ناقد مغربي: عملية الإنتاج تمنع نجاح المسلسلات

الشركات تتدخل في العملية الإبداعية مما يبقيها تحت سيطرة السماسرة كضحية مشوهة.
الجمعة 2023/04/14
حركة إنتاج غير قوية

الرباط - تشهد الدراما المغربية تطورا ملحوظا على مستوى المواضيع التي تتناولها أو تقنيات الإنتاج، إلا أنها لا تزال برأي عدد من المختصين تشكو من بعض الإخلالات التي تتحكم في سوق الإنتاج ونتجت عنها أعمال رديئة تمنع نجاحها محليا وانتشارها عربيا أو حتى منافسة الدراما المصرية والسورية الرائدتين في المنطقة.

ورأى الناقد الفني المغربي فؤاد زويريق أن "أغلب الأعمال الدرامية تمول من طرف القناة الأولى والثانية المغربيتين كمؤسستين عموميتين رئيسيتين، ويوكل إنتاجها لشركات نطلق عليها تجاوزا شركات الإنتاج وهي في الحقيقة مجرد شركات تنفيذية، لأنها تشرف على إنتاج الأعمال بأموال تحصل عليها من هاتين القناتين المنتميتين إلى أجهزة الدولة”.

واعتبر أن هذه النقطة تعد “العائق الأول أمام الإبداع الذي يصطدم في أولى خطواته برقابة الدولة، فما دامت الدولة هي الممول الرئيسي للأعمال الدرامية فحتما ستقيد حرية التنوع والخوض في مواضيع درامية معينة قد تقلقها، بل أكثر من هذا، ستجعل كل جزئية متعلقة بالكتابة تحت المجهر الرقابي، راسمة بذلك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها وإلا فلن يحظى العمل بأي تمويل، لهذا يجد المشاهد نفسه في أغلب الأحيان أمام مواضيع اجتماعية سطحية مستهلكة ومبتذلة”.

فؤاد زويريق: العائق الأول أمام الإبداع هو رقابة الدولة كونها الممول الرئيسي للأعمال الدرامية وبالتالي ستقيد حرية التنوع والخوض في مواضيع درامية معينة
فؤاد زويريق: العائق الأول أمام الإبداع هو رقابة الدولة كونها الممول الرئيسي للأعمال الدرامية وبالتالي ستقيد حرية التنوع والخوض في مواضيع درامية معينة

وتابع الناقد الفني، في تدوينة عبر موقع فيسبوك، أن “شركات تنفيذ الإنتاج أو الوسطاء أو السماسرة، سمهم ما شئت، رغم أنهم في الدول المحترمة جزء رئيسي من العملية الفنية، والمنتج المنفذ تكون له مهارات ومواهب خاصة، بالإضافة إلى التكوين وشهائد عليا في هذا المجال، ففي بلادنا يكفي أن تكون للمنتج المنفذ علاقات تؤهله للتلاعب بأموال الشعب”.

ووصف زويريق عملية الإنتاج هذه بـ”المطحنة التي تسحق الدراما المغربية”. واعتبر أن هذه "الشركات ولأنها شركات سمسرة أكثر منها شركات فنية، فهي تبحث أكثر عن هامش ربح أعلى باختيارها لسيناريوهات معينة، وبها تشارك في طلبات العروض، حتى لو كانت سيناريوهات ضعيفة لا إبداع فيها، لذا نجد أغلب الأعمال الدرامية تصور داخل فضاءات مغلقة أكثرها منازل، مما يوفر لها ربحا هامشيا أكثر، بل في الكثير من الأحيان قد يحصلون على هذه الفضاءات مجانا من تحت الطاولة، هذا بالإضافة إلى استخدام أقل عدد ممكن من التقنيين والممثلين وآلات التصوير والملابس، وكل هذا من أجل توسيع رقعة الربح، مما يؤثر على العمل ويجعله أكثر سوءا".

ورأى الناقد المغربي أن "ضعف المراقبة والمتابعة من طرف المؤسسات المانحة، أي القنوات التلفزيونية، يجعل التلاعب بالسيناريو الموافق عليه من طرف لجنة القراءة أو الانتقاء تحصيلا حاصلا، أما الخطير في الأمر فهو غياب التنافسية والشفافية، مما يعطي الحق لشركات بعينها دون غيرها في اقتسام الكعكة التي تكلف ميزانية الدولة الملايين، وهكذا نجد أن خمس أو ست شركات تنفيذ الإنتاج هي المسيطرة على السوق، وهي التي تحظى بكل الأعمال المنتجة، بينما العشرات ترفض طلباتها، والكثير منها أفلست واندثرت من المشهد نهائيا”.

ويتابع زويريق “استفادت بعض الشركات بثلاثة أو أربعة أعمال درامية في وقت واحد رغم أن إمكانياتها لا تؤهلها لذلك، كما أن الوقت لا يسعفها أيضا، فيحدث بالتالي كل هذا الخلل والارتجال الذي تعرفه صناعة الدراما ببلادنا، ولأن هذه الشركات تتمتع بهذه الحظوة، وكذلك عدم المراقبة الجادة فإنها تتدخل بالتالي في العملية الإبداعية، من اختيار السيناريو الذي يلائم طموحاتها الربحية كما قلنا سابقا، إلى اختيار مخرجين معينين قريبين من توجهاتها، مرورا باختيار الطواقم الفنية والتقنية، فيصبح المخرج لديهم مجرد موظف تقني لا سلطة محددة له تؤهله للتحكم في العملية الإبداعية، وبالتالي يبقى الإبداع تحت سيطرة السماسرة كضحية مشوهة كما نرى كل سنة”.

15