في نصف المرضى. وأبلغ بعض المرضى عن شعورهم بإجهاد خفيف، لكن لم تكن هناك آثار جانبية خطيرة.
وركزت التجربة الثانية على سبعة أشخاص تم تشخيص إصابتهم بفيروس نقص المناعة لكنهم لم يكونوا يتناولون الأقراص اليومية. وشملت التجربة أشخاصا مصابين بأنماط من الفيروس قد تستجيب للعلاج بالأجسام المضادة. وحصل المشاركون إما على جرعة واحدة تتضمن نوعي الأجسام المضادة أو على ثلاث جرعات من النوعين عبر ستة أسابيع.
وخلص الباحثون في نتائج دراستهم إلى أن مستويات الفيروس انخفضت بشكل كبير في الدورة الدموية للمرضى بعد العلاج لمدة وصلت إلى ثلاثة أشهر.
وفي سياق آخر أثبت فريق من العلماء الأميركيين مؤخرا أن استخدام العلاج المناعي آمن لاعتماده واستخدامه على البشر في القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”.
وقال تقرير جديد لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية إن تجربة المرحلة الأولى من العلاج الجديد تعتبر خطوة مبكرة وهامة بالنسبة لفريق العلماء من جامعة “نورث كارولينا” في تشابل هيل، والذي فاز بمنحة قدرها 20 مليون دولار لإنتاج الدواء. وأكد التقرير أنه في العامين الماضيين، أصبح العلاج المناعي الذي يدرب جهاز المناعة للشخص على مهاجمة المرض، العلاج الرئيسي للعشرات من الحالات المرضية بدءا من السرطان وانتهاء بفقدان البصر.
ومع ذلك، فإن العلماء يسيرون بخطى بطيئة عندما يتعلق الأمر بفيروس نقص المناعة البشرية، لأن المحاولات التي أجريت خلال العشرين عاما الماضية لعلاج الفيروس مع زرع نخاع العظم (وهو علاج آخر سائد يحل محل الجهاز المناعي للشخص مع جهاز متبرع)، أثبتت فشلها في جميع الحالات باستثناء شخص واحد.
وأظهر فريق جامعة نورث كارولينا، لأول مرة، أنه يمكن إعطاء العلاج المناعي للمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية دون أي آثار جانبية، ومن دون خطر يهدد المريض بالموت.
وقال التقرير إن الهدف من نشر نجاح المرحلة الأولى من العلاج، هو إثبات أن جهاز المناعة يمكن تدريبه على مهاجمة فيروس نقص المناعة البشرية، دون إثارة “حرب داخلية” بين الخلايا، يمكن أن تقتل المريض خلال هذه العملية.