ناصر القصبي فنان "انغماسي" أصبح اليوم المطلوب رقم واحد

موهبته سر يحمله معه، وصفة سحرية اخترقت قلوب العرب، كوميديان من الطراز الرفيع جدا، نقل الدراما السعودية من النطاق المحلي إلى الإقليمي ومن ثمة إلى العربي، جماهيريته اتسعت عاما بعد عام، مع كل عمل فني قدمه، نجم الدراما السعودية ومايسترو الكوميديا الخليجية، ناصر بن قاسم القصبي.
ولد القصبي في الرياض مطلع الستينات، ليشارك منذ بداياته الأولى في تأسيس الدراما والمسرح في السعودية، من على مسرح الجامعة بدأ ظهوره الحقيقي في مسرحية “التائه” في العام 1984 وقد شاركه بطولتها آنذاك راشد الشمراني، وكانت المسرحية من إخراج رشدي سلام.
المهندس الزراعي الموهوب
تخرج القصبي من كلية الزراعة بجامعة الملك سعود، مرتبطاً بعلاقة خاصة مع اللغة العربية والكتابة، والجزء الذي لا يعرفه الكثيرون عن القصبي أنه كاتب، وله كتاب بعنوان “الرملة” تضمن رحلة قام بها مع مجموعة من أصدقائه إلى الصحراء في ديسمبر عام 2005 وتضمن الكتاب رصدا للرحلة في مجموعة أبواب مصورة، حيث تم تصوير أكثر من 3600 صورة فوتوغرافية، كان ناصر القصبي هو مخرجها، وهو من اختار لها الزوايا والمكان والزمان.
برزت موهبة ناصر القصبي في السخرية والإضحاك ونقد المجتمع في تقمصه للأدوار المثيرة للجدل، ولم يسلم من النقد الحاد والمتواصل الذي يردّ عليه بسخريته المعهودة وبابتسامة لا تفارقه.
القصبي يتميز بصناعة كوميديا فريدة من نوعها لا يجيدها غيره، فهو ومنذ طفولته كان يعد نفسه لأن يصبح ممثلا بارعا، فحين كان الأطفال يتسمّرون أمام شاشة التلفزيون لمتابعة برامج الأطفال، كان ناصر الطفل يتابع محمد علي كلاي الملاكم الأميركي المسلم، وهو يقفز كالفراشة ويلسع كالنحلة، وكان يسمع التعليق على الجولات، فيزيد هذا التعليق من حماس الطفل، ومعه يزداد التعلّق بمنطق القوة وسطوة الجسد، ولذلك فقد كانت حركة ثني اليدين ونفخ العضلات أول إشارات فن التمثيل حينها.
رجل نيوزويك
بدأ القصبي في تقليد المعلمين في المدرسة، وحين وجد القبول من أقرانه لهذه السخرية المبكرة أيقن بنجاح الهدف والمستقبل، حانت له فرصة كبيرة حين اختير مع بعض من زملائه للتمثيل على خشبة المسرح المدرسي، وهنا تعرّف على مفردات مثل نص، مخرج، ديكور، جمهور، بروفات إلخ، وانهمك في التدريبات اليومية، ولكن للأسف لم تعرض المسرحية لسبب ما.
وحين التحق القصبي بجامعة الرياض سألوه أيّ تخصص يرغب في دراسته أجاب على الفور: “أي كلية فيها مسرح” وكانت كلية الزراعة حينها هي المكان المشهور بالنشاط الفني وبالتحديد المسرحي، وعندما علم أنها كلية الزراعة لم يتوان في الالتحاق بها، وذهب مباشرة إلى مشرف المسرح بالكلية وطرح سؤالا مباشرا: “هل عندكم مسرح” وهناك وجد البيئة الفنية المناسبة لنمو واحد من أكبر نجوم الكوميديا.
ولذلك فقد اختارته مجلة “نيوزويك” الطبعة العربية كواحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم العربي في احتفال كبير عام 2005، بعد مشاركته في الكثير من الأعمال الدرامية كان أولها مسلسل ” بداية النهاية” في العام 1984، ومسلسل “عودة عصويد” مع فنانين خلجيين وعرب أمثال محمد العلي، محمد الطويان، راشد الشمراني ومنى واصف، أيمن زيدان، نادين خوري، وحسن دكاك.
مجلة "نيوزويك" الطبعة العربية تختار القصبي كواحد من أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم العربي في احتفال كبير عام 2005، بعد مشاركته في الكثير من الأعمال الدرامية كان أولها مسلسل "بداية النهاية" في العام 1984، ومسلسل "عودة عصويد" مع فنانين خلجيين وعرب أمثال محمد العلي، محمد الطويان، راشد الشمراني ومنى واصف، أيمن زيدان، نادين خوري، وحسن دكاك
طاش ما طاش
انقطع القصبي عن الظهور حتى بداية التسعينات، ليظهر في مسلسل “أبو مشعاب” بشخصية “غضب” التي أثارت ضجة كبيرة حينها وحققت نجاحا واسعا، لتشهد الفترة ذاتها انطلاق السلسلة العربية الشهيرة بأجزائها الثمانية عشرة “طاش ما طاش” مع توأمه الفني الممثل السعودي عبدالله السدحان، حيث حققا مع بعضهما نجاحا باهرا امتد لسنوات عديدة.
قدم القصبي خلال أجزاء “طاش ما طاش” أكثر من 500 شخصية مختلفة، وكان أشهرها شخصية “فؤاد” التي رافقته في كل الأجزاء، كما قام الكثير من محبيها والهواة بتقليدها وتصويرها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلسل “طاش ما طاش” كسر القيود الرقابية التي كانت سائدة في المملكة العربية السعودية، بل كسر أيضا القيود الاجتماعية الثقيلة، وناقش مواضيع ذات حساسية عالية، كما كان العمل التلفزيوني الأول الذي أدخل ممثلات سعوديات إلى الشاشة العربية، ليتسع نجاحه عاماً بعد عام خلال قرابة العشرين سنة، في سلسلة زمنية لم يستطع أيّ عمل درامي عربي الوصول لهذا العدد أكان مصريا أم سوريا، أحرز القصبي من خلالها جائزة أفضل مسلسل كوميدي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون.
الكثير من النقاد العرب يصفون ناصر القصبي بالفنان الحقيقي، الذي يستطيع أن يعرف متى يترجّل عن الفرس، وأيّ المعارك تستحق أن يخوضها وفي أيّ توقيت، وأكبر شاهد على ذلك كان قراره بإيقاف “طاش ما طاش” في العام 2011، حينها توقع كثيرون أن شعلة القصبي سوف تنطفئ مع توقف المسلسل، ولكنه أثبت العكس للجميع، عندما أصر على تقديم عمل مختلف كل عام، بدأها في العام 2012 بعمل من الرسوم المتحركة بعنوان “طيش عيال” وشاركه في التمثيل الصوتي كل من عبد الله السدحان، أغادير السعيد، ريماس منصور.
وفي ذات العام حل القصبي كضيف شرف على المسلسل الخليجي الكوميدي “واي فاي”، وكانت التجربتان بمثابة استراحة المحارب، حيث قام في العام 2013 ببطولة مسلسل “أبو الملايين” مناصفة مع النجم الكويتي الكبير عبد الحسين عبد الرضا، بمشاركة النجوم حسن البلام، محمد الطويان، وريماس منصور وغيرهم، ليحقق العمل نجاحا كبيرا وخصوصا في منطقة الخليج العربي حيث كان المسلسل الأول الذي يجمع قطبي الدراما السعودية والكويتية، “القصبي وعبد الرضا”.
في ثياب الإعدام البرتقالية
أحدث الأعمال الدرامية للقصبي هو مسلسل “سيلفي” الذي يعرض حاليا خلال شهر رمضان، وقد أثار العمل ضجة إعلامية كبيرة جدا منذ أولى حلقاته التي دارت أحداثها حول ذهاب ابن ناصر القصبي للجهاد في سوريا، ليلحق به محاولا إعادته، قبل أن يتورط مع مجموعة من تنظيم “داعش”، ليكتشف القصبي تواجد عدد من السعوديين هناك، حيث علق بوصف “كني في شارع التحلية”.
ناصر القصبي يعد من مؤسسي المسرح والدراما في السعودية، رغم تخرجه من كلية الزراعة بجامعة الملك سعود، مرتبطا بعلاقة خاصة مع اللغة العربية والكتابة، فكثيرون لا يعرفون أن القصبي كاتب، وله مؤلف صدر بعنوان "الرملة" تضمن رحلة قام بها مع مجموعة من أصدقائه إلى الصحراء
أثارت تلك العبارة لغطا كبيرا في الشارع السعودي، حيث أنها دللت على كثرة السعوديين المنتسبين إلى داعش، تلقى القصبي عليها الكثير من الانتقادات، ولكنه تلقى أيضا الكثير من التهديدات من مناصري تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بالقتل، جاء بعضها على أحد الحسابات على موقع تويتر ويدعى “جليبيب الجزراوي” الذي وجه رسالة أثناء عرض الحلقة، قائلاً “أقسم بالله لتندم يا زنديق ولن يرتاح بال للمجاهدين في الجزيرة حتى يفصلوا رأسك عن جسدك والأيام بيننا”.
القصبي غرد عبر تويتر “حسابي الآن يطفح بالشتامين والمهددين واللاعنين بكل فنون اللعن والتهديد والشتم، أقول لهم قليلا من الهدوء ورمضان كريم وترى حنا بأوّل يوم”. كما غرد نفس الحساب الذي هدد ناصر القصبي عبر هاشتاغ أطلقه بعنوان “مطلوب رأس ناصر القصبي للمجاهدين”، حيث كتب تحته “تكفون يا مجاهدي الجزيرة نريد رأس هذا الخبيث، جزوا الرؤوس لنصرة الدين”.
وتبين من خلال تلك التهديدات مدى تأثير الحلقتين الأولى والثانية اللتين انتقد فيهما القصبي تنظيم “داعش”، وانتهت الحلقة الثانية بلقطة استعداد أفراد التنظيم لإعدام القصبي لاكتشافهم حقيقته، مسلسل “سيلفي” من بطولة عدد من نجوم الكوميديا السعودية، كحبيب الحبيب، عبدالإله السناني، يوسف الجراح، محمد الطويان وريماس منصور، ومن تأليف الكاتب السعودي المميز خلف الحربي وإخراج أوس الشرقي.
زوجة ناصر القصبي هي الأديبة والإعلامية الشهيرة بدرية البشر، التي تقدم برنامجاً أسبوعياً باسمها على شاشةmbc ، ولكن قصة زواجهما لم تخل من الغرابة، فحين كان القصبي في الجامعة، اتصلت به بدرية عندما كانت طالبة وطلبت منه أن يكتب لهم مشهدا مسرحيا لأحد العروض التي ستشارك فيها في نهاية العام الجامعي، فوعدها أن يكتب المشهد لها على الفور، لكن بشرط واحد أن يتزوجها، ليكون أغرب شرط للزواج على الإطلاق، وبالفعل تزوّج القصبي من الكاتبة المعروفة بدرية البشر، وأنجبت منه ثلاثة أبناء هم راكان، ومهند، وهالة. بدرية البشر التي رافقت زوجها في مشواره الفني بدعمها له، وخصوصا خلال مشاركته في برنامج Arabs Got Talent في لجنة التحكيم.
من خلال البرنامج اكتشف الناس شخصية ناصر القصبي على حقيقتها، الشخصية التي أحبّها الكثير من الجمهور، عندما كان يتصرف على طبيعته تماما، يمازح الجميع بكل رحابة صدر ويردد كلمته الشهيرة التي ردّدها من بعده الملايين على طريقته الرائعة “جميل” “جميل”، عفويته زادت من شعبيته جدا، وأتاحت للكثير التعرف إلى ذلك الممثل الإنسان الذي رافقهم على مدى أعوام طويلة، ولا يزال يرافقهم بشجاعة.