نازحون سوريون في لبنان.. خيام مهترئة وبرد لا يرحم

البقاع ( لبنان) - مع اشتداد برد الشتاء كلّ عام، تتزايد مخاوف النازحين السوريين المقيمين في مرتفعات محافظة البقاع شرق لبنان من تعرّض خيامهم المهترئة للأمطار والموت بردًا في ظل ارتفاع أسعار المازوت (الديزل) للتدفئة وغياب المساعدات.
وبلغ سعر صفيحة المازوت (20 لترا) في لبنان أواخر ديسمبر الماضي نحو 852 ألف ليرة بحسب وزارة الطاقة اللبنانية، أي ما يعادل 22 دولارًا أميركيًا بحسب تسعيرة السوق السوداء (تتغير بشكل متواصل).
وفي مخيم “حوش تل صفية” في قضاء بعلبك، يشكو اللاجئون من قلة المساعدات هذا العام، وخاصة أنه مرّت سنوات دون تجديد أو صيانة شوادر الخيام التي لا تقوى أصلًا على مواجهة المطر والثلوج والصمود بوجه أي عاصفة.
90
في المئة من اللاجئين السوريين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة
والمخيم مقام في إحدى قرى بعلبك التي ترتفع 1023 مترا عن سطح البحر وتبعد 90 كلم عن العاصمة بيروت، وتقيم فيه 100 عائلة نزحت عام 2012 من مناطق مختلفة في سوريا وخاصة شمال حلب.
واشتكت اللاجئة مريم الملك (45 عامًا) من عدم تقديم المنظمات الدولية المساعدات لهم هذا العام وخاصة مادة المازوت التي ارتفع سعرها كثيرًا، إضافة إلى عدم وجود الكهرباء.
وقالت مريم “نبحث في القمامة عن أشياء قابلة للاشتعال لكي نحصل على التدفئة ونتمكن من طهي الطعام على الصوبا (الموقد)”.
وبين أكوام من النفايات، تجد الطفل اللاجئ محمد الجاسم (12 عامًا) يبحث عن أشياء لإشعالها والحصول على التدفئة.
وأخبر محمد أنه يجمع أكياس النايلون والثياب المستعملة والأحذية لإشعالها في الصوبا لتأمين التدفئة له ولإخوته الصغار.
وتابع “لا نستطيع شراء المازوت ولا الحصول على حطب، ليس لدينا سوى أن نبحث عن أي شيء لنحرقه للحصول على التدفئة في هذا البرد”.
وأما اللاجئ محمد الموسى (60 عامًا)، فيشكو من اهتراء خيمته، وفشل كل محاولاته للحصول على أخرى جديدة.
وقال وهو يشير إلى باقي الخيام التي بدت عليها علامات الاهتراء نظراً إلى غياب منظمات دولية إنسانية تقدم المساعدات، قائلاً “الخيام بحاجة إلى تدعيم وشوادر جديدة”.
وأضاف “سنموت من البرد بسبب عدم استطاعتنا الحصول على وقود للتدفئة بسبب ارتفاع أسعاره، حتى إننا نلجأ إلى أي شيء لإشعاله لتسخين المياه”.

ومن جهته قال عمر المحمد (55 عاما) “البرد شديد ونذهب إلى حاويات النفايات للحصول على النايلون والأحذية وفضلات الغنم (السواد) كونها جيدة الاشتعال، ونضعها في الصوبا للحصول على التدفئة”. وتابع “هذا العام لم يلتفت إلينا أحد، نحن نعمل، ولكن بسبب الأزمة كلّ ما نحصل عليه من أجور لا يساوي شيئًا”.
والشهر الماضي كانت الأمم المتحدة قد أطلقت نداءً لتقديم تبرعات لملايين من النازحين جرّاء الصراعات في أوكرانيا وأفغانستان والشرق الأوسط، ومساعدتهم على تخطي الشتاء وسط “صعوبة كبيرة” في تأمين التدفئة.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في جنيف أولغا سارادو “ستضطر عائلات نازحة عديدة للاختيار بين الأكل أو التدفئة، بينما تعاني صعوبات لتدفئة ملاجئها وشراء ملابس دافئة وطهي وجبات ساخنة”. وحذرت المفوضية من “الوضع خطير”، على نحوٍ خاص في لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية حيث يعيش 9 من كل 10 لاجئين سوريين في فقر مدقع.
هذا وأعلنت منظمات أممية في السادس عشر ديسمبر أن 90 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يحتاجون إلى مساعدة إنسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة في ظلّ أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود.
وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، دعت فيه إلى مواصلة تقديم الدعم والحماية للأُسر الأكثر احتياجًا في لبنان. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان نحو 1.5 مليون بحسب تقديرات رسمية، ويعاني معظمهم أوضاعًا معيشية صعبة، خاصةً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان.
