ناقدة عمانية تلاحق خصائص الحداثة في المسرح العربي

مسقط – يتكون الكتاب الجديد بعنوان “ملامح الحداثة في المسرح العربي” للناقدة العمانية عزة القصابي من مدخل يقوم بدارسة مصطلح “الحداثة” بتعريفاته ومفاهيمه وتقاطعه مع حقول متباينة اقتصادية وفكرية وفنية وإبراز الفروق الجوهرية والدقيقة بين هذا المصطلح وما يقترب منه من مفاهيم والوقوف عند نشأة ومراحل الحداثة لدى الغرب، ودراسة مدى تأثيرها في الفنون البصرية والأجناس الأدبية الأخرى، وصولا إلى أبي الفنون “المسرح”، وتقصي استضافته لها وتماوجه مع مظاهرها وخصائصها.
وتستعرض الناقدة بداية تحت عنوان “خصائص الحداثة في المسرح الغربي” التيارات الحديثة في المسرح العالمي: الطبيعية، والواقعية، والرمزية، والتعبيرية، والملحمية، والعبثية، مع التعرض الوجيز لتاريخ كل تيار على حدة، وتبيان تأثيره في النص الدرامي العربي والعرض المسرحي على مستويات التمثيل والسينوغرافيا والإخراج.
وينقسم هذا الفصل إلى قسمين؛ الأول يتحدث عن “خصائص الحداثة وآلياتها في المسرح العربي”، المرتبطة بتأثير التيارات الحديثة مع التعرض الوجيز لتاريخ كل تيار على حدة، وتبيان تأثيرها في النص الدرامي العربي والعرض المسرحي على مستويات التمثيل والسينوغرافيا والإخراج.
☚ الكتاب يبحث في المسرحيات العربية عن الخصائص والآليات التي تميزت بها الحداثة بوصفها ظاهرة وافدة من الغرب
أما القسم الثاني بعنوان “خصائص الحداثة وآلياتها في المسرح العربي المعاصر” فإنه يبحث في وتيرة “الحداثة” في مسارح الدول العربية، ويحاول عقد مقارنة لدراسة درجة تأثير الحداثة الغربية في المسارح العربية، مع الإشارة إلى الأسباب والعوامل التي تقف وراء تفعيل ومحاكاة المشهد المسرحي العربي عموما للحداثة الغربية نصا وعرضا.
ويشير هذا القسم إلى سؤال عن تأسيس المسرح العربي، وهو ما يشغل أذهان المسرحيين العرب في محاولة منهم لفهم الواقع المكتنز بالتناقضات وسؤال الأصالة والمعاصرة الذي يساير رؤى الحداثة من خلال محمولات الخطاب ذات الدلالات والعلامات المرتبطة بالتعامل مع بلاغة المتخيل الدرامي الحداثي.
ويختتم هذا القسم بتقديم قراءة تحليلية لعدد من العروض المسرحية العربية، ودراسة محتواها الاجتماعي والسياسي والثقافي، حتى يتسنى تلمس مواطن تأثير الحداثة الغربية فيها.
ويعمل التحليل أيضا على إجلاء الخصائص والآليات التي تميزت بها الحداثة بوصفها ظاهرة وافدة من الضفة الغربية، مع معاينة خصائصها، سواء توفرت أم انعدمت، توطئة للكشف عن الأسباب الكامنة وراء وجودها في المسرحيات المختارة متى أمكن ذلك.
وتتوج هذه الدراسة بخاتمة، تذكر النتائج التي توصلت إليها الباحثة وتتمحور حول ظاهرة الحداثة إلى جانب استجلاء أهم التيارات العالمية التي أثرت في المسرح العربي، مع الإشارة إلى أن هناك تحديات ومثبطات كثيرة واجهتها أثناء البحث عن ظاهرة الحداثة في الفنون، حيث تبحث في موضوع ليس بالهين؛ ولذلك سعت الباحثة لتقصي أبعاد الحداثة وتأثيراتها في المسرح العربي، بدءا من مصطلح “الحداثة” وما يعتريه من ضبابية والتباس، ما جعله صعب المنال والإمساك بأطرافه في كل الحقول التي اكتسحها، سواء على مستوى الاقتصاد أو السياسة أو الفكر أو الفنون، وكذلك المسرح وبقية الفنون.
من ناحية أخرى تتجلى الصعوبة في الاختلاف البيني والنوعي الذي تعرض له تعريف الحداثة في المسرح، إذ يشكل ذلك معضلة حقيقية يصعب الحكم الجازم فيها؛ ذلك أن الدراسات الأجنبية عند تعريفها للحداثة تقرنها بمفهوم التطور والتجديد والتمرد على الأطر التقليدية، في حين أن المسرح العربي بالرغم من تأثره بالتيارات المسرحية العالمية إلا أن خصائص الحداثة فيه مختلفة، وتتفاوت من حيث امتزاجها بمنظومة التراث والهوية والبحث عن الأصالة.
وكان محور الدراسة ونواتها ندرة الحصول على المراجع التي تصدت لظاهرة الحداثة في المسرح العربي، فكان البحث فيها صعب المأخذ بسبب قلة المراجع التي تناولتها بالبحث والدراسة، إضافة إلى تقاعس النقد عن مواكبة الإبداع المسرحي العربي.
ومن التحديات التي جابهتها الباحثة أيضا صعوبة تحديد المدة الزمنية لظاهرة الحداثة في المسرح العربي، وعسر تقصي جذورها التاريخية بصفة عامة، وعملية تحديد العناصر التي أسهمت في تشكيل هذه الظاهرة.
ويذكر أن كتاب “ملامح الحداثة في المسرح العربي” صدر أخيرا عن الهيئة العربية للمسرح، ضمن سلسلة من الكتب لمؤلفين ونقاد عرب، دأبت الهيئة على طباعتها في إطار رفد المكتبة العربية بالكتب المتخصصة في مجالات الفنون الإبداعية والمرئية.