نائب بالبرلمان التونسي يفتح الباب لتسرب السياسيين بعيدا عن فشل الأحزاب

اعتزال حسونة الناصفي يعبّر عن نهاية عصر السياحة الحزبية والأحزاب المفتعلة.
الجمعة 2022/01/07
أخيرا وصلت الرسالة

اعتزال البرلمانيين للعمل السياسي في تونس قرار يعبّر عن إدراكهم بأن الأوضاع بعد الخامس والعشرين من يوليو قد تغيرت، وأن عصر السياحة الحزبية والأحزاب المفتعلة قد انتهى.

وديع النجار

تونس - يفتح إعلان النائب التونسي بالبرلمان المجمد حسونة الناصفي اعتزاله للعمل السياسي الباب لتسرب السياسيين بعيدا عن فشل الأحزاب والكتل البرلمانية في إدارة شؤون البلاد خلال العقد الأخير.

ويرى مراقبون أن سياسيي السياحة الحزبية والأحزاب المفتعلة باتوا يدركون أن عصرهم قد انتهى وأن وقت رحيلهم قد حان، في الوقت الذي خسروا فيه ثقة التونسيين وحضيت قرارات الخامس والعشرين من يوليو التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد بتأييد شعبي واسع، عكس مدى امتعاض الشارع التونسي من الطبقة السياسية.

ويؤكد هؤلاء المراقبون أن صمت الكثير من البرلمانيين يمثل اعترافا ضمنيا بأن وجودهم كان مفتعلا، لافتين إلى أن اعتزال الناصفي لا يعتبر انسحابا شخصيا بقدر تأكيده نهاية المرحلة بالنسبة إليهم.

وأشار الناصفي في تصريحات لوسائل إعلام تونسية إلى عودته إلى عمله في الوظيفة العمومية، بعد الموافقة على طلبه بخصوص إنهاء الإحالة على عدم المباشرة وانقطاعه النهائي عن ممارسة السياسة في تونس.

وكشف الناصفي خلال مداخلة إذاعية أنّ بعض زملائه النواب عادوا كذلك إلى عملهم الطبيعي، على غرار طارق الفتيتي وطارق البراهمي وحاتم المانسي ونبيل حجي.

باسل ترجمان: الأحزاب التونسية أحزاب نفعية ومصلحية لم تحترم وعودها

وهاجم الناصفي خلال تدوينة نشرها على صفحته الرسمية في فيسبوك الطبقة السياسية في البلاد، قائلا إنها خلقت مشهدا سلبيا وساهمت في ترذيل الحياة السياسية.

وأثار قرار الناصفي سخرية التونسيين الذين تساءلوا ماذا سيتغير في المشهد السياسي سواء غادر هو أو غيره؟

ويحمّل التونسيون كل الطبقة السياسية، وفي مقدمتها حركة النهضة، مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية، إذ يتهمونها بالانشغال بكيفية التمكن والبقاء في السلطة طيلة عقد كامل، دون النظر في مشاكل البلاد والبحث عن حلول جدية لها.

ودأب عدد من النواب في البرلمان التونسي المجمد على التنقل من حزب إلى آخر ومن كتلة برلمانية إلى أخرى لتحقيق منافع شخصية، خاصة خلال عمليات التصويت على قوانين جدلية أو منح الثقة للحكومات أو سحبها منها.

وقوبلت هذه الظاهرة التي باتت تسمى بـ”السياحة الحزبية” برفض الشارع التونسي، إذ أفقدت أغلب التونسيين الثقة في الطبقة السياسية والأحزاب، حيث يصوتون وفقا لخطاب معين ثم يتفاجأون بتغير الأمور خدمة لمصالح شخصية في أغلب الأحيان.

وأسست هذه الظاهرة لمشهد سياسي هش يتسم بانعدام الثوابت والابتعاد عن المقاربات الكبرى لدى غالبية الأحزاب، التي باتت محل ازدراء الشارع.

وتصاعد الغضب الشعبي من السياسيين مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي، الذي أثر على الأوضاع الاجتماعية بشكل كبير، حيث انتشرت البطالة وارتفعت معدلات الفقر وانهارت القدرة الشرائية لأغلبية التونسيين.

وشهدت البلاد في الذكرى العاشرة للثورة في يناير العام  الماضي موجة من الاحتجاجات، وتجمعت حشود المتظاهرين في وسط العاصمة حيث رفعوا شعارات تطالب بحلّ البرلمان وتغيير النظام السياسي وشعارات أخرى مناوئة لحركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان لـ”العرب” إن الأحزاب التونسية أحزاب نفعية ومصلحية لم تحترم وعودها. كما عمدت إلى عقد تحالفات وقحة أثارت حفيظة الشارع التونسي، وكبدتها خسارة مصداقيتها وقواعدها الشعبية.

ورغم الانتقادات الشعبية الكبيرة للتحالف الذي عقده الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس مع حركة النهضة سنة 2014، فإن نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس واصل السير على نفس خطى السبسي وتحالف مع النهضة في 2019، رغم تعهداته لمؤيديه بعدم تكرار سيناريو 2014.

المشهد السياسي الحالي لم يعد قادرا على استيعاب شخصيات من نوع حسونة الناصفي لأن التونسيين أعلنوا القطيعة النهائية ضد السياسيين الذين تنكروا لوعودهم الانتخابية

وأضاف الترجمان أن “المراجعات التي يقدم عليها بعض السياسيين في هذه المرحلة والتي تتم بعد الخسارة لا قيمة لها، لأنها لم تسعف التونسيين عندما أشرفت الطبقة السياسية على تهديم الدولة على رؤوسهم”.

وأكد الترجمان أن “الاعتزال الذي أعلن عنه حسونة الناصفي هو قرار في صالحه، لأنه حرق كل أوراقه السياسية في المشهد السياسي المتعفن الذي سبق قرارت الخامس والعشرين من يوليو”، مضيفا أنه من الأفضل له أن يغادر الساحة السياسية، لأن بقاءه سيكون على حساب مصداقيته التي خسرها بعد مشاركته المشينة في حكومة هشام المشيشي”.

وأشار إلى أن المشهد السياسي الحالي لم يعد قادرا على استيعاب شخصيات من نوع حسونة الناصفي، لأن التونسيين أعلنوا القطيعة النهائية ضد السياسيين الذين تنكروا لوعودهم الانتخابية، وتحالفوا مع خصومهم لخدمة مصالحهم الشخصية.

ويُتهم الناصفي الذي كان ينتمي إلى حركة مشروع تونس (ليبرالي) ثم استقال منها، بأنه كان مهندس حكومة المشيشي بالتنسيق مع حركة النهضة وحزب قلب تونس، ويصفه البعض بأنه كان الحاكم الفعلي في الحكومة.

4